العدد 1334 / 24-10-2018
قاسم قصير

كشفت المشاورات والاتصالات التي جرت خلال الأشهر الماضية لتشكيل الحكومة الجديدة عن حجم التباينات والصراعات على الساحة المسيحية في لبنان ، فالاحزاب والقوى والشخصيات المسيحية خاضت صراعاﹰ حاداﹰ من اجل تثبيت قوتها الشعبية ودورها السياسي وموقعها في الواقع اللبناني، وقد اعتبرت معظم هذه القوى أن موقعها في الحكومة الجديدة سيكون له تأثير كبير على دورها المستقبلي وعلى صعيد معركة رئاسة الجمهورية المقبلة.

فكيف تتوزع القوى والاحزاب المسيحية اليوم ؟ وما هي ابرز التباينات والخلافات فيما بينها ، والى اين تتجه العلاقة بين هذه القوى في المرحلة المقبلة؟

توزّع القوى المسيحية

بداية كيف تتوزع القوى المسيحية اليوم ؟ وما هي ابرز التباينات والاشكالات بين هذه القوى؟.

تتوزع اليوم القوى المسيحية بين عدة اتجاهات :

اولاﹰ : موقع رئاسة الجمهورية الذي يتولاه العماد ميشال عون ،وهو مؤسس التيار الوطني الحر . وورغم ان رئيس الجمهورية يحاول تقديم نفسه انه لا يتصرف كرئيس للتيار ، لكن علاقته بالتيار هي التي تحكم مواقفه .

ثانياﹰ : التيار الوطني الحر ، وهو الحزب المسيحي الاقوى ، ويعتبر نفسه حامي العهد والمدافع الاول عن رئاسة الجمهورية ، ويطمح رئيسه ان يكون الرئيس المقبل.

ثالثاﹰ : القوات اللبنانية ، وقد فرضت نفسها كاحد اهم الاحزاب المسيحية تنظيما ، ونجحت في الانتخابات النيابية الاخيرة ان تحصد كتلة نيابية كبيرة موزعة على كل المناطق ، كما ان الانتخابات الطالبية أكدت الحضور الشبابي لها ، ورئيسها يطمح لرئاسة الجمهورية ، وان يكون الوارث الاول للتيار الوطني الحر ومؤسسه العماد ميشال عون.

رابعاﹰ : تيار المردة ، الذي حافظ على موقعه ودوره الشمالي مع امتدادات محدودة الى مناطق اخرى ، لكن تحالفات رئيسه الوزير السابق سليمان فرنجية تجعله أحد اهم المرشحين للرئاسة المقبلة ، كما ان التيار لديه علاقات قوية مع القوى اللبنانية وبعض الاطراف الاقليمية والدولية.

حزب الكتائب : وقد تراجع دوره كثيراﹰ وانحصرت كتلته النيابية ما بين المتن الشمالي وبيروت ، ويسعى رئيسه النائب سامي الجميل الى ان يلعب دورا فاعلا ومؤثرا من خلال تبني خيار المعارضة والتحالف مع قوى المجتمع المدني ،وهو يعيش الآن حالة من المراجعة والمراوحة.

وتتوزع بقية القوى والاحزاب والشخصيات المسيحية بين احزاب ضعيفة ( الوطنيون الاحرار والكتلة الوطنية) وبين شخصيات مستقلة تتعاون مع قوى اخرى ، اضافة الى بقايا قوى 14 اذار ( لقاء سيدة الجبل والنائب السابق الدكتور فارس سعيد) ، كما تشكل الاحزاب الارمنية حالة خاصة ، وهناك شخصيات مسيحية تتحرك من خلال قوى المجتمع المدني.

التباينات وافاق المستقبل

فما هي ابرز الخلافات والتباينات بين الاحزاب والقوى المسيحية ؟ والى اين تتجه العلاقات في المستقبل بين هذه القوى؟

في السنوات السابقة كانت القوى والتيارات والاحزابوالشخصيات المسيحية تنقسم عمودياﹰ بين اتجاهين ومحورين : الاول حليف لحزب الله وقوى 8 اذار وهو قريب من سوريا وايران ، والثاني حليف لتيار المستقبل وعلى علاقة قوية مع المملكة العربية السعودية وبعض الدول الغربية ، وكانت الخلافات تدور على الرؤية والمشروع السياسي، لكن معركة الانتخابات الرئاسية خلطت الاوراق ولم يعد هناك انقسام عمودي في البد ، واختلطت التحالفات ، وشهدنا تبني تيار المستقبل لترشيح الاستاذ سليمان فرنجية ، ومن ثم ترشيح العماد ميشال عون واقامة تسوية بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل ، ولاحقاﹰ تبنى الدكتور سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة الاولى ، وتم عقد الاتفاق بين القوات اللبنانية والتيار الوطني ، اما حزب الكتائب وبقايا قوى 14 اذار فكل منها عمل لوحده.

اما اليوم فلم يعد الموقف السياسي هو الذي يحكم الخلافات والتباينات بين هذه القوى ، وباستثناء لقاء سيدة الجبل والنائب السابق الدكتور فارس سعيد الذي تبنى مشروع مواجهة الوصاية الايرانية ، فان بقية القوى تسعى لتعزيز حضورها الشعبي والسياسي وموقعها في السلطة تمهيدا لخوض معركة رئاسة المجهورية المقبلة ، اما على صعيد التحالفات والعلاقات بين القوى السياسية المسيحية ، وبين هذه القوى وبقية الاطراف السياسية في لبنان، فقد اصبحت محكومة بطبيعة الصراع الداخلي ، مع احتفاظ بعض هذه القوى بمواقفها وتحالفاتها السياسية الثابتة.

اذن، نحن اليوم امام عملية خلط للاوراق على الصعيد المسيحي ، ومعركة تشكيل الجكومة الجديدة تشكل محطة جديدة في الصراع بين القوى والاحزاب المسيحية ،وستكشف افاق الوضع المستقبلي لهذه القوى.

قاسم قصير