العدد 1676 /13-8-2025
حسان القطب
القرار التاريخي والاهم في مسيرة زعيم حزب العمال الكردستاني
(عبدالله اوجلان)..بوقف المواجهة العسكرية وحل حزب العمال الكردستاني، والانخراط
في التسوية السياسية التي تقود الىترسيخ الهدوء والاستقرار في تركيا كما في شمال
شرق سوريا، يبدو انه لم يعجب قادة الاكراد في سوريا، اذ ان مواقفهم المعلنة كما
تلك التي تمارس على ارض الواقع تشير الى انهم يحاولون التملص كما التنصل من مضمون
هذا البيان والموقف الذي اعلنه اوجلان..
الولايات المتحدة الاميركية التي قامت بانشاء وتجهيز وحماية ورعاية
تنظيم قسد العسكري، الذي يقوده منظمة سوريا الديموقراطية والمعروفة باسم (مسد)..
وهي بالشكل تضم مكونات كردية وعربية واشورية، لكنها في الواقع تخضع لادارة كردية
كاملة سياسياً وعسكرياً.. وسبق ان وقعت اشتباكات ومواجهات بين المكون العربي
المتمثل بالعشائر العربية ضمن قسد، مع الفصائل الكردية، التي تشكل العصب الاساس في
قوات قسد.. ومساهمة الولايات المتحدة قد اعطت الادارة الكردية حوالي ثلث الاراضي
السورية، ابان حكم النظام البائد وخلال مرحلة الثورة السورية على النظام الساقط..
اي اكثر من الحجم البشري كما من مساحة الانتشار الديموغرافي للمكون الكردي..وكان
من الملاحظ التعاون غير المعلن بين قوات قسد وقوات النظام البائد ابان مرحلة
الثورة، من ضخ النفط والغاز ومن اعطاء النظام حق ادارة مطار القامشلي، الذي يقع
ضمن سلطة قوات قسد، كما في تجنب المواجهة العسكرية مع جيش النظام، وحماية مراكز
وتجهيزات النظام العسكرية، والادارية، والتركيز على مواجهة جيش الثورة السورية،
تحت مسمى مواجهة التطرف الاسلامي وكذلك الاحتلال التركي..
وفي مراجعة لمواقف قادة اكراد سوريا وبالتحديد (مظلوم عبدي)..نرى انه
يتراجع عن الانخراط في عملية التسوية السلمية في سوريا، محاولاً الاستفادة من
الوجود الاميركي في شمال شرق سوريا، ولكن لا بد من الوقوف على المعطيات الجديدة
التي باشرت الادارة الاميركية في ابرازها في المنطقة..فقد:
ابلغت الادارة الاميركية قوات قسد بأنها لن تواصل وجودها العسكري في
شمال شرق سوريا
اكدت الادارة الاميركية لقوات قسد بان عليها التفاهم مع الادارة
السورية الجديدة في دمشق
اوضحت الادارة الاميركية لقادة الاكراد، بان سوريا سوف تبقى موحدة
وان لا دويلات مذهبية او طائفية اوعرقية في سوريا كما في المنطقة..
ولكن قيادة الاكراد كما يبدو والتي اعجبت بمشروع حلف الاقليات الذي
اطلقه حافظ الاسد عام 1970، رغم انه لم يحترم الاقلية الكردية في سوريا كما سائر
الاقليات ايضاً والذي رعته ايران في عهد بشار الاسد..يحاول الاكراد اليوم اعادة
اطلاقه، عندما تم اقامة مؤتمر جمع كل اعداء استقرار سوريا وخاصة بعض قادة العلويين
المرتبطين بالنظام البائد والذين خسروا امتيازاتهم مع سقوط نظام الاسد، والشيخ
الدرزي حكمت الهجري، الذي يطالب بالانضمام الى اسرائيل والانفصال عن سوريا، وبعض
الرموز العربية التي كانت الى جانب الاسد في بطشه وطغيانه، كما طالبت قسد او وافقت
على فتح طريق تواصل بين اسرائيل وشمال شرق سوريا عبر السويداء، وهذا ما لم توافق
عليه الولايات المتحدة كما تركيا والعالم العربي المتمثل بالدور السعودي والقطري
في سوريا..
ما الذي يفعله مظلوم عبدي..
انه يحاول اطلاق حلف الاقليات عبر ضخ المواقف التحريضية مستفيدا من
الدعم الايراني المفترض ومن دور لحزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي،
واللذين خسرا دورهما على الساحتين اللبنانية والعراقية، مع مطالبتهما بتسليم
سلاحهما، ووقف الاعمال العسكرية وتفكيك بنيتهما التحتية التي تزيد من اشتعال فتيل
التفجير في المنطقة.. وزيارة لاريجاني الى العراق ومن ثم الى لبنان تاتي ضمن هذا
السياق، لحماية سلاح الفصيلين والتركيز على استمرار دورهما في ابقاء مشروع حلف
الاقليات قائماً مما يمنع استقرار سوريا ولبنان والعراق، وبالتالي كافة دول
المنطقة..
المكون الكردي له كافة الحقوق في العيش بكرامة واحترام ثقافته
وحضارته وان يمارس دوره السياسي والاجتماعي بكل حرية تحت سقف المواطنة في اي بلدٍ
يتواجد فيه في سوريا او العراق او ايران وتركيا، ويدرك الاكراد ان اتفاقية سايكس
بيكو التي قسمت الشرق الاوسط قد حرمتهم من اقامة دولة كردبة وقامت بتقسيم كردستان
التاريخية بين اربع دول، بطريقة مجحفة، لا يمكن تجاوز هذا الاتفاق حتى تاريخه واكثر
ما يمكن فعله او عمله اليوم هو الانخراط في الاطر الوطنية الموجودة، في كل بلدٍ
يتواجد فيه الكرد، حتى لا يتعرض الحضور والدور الكردي الى التجاهل او التغييب..
والاشارات الاميركية او بالاحرى التصريحات الاميركية، التي اكدت رفض
بناء او اقامة دويلات في سوريا كما في اي بلدٍ اخر تفرض على القادة الكرد اعادة
النظر في سياساتهم ودورهم، والابتعاد عن اثارة النعرات العرقية او التحريض الطائفي
للمكونات الاخرى كالدروز والعلويين والمسيحببن....
ابتعاد الاكراد عن التسوية، يحرمهم مشاريع التنمية التي بدات بالوصول
الى الاراضي السورية، كما يشعر اليوم المكون الدرزي في السويداء الذي وجد نفسه في
حالة انعزال عن سوريا دون ان تتبناه اسرائيل كما كان يتمنى..
والانخراط الموضوعي بعد غياب كامل خلال عهد الاسد واتباعه، قد يؤسس
لمرحلة جديدة.. يستعيد فيها الاكراد دورهم السياسي والثقافي والحضاري بعيداً عن
تحريض ايران واتباعها...التي لا تؤدي الا الى مزيد من الصراعات والمواجهات
المدمرة.. وموقف الزعيم اوجلان انطلق كما يبدو من قراءته الدقيقة لمستجدات الدولية
والاقليمية ومن باب الحرص على تأمين حياة لائقة للاكراد، ولعب دورٍ ايجابي في
المرحلة المقبلة حيث يعم السلام والتفاهم .. الى جانب المكونات الاخرى..