العدد 1334 / 24-10-2018
بسام غنوم

لم تتبدل موجة التفاؤل بقرب ولادة الحكومة رغم العقبات والصعوبات التي ساهمت في انحسار جو التفاؤل الذي كان سائداﹰ في الاسبوع الماضي ، حيث جرى ضرب مواعيد محددة لولادة الحكومة ، الا أن شيئاﹰ من ذلك لم يتحقق بسبب التعقيدات الطائفية على المشهد الحكومي ، ان لناحية مايسمى بالعقدة المسيحية وهي في حقيقتها جزء من المواجهة المفتوحة بين التيار الوطني الحرّ وحزب القوات اللبنانية ، أو بالنسبة للعقدة المستجدة و المعروفة بالنواب السنّة المستقلين الذين طالب السيد حسن نصر الله بتمثيلهم في الحكومة الجديدة ، وهو ما أربك عملية التأليف والرئيس المكلف على حد سواء ، فوجد نفسه أمام عقدة تمثيلية مستجدّة بعد تجاوز العقدة الدرزية عبر تفويض رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط للرئيس عون تسوية الوزير الدرزي الثالث من ستة اسماء وضعهم في تصرفه .

والسؤال الذي يطرح نفسه في ضوء اجواء التفاؤل السائدة حالياﹰ : هل ستكون الحكومة الجديدة حكومة وحدة وطنية أم حكومة 8 آذار برئاسة الرئيس سعد الحريري ؟

توحي الاجواء السياسية المصاحبة لمشاورات تشكيل الحكومة أن كل الأطراف السياسية أصبحت مقتنعة بأن الأوان قد آن لتشكيل الحكومة ، وأن الوضع لا يتحمل سواء على الصعيد السياسي و الاقتصادي والاجتماعي مزيداﹰ من هدر الوقت في عملية "الشنتاج" السياسي بين الاطراف السياسية حول توزيع الحصص والحقائب بين مختلف الأطراف ، ولعل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية من قبل الهيئات الاقتصادية والبيئية والشعبية كان لها دور في تليين المواقف لمختلف الأطراف .

لكن القراءة السياسية لمجمل النقاش الجاري حاليا حول تشكيل الحكومة الجديدة يظهر النقاط التالية:

1)الرئيس سعد الحريري يبدو متمسكاﹰ بتفاؤله بقرب تشكيل الحكومة رغم كل الأجواء المتشائمة ، ويؤكد ان "الاتصالات مستمرة لتشكيل الحكومة والموضوع ليس مستحيلاﹰ كما يحاول البعض تصويره ، لافتاﹰ الى أن العقد في طريقها الى الحلّ" .

ورغم هذه الأجواء التفاؤلية ، الا ان ما صدر من مواقف عن رؤساء الحكومات السابقين بعد اجتماعهم في بيت الوسط مع الرئيس الحريري للمرة الثالثة في غضون اسبوع ، الذين توافقوا على عدّة نقاط هي :

1- صمود الرئيس في الازمة ، ومواصلة السعي الى تأليف الحكومة .

2- عدم تقديم تنازلات على حساب صلاحيات رئيس مجلس الوزراء .

3- اذا طالت الازمة ضرورة تفعيل تصريف الأعمال من السرايا .

4- دعم الرئيس المكلف دعماﹰ ثابتاﹰ ، خصوصاﹰ أنه ليس وارداﹰ ان يعتذر عن مهمته ، يكشف حجم الضغوط التي يتعرض لها الرئيس سعد الحريري في عملية المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة .

2)قوى 8 آذار وبعد عملية العزل السياسي ﻠ "حزب القوات اللبنانية" الجارية حالياﹰ من قبلها ، اذ اصبح الرئيس الحريري يفتش عن هذه الوزارة او تلك لاعطائها لحزب القوات ، انتقلت الى مرحلة جديدة في وضع يدها على الحكومة ، وذلك عبر مطالبة السيد حسن نصر الله ﺑ "تمثيل الحالفاء وفق المعايير نفسها التي اعتمدت لبقية الأطراف" ، ويقصد بذلك مايسمى "النواب السنة المستقلين" ، وهو ما أربك الرئيس الحريري ودفعه الى القول : "ليس هناك من عقدة سنيّة ... وفي نهاية المطاف سأبحث في التشكيلة الحكومية مع فخامة رئيس الجمهورية ونقطة على السطر" .

3)قوى 8 آذار تحاول الربط سياسياﹰ بين مواقف الرئيس سعد الحريري والادارة الأميركية لناحية الاصرار الذي يبديه الرئيس الحريري من أجل توزير "القوات اللبنانية" ، ولذلك يبذل الرئيس الحريري جهوداﹰ كبيرة مع القوات اللبنانية من أجل التنازل عن مطالبها الحكومية حتى لا يتهم بأنه يربط عملية تشكيل الحكومة بالعقوبات الأميركية على ايران و "حزب الله" مطلع الشهر القادم .

باختصار ، عملية تشكيل الحكومة تمرّ بمخاض سياسي خطير وحساس ، والرئيس سعد الحريري اصبح في وضع لا يحسد عليه . فهل ستكون الحكومة الجديدة حكومة قوى 8 آذار برئاسة سعد الحريري ؟

بسام غنوم