بلال الطبعوني
عين الحلوة، المخيم الفلسطيني الأكبر في لبنان، الذي يقع قرب مدينة صيدا، والذي يقطنه نحو ثمانين ألفاً من اللاجئين الفلسطينيين.. لا يتوقف الحديث عنه، خصوصاً في هذه الأيام، نظراً إلى تعدد المشاكل داخله، والتوترات التي يعيشها، على الرغم من المحاولات الحثيثة لاحتواء كل ذلك من مختلف الأطراف الفاعلة داخله وخارجه.
موضوع «المطلوبين الإسلاميين» داخل المخيم، ووجود عناصر توصف «بالمتطرفة» و«المهددة» للبلد، يعتبر من أكثر الملفات الشائكة والحساسة.
غير أن اللافت خلال الأيام الماضية، تسليم مجموعة من المطلوبين أنفسهم لمخابرات الجيش، في خطوة رأى فيها الكثيرون بادرة خير لتصحيح أوضاع المخيم، وفرض القوى المعتدلة سلطتها على الوضع الأمني داخله.
ورجّحت مصادر فلسطينية أن تستمرّ عملية تسليم المطلوبين الموجودين في المخيم أنفسهم لمخابرات الجيش اللبناني في الجنوب، من فلسطينيين وغيرهم، خصوصاً من يعتبرون من أنصار الشيخ أحمد الأسير، رغبة منهم في تخفيف العبء والحرج عن القوى الفلسطينية، ولأنهم يرون أنفسهم داخل المخيم كأنهم في سجن كبير، لا يستطيعون التحرك خارجه، كما أنهم لا يستطيعون التحرك داخله بحرية تامة، نظراً إلى وجود القوة الأمنية المشتركة في المخيم، التي تتعاون مع الدولة في ملف المطلوبين.
وأشارت مصادر مطلعة إلى إن المطلوبين الذين يسلمون أنفسهم، يعامَلون معاملة لائقة، في ظل وجود وعود إيجابية من الدولة ورغبة منهم في تسوية أوضاعهم.
ومن بين المطلوبين الذين سلّموا أنفسهم، محمد توفيق طه، نجل قائد «كتائب عبد الله عزام» التابعة للقاعدة، وهو العاشر الذي يسلّم نفسه في غضون أسابيع قليلة، ويُعتبر الأبرز في هذا السياق بعد شقيق الفنان المعتزل (فضل شاكر) محمد شمندر، وشخص آخر من آل درويش. ويتوقع أن يسلم آخرون أنفسهم للجيش في الأيام والأسابيع القادمة، رغبة منهم أيضاً في تسوية أوضاعهم وتخفيف الاحتقان الذي يعكسه بقاؤهم طلقاء داخل المخيم.
من ناحية أخرى، انعكست هذه التطورات إيجاباً وارتياحاً في داخل المخيم وخارجه. فقد أعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، أن الوضع في مخيم عين الحلوة يسير نحو التهدئة، واعتبر إبراهيم ان «الأمور يجب ان تعالج بعيداً عن الإعلام»، مشيراً إلى ان «القوى الفلسطينية إيجابية بموضوع ازالة بؤر التوتر وتسليم المطلوبين»، لافتاً إلى ان «الجيش ليس بوارد دخول مخيم عين الحلوة».
كذلك صرحت فصائل فلسطينية عديدة بأن هذه التطورات تشكل بادرة حسن نيّة، وتوجهاً نحو التهدئة واستتبات الأمن وحلحلة هذا الملف الشائك والعالق منذ مدة، وتسوية أوضاع المخيم بشكل عام.
ويقدّر مراقبون عدد المطلوبين على قائمة المخابرات اللبنانية داخل المخيم بنحو خمسمائة شخص.
وعلى الرغم من ان المخيم لا يخلو من بعض التوترات بين الحين والآخر، إلا أن الوضع بحسب مراقبين يسير نحو الهدوء، وزيادة فعالية وعديد القوة الأمنية المشتركة في المخيم، وتخفيف التوتر مع الجيش، والأحداث الأمنية داخله.
وإذا انتقلنا إلى الوضع الاجتماعي والرؤية العامة لأهالي المخيم، نلمس وجود رغبة قوية منهم لتسوية اﻷوضاع، وعودة الهدوء ووقف الاقتتال، ويرغبون في أن تسفر هذه التطورات إذا اكتملت عن تسهيلات من الدولة اللبنانية، لإدخال مواد البناء وغيرها من المواد الأولية والمعيشية التي يحتاجها المخيم.
كل هذه التوقعات والرهانات ستبقى تكهنات، إلى أن نرى ونلمس تبعاتها وصداها في قادم الأيام على المخيم وأهله، وعلى الوضع الأمني الداخلي اللبناني.