العدد 1637 /6-11-2024
حسان قطب

حسان القطب

مع كل ازمة يمر بها لبنان سواء كانت طبيعية او نتيجة اعمال حربية.. يقف المواطن عاجزاً حائراً.. ومتسائلاً عن دور الدولة اللبنانية ومؤسساتها في القيام بواجباتها، بالعمل على تقديم يد المساعدة الممكنة والضرورية اللازمة لتجاوز معاناة المواطنين..وهذا اقل الواجب في ان تقوم الدولة بتحضير مؤسساتها وخاصةً المعنية منها بالاغاثة وتقديم الدعم اللازم لرفع مستوى الصمود وتحمل المعانة حتى يتم تجاوز التداعيات الناجمة عن العدوان الذي يتعرض له لبنان اليوم..

العدوان الصهيوني المستمر والمتصاعد والمتفاقم، من اكثر من عام تقريباً.. كشف عن تقصير فاضح وفادح في عمل المؤسسات الرسمية، وكذلك لدى الجهات المعنية في تهيئة البنية التحتية اللازمة لاحتضان المتضررين وبلسمة جراح المواطنين سواء الصامدين منهم في القرى والبلدات التي تتعرض للعدوان، او الذين اضطروا للمغادرة واللجوء الى المدن والقرى الاكثر آمناً..

ظروف العدوان الصهيوني لم تكن مفاجئة، بل إن لبنان بأسره كان يتوقع تطور الامور الى ما وصلنا اليه من حدة القصف والتدمير وباالتالي التهجير.. مع الاعلان عن حرب المساندة، والمشاغلة... من هنا نتساءل ونسأل لماذا لم يتم تحضير مؤسسات الوطن برمته الى جانب المؤسسات الاهلية لتحمل مسؤولية المساعدة والمساندة للمواطنين اللبنانين..؟؟

كلنا يعرف حجم المعاناة التي يعيشها كل اللبنانيين منذ عدة سنوات مع الانهيار المالي والتراجع الاقتصادي واغلاق المصارف، وتعطيل عمل المؤسسات الحكومية، من تغييب موقع الرئاسة الاولى الى العجز الحكومي مع حالة تصريف الاعمال التي تعيشها الحكومة الحالية الى جانب الانقسام السياسي الذي يمنع الحكومة من لعب دورٍ ايجابي او رسم سياسة واضحة المعالم.. اضافةً الى توقف المؤسسات الحكومية عن ممارسة دورها بشكلٍ كامل وايجابي ومعالجة شؤون المواطنين بما يتناسب مع واقع الامر.. ولكن هذا الواقع يجب ان لا يمنعنا من الاستعداد لمواجهة العدوان وتداعياته..لكن مع الاسف حتى الان لم نشهد هذا التحرك المنسجم والمدروس كما يجب لاحتواء الازمة ومعالجة حاجات النازحين في مختلف الميادين..

مع توسع وتطور العدوان الصهيوني، اندفعت الدول العربية لتقديم مساعدات عينية انسانية من طبية الى المواد الغذائية، والخدمات الانسانية الاخرى.. ويشاهد المواطن اعلامياً وصول الطائرات المحملة بالمساعدات التي يتسابق مسؤولون لبنانيون لاستقبالها وشكر الدول المانحة.. ولكن يبقى السؤال الاهم كيف توزع هذه المساعدات واين..؟؟؟

معظم مراكز الايواء في مختلف الاراضي اللبنانية تعلن انها لم تستلم من المساعدات ما يكفي لسد حاجات النازحين.. وكذلك المستشفيات لم تتسلم ما يجب من المساعدات الطبية الضرورية لمعالجة المصابين الذين تجاوز عددهم.. 13000، مصاب...

المطلوب شفافية واضحة في الاعلان عن الكميات التي تم تسلمها.. وبالتالي كشوفات واضحة باسماء الجمعيات والجهات التي تسلمتها.. ومن هي مراكز الايواء والمستشفيات التي وصلتها هذه المساعدات.. وهذه مسؤولية وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية، والهيئة العليا للاغاثة.. وسائر المؤسسات المعنية بالتعاون مع المؤسسات العربية والدولية..

الملاحظات التي يتوقف عندها المواطن هي التالية..

تدخل مرجعيات سياسية في عملية الاستلام والتوزيع.. وهو ما يسيء لعملية الاستلام والتسليم..

يتحدث مراقبون عن وجود بعض المساعدات في الاسواق التجارية وخاصة الطحين..

عدم اصدار كشوفات واضحة وبالارقام حول حجم ما وصل من مساعدات وكيفية توزيعها واين..

عدم الاعلان عن حجم المساعدات الطبية وكيفية توزيعها على المستشفيات والمؤسسات الطبية المعنية..

عدم التنسيق بين المؤسسات المعنية وتعيين مرجعية عليا لها لتنسيق عملها وتظهير وضبط دورها..

إن الانخراط في حربٍ مفتوحة او عملية عسكرية محدودة يتطلب تنظيم البنية التحتية الجاهزة لمعالجة التداعيات..مسبقاً..

الخلاصة

إن ما يقال وما يشاع او يؤكد حول حالة الفساد والهدر في عملية التوزيع وتنظيمها مما يحرم المواطنين النازحين الاستفادة منها وهم بامس الحاجة لها في هذه الظروف الصعبة.. يعكس حقية الوضع اللبناني، والفساد المستشري في الادارة اللبنانية ضمن منظومة الفساد الحاكمة، وهذا المشهد يعزز قلق المجتمع الدولي من ممارسات منظومة الحكم في لبنان التي قادت الوطن الى الانهيار.. ويبدو انها ما زالت على اصرارها في اعتبار ان اي دعم للبنان ومواطنية انما هي معنية بالاستيلاء على بعضه او بالكامل والتحكم بتوزيعه بطريقة او باخرى او بتحويله الى مبالغ مالية في جيوب بعض الازلام والنافذين التابعين لها.. ومن هنا نرى ان انكفاء دول العالم والمؤسسات الدولية عن تقديم الدعم المالي لاخراج لبنان من ازمته له ما يبرره.. وكذلك فإن بعض السياسيين من بقايا الميليشيات التي لا زالت حاكمة الى الان تعتبر بأن كل دعم للبنان هو فرصة لها للتكسب وزيادة ثرواتها على حساب مصلحة الشعب اللبناني.. ولو كان اكثر من ثلث الشعب اللبناني متشرد ونازح ويعيش ظروف صعبة ومرهقة ومدمرة....