العدد 1693 /10-12-2025
بسام غنوم

أعاد قرار الرئيس جوزاف عون بتعيين السفير سيمون كرم ممثلا مدنيا مفاوضا في لجنة الميكانيزم خلط الأوراق في الساحة السياسية اللبنانية ، حيث أختلفت ردود الفعل على هذا القرار الذي هدف بحسب أوساط سياسية الى كسب بعض الوقت وبسحب فتيل الحرب الواسعة التي كانت تبدو قريبة، لكنه لن يمنع تل أبيب من مواصلة اعتداءاتها وانتهاكاتها لاتفاق وقف الأعمال العدائية، الأمر الذي يبقي الوضع فوق صفيح ساخن.

هذه النقطة بالذات كانت محل تجاذب على الصعيد الداخلي اللبناني حيث اعتبر أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم أن "تعيين لبنان لـ"مدني" بلجنة رقابة وقف النار مخالف للقانون وتنازل مجاني وسقطة إضافية للحكومة"، مضيفاً: "على الحكومة دراسة خطواتها جيداً قبل غرق السفينة بالجميع".

إلا أن موافقة الرئيس نبيه المسبقة على خطوة تعيين السفير سيمون كرم ممثلا مدنيا مفاوضا في لجنة الميكانيزم والتي جاءت "بعد التنسيق والتشاور مع رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، ورئيس الحكومة الدكتور نواف سلام"، حسب البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية يقطع الطريق على كل المزايدات التي صدرت لاحقا من بعد الشخصيات السياسية والحزبية ، والتي يمكن وضعها في إطار تسجيل المواقف لا أكثر ولا أقل ، وفي هذا الإطار كان لافتا الموقف الذي صدر عن الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ، الذي قال بعد اللقاء مع الرئيس نبيه بري في عين التينة : " نواكب ما يجري من تطورات. وسبق وأعطيت رأيي الشخصي في ما يتعلق بالتفاوض، والتفاوض في شتى المجالات أو بالأحرى في شتى الدول مشروع، لكن لا نستطيع أن نقبل بأن يكون التفاوض تحت النار، والأستاذ سيمون كرم الذي عُيّن رئيساً للوفد المفاوض يتمتع بصفات أخلاقية وسياسية معروفة وجيدة وهو مفاوض محنك، نفاوض تحت شعار الانسحاب، وقف إطلاق النار، تثبيت وقف اطلاق النار، وعودة اهل الجنوب إلى قراهم "، وبذلك يمكن القول أن الرئيس عون والحكومة اللبنانية استطاعوا بخطوة تعيين السفير سيمون كرم مفاوضا في لجنة الميكانيزم تخفيف التوتر الذي كان قائما بين لبنان وإسرائيل قبل هذه الخطوة ، والذي وصل إلى حد تعيين مواعيد لعملية عسكرية إسرائيلية كبرى في لبنان وتحديدا بعد زيارة البابا الأخيرة للبنان.

لكن هل قرار لبنان بتعيين السفير سيمون كرم ممثلا مفاوضا في لجنة الميكانيزم ، يعني أن خطر قيام عدوان إسرائيلي واسع على لبنان قد زال وأصبح من الماضي ؟

لايمكن في أي حال من الأحوال القول أن التهديدات الأسرائيلية للبنان قد زالت بعد تعيين السفير سيمون كرم في لجنة الميكانيزم ، لكن يمكن القول أن لبنان كسب بعض الوقت من أجل ترتيب أوراقه الداخلية مجددا بما يسمح للحكومة اللبنانية تنفيذ قرار سحب سلاح حزب الله ، وهو ما أدى الى عودة النشاط السياسي والدبلوماسي الدولي والعربي تجاه لبنان مجددا ، حيث زار لبنان الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، فيما تستعد باريس لاستضافة اجتماع يُعقد في 18 كانون الجاري ، والذي سيضمّ الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس ومستشارة الرئيس الفرنسي آن كلير لوجاندر والموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان، الذين زار كل منهم لبنان في الآونة الأخيرة، وسيشارك في هذا اللقاء ايضاً قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل. وعدا عن أنّ اللقاء سيبحث في الوضع في جنوب لبنان بعد تطعيم لجنة «الميكانيزم» بشخصيتين مدنيتين، وانطلاقها في التفاوض للتوصل إلى حل، إلّا أنّ مشاركة هيكل تعطي إشارة إيجابية تجاه الجيش، خصوصاً أنّ الاجتماع سيبحث في جانب أساسي منه، المؤتمر الذي ستنظّمه باريس الشهر المقبل لدعم الجيش اللبناني، وكان مقرراً انعقاده خلال الشهر الجاري، ولكن الجانب الفرنسي أرجأه لاستكمال التحضيرات في شأنه.

وتأتـي هذه التطورات السياسية الإيجابية تجاه لبنان فيما نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر سياسية إسرائيلية، قولها، إنّ ترامب أوصى نتنياهو «بالانتقال من التهديدات العسكرية إلى الديبلوماسية في غزة ولبنان وسوريا».

لكنها أضافت نقلا عن مصادر ديبلوماسية، أنّ «مهلة ترامب الممنوحة للبنان لتجريد «حزب الله» من سلاحه تنتهي في 31 كانون الأول الجاري». كما لفتت مصادر أمنية إسرائيليّة إلى أنّ «إسرائيل أبلغت إلى لبنان أنّه في حال عدم نزع سلاح «حزب الله» سيتمّ تصعيد القتال».

بالخلاصة لبنان أمام فرصة جديدة لمنع عدوان أسرائيلي جديد على لبنان ، وعلى الحكومة اللبنانية والقوى السياسية الفاعلة وخصوصا حزب الله التعامل بمسؤولية مع التطورات الجارية على الأرض حتى لايدفع لبنان مجددا ثمن جنون نتن ياهو .

بسام غنوم