العدد 1376 / 4-9-2019

الرد النوعي الذي نفذته المقاومة الاسلامية بكل المعايير عصر يوم الاحد من خلال استهداف آلية عسكرية اسرائيلية بثلاثة صواريخ مضادة للدروع وادت الى مقتل وجرح من كان داخل الآلية، اثبت لقادة العدو على المستويين السياسي والعسكري ، انه عندما يعد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله برد حتمي من داخل الحدود اللبنانية وباتجاه احد الاهداف العسكرية لجيش الاحتلال الاسرائيلي، فالامر يدركه قادة الكيان الصهيوني وكل الدول الداعمة له، بحيث ان كل ما حصل من تدخلات دولية بدءاً من الادارة الاميركية الى دول اخرى مع دول واطراف وتيارات لبنانية على تواصل مع حزب الله او حليفة له، لم تمنع حصول الرد، خصوصاً ان كل الذين تحركوا في الغرب الى جانب بعض الاجهزة الاخرى، ارادوا من وراء ذلك منع توجيه ضربة كبرى لرئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو قبل ايام من انتخابات الكنيست الاسرائيلي حتى لا يخسر زعيم الليكود مزيداً من الناخبين في كيان العدو خصوصاً ان اغلب التوقعات واستطلاعات الرأي تتحدث عن عدم تمكنه من حصول لوائح الليكود الي انتخابات الكنيست على اكبر عدد من اعضاء الكنيست تخوله اعادة تكلفته بتأليف حكومة العدو.

والاكثر تأثيراً من تداعيات العملية هي حال الهلع والهستيريا والاستنفار الذي بلغه المجتمع الصهيوني وما اصابه من ارباك غير مسبوق على كل المستويات، ومنها مثلاً ارتفاع نسبة بيع بطاقات السفر الى الخارج بنسبة 22 بالمئة، الى عشرات الامور المماثلة.

وكذلك يلاحظ مسؤول عسكري سابق، ان كل ما قام به الاحتلال من اجراءات غير مسبوقة بالتوازي مع تأكيد السيد نصر الله ان العملية ستحصل من لبنان وليس من مكان اخر، لم تمنع تفوق المقاومة على كل اجراءات العدو العقل الاستخباراتي والامني لدى كل الاجهزة العسكرية الاسرائيلية، وهو ما يشير اليه المسؤول الاسرائيلي بالاتي:

1-كان بامكان المقاومة استهداف احد الاهداف العسكرية الاسرائيلية في منطقة الوزاني، لكنها لم تفعل ذلك، عندما اكتشف المقاومون ان الجندي الاسرائيلي الذي عاينه المقاومون ذو بشرة سمراء، وبالتالي من الفلاشة وهذا يعني ان المقاومة كان يمكنها استهداف اكثر من هدف عسكري اسرائيلي لو قررت ذلك.

2-ان قصف الالية العسكرية الاسرائيلية حصل على بعد ما يزيد عن اربعة كيلومترات، من الحدود اللبنانية، رغم كل الجهوزية وحال الاستنفار لدى جيش العدو، وانه بحسب ما نقل عن مصادر المقاومة كان بامكان المقاومين استهداف قوافل الاسعافات لكن المقاومة امتنعت عن ذلك.

4-التعتيم شبه الكامل لدى قادة العدو حول الخسائر التي وقعت في صفوف جنوده، والادعاء بانه لم يسقط اي قتيل او جريح، بينما نقلت كل وسائل الاعلام الخارجية عمليات اسعاف بعض جنود الاحتلال الذين جرى نقلهم الى مستشفى رامبام قرب حيفا.

ماذا يعني نجاح المقاومة بتنفيذ الرد بهذه الدقة والحرفية وشجاعة عالية.

في تأكيد المسؤول العسكري السابق ان الرد بهذه الطريقة يؤكد على جملة حقائق واهمها:

اولا: امتلاك المقاومة قوة الردع، وانها هي من تحدد قواعد الاشتباك وليس العدو الاسرائىلي وبالتالي نوعية الرد الذي نفذته المقاومة سيفرض قواعد اشتباك مختلفة عن تلك التي كانت قائمة قبل العدوان على احد مكامن اقامة عناصر لحزب الله في دمشق وعلى الضاحية الجنوبية ليس فقط من حيث التصدي للطائرات المسيرة بل ستكون له ايجابيات كبرى في كل ما يمكن ان يحصل لاحقا لترسيم الحدود البحرية والبرية، اضافة الى ان العدو من الصعب ان يعمل لاحقا لمحاولة تغيير قواعد الاشتباك الجديدة.

ثانيا: سقوط كل المنظومة الاستخبارية الامنية والسلسلة الضخمة من الاجراءات التي اتخذها الاحتلال وجيشه للحؤول دون تمكن المقاومين من القيام برد على مستوى العدوان الاسرائىلي بل ان الوصول الى موقع «افيفم» على بعد اربعة كيلومترات من الحدود مع لبنان ورغم حالة الاستنفار الشاملة يؤكد ان المقاومة يمكنها اختراق كل الاجراءات لقوات الاحتلال حتى ان كل المعطيات تشير الى ان المقاومة لو ارادت ضرب هدف او اكثر مختلف من حيث المكان والاصابات لكانت فعلت ذلك وانما ارادت افهام العدو انه من غير المسموح تغيير قواعد الاشتباك وفق ما يعتقده قادة العدو.

ثالثا: ان تمكن المقاومة من تنفيذ الوعد الذي قطعه السيد نصرالله في غضون ايام قليلة بالتوازي مع سقوط عنصر المفاجأة بعد افهام العدو وقيادته ان الرد لن يتأخر يؤكد مدى قدرة المقاومة على اختراق كل ما قام به العدو من الاجراءات بما في ذلك المنظومة الاستخبارية.

رابعا: ان الايام المقبلة سينكشف عنها تداعيات جديدة في الداخل «الاسرائىلي» وبالتحديد ما بين القيادتين السياسية والعسكرية حول قدرة المقاومة على اختراق كل ما قام به العدو وبالتالي لا يستبعد ان يتم تحميل المنظومة الامنية الاستخبارية مسؤولية هذا الخرق.

في الخلاصة، يشيد المسؤول العسكري السابق، الى ان ما افضى اليه رد المقاومة من تثبيت قواعد الاشتباك التي يحددها نصرالله لا يسقط في الوقت ذاته احتمالات التصعيد لاحقا خصوصا ان قيادة العدو لن تتخلى عن محاولة تغيير هذه القواعد من جديد.