العدد 1680 /10-9-2025
بسام غنوم

تجاوز لبنان قطوع سياسي وأمني خطير بعد إكتفاء الحكومة اللبنانية بالترحيب بخطة الجيش اللبناني لسحب سلاح حزب الله والتي قدمها قائد الجيش ردولف هيكل ، وهو ما اعتبر بمثابة إنجاز سياسي للحكومة اللبنانية التي تصرفت بواقعية تجاه الإلتزام بقرار سحب السلاح أولا ، وعدم الدخول في صراع مع الثنائي الشيعي ثانيا ، والتأكيد على الثوابت اللبنانية لجهة أولوية التزام إسرائيل وقف النار والتوقف عن اعتداءاتها والانسحاب إلى خلف الحدود تنفيذاً للقرار الدولي 1701 ثالثا، وبذلك نجحت الحكومة اللبنانية في نزع فتيل التوتر الداخلي ، وفي نفس الوقت تلقت ترحيبا من الإدارة الأميركية والدول العربية للقرار الصادر عن مجلس الوزراء.

لكن هل يمكن القول أن الأمور انتهت على خير وأن سحب فتيل التوتر الداخلي الذي كان قائما بخصوص خطة الجيش اللبناني لسحب سلاح حزب الله ، اصبح وراءنا ؟

لايمكن بأي حال من الأحوال الركون الى أن الأوضاع في لبنان قد هدأت ، وأن قرار الحكومة بالترحيب بخطة الجيش اللبناني لسحب سلاح حزب الله يعني العودة الى الحوار السياسي على طريقة الاستراتيجية الدفاعية الذي كان سائدا في السابق ، لأن ما جرى في جلسة مجلس الوزراء مجرد عملية سحب فتيل للتوتر الداخلي مع الثنائي الشيعي لاأكثر ولا أقل ، ولا يعني بأي حال من الأحوال أن الحكومة اللبنانية بصدد التراجع عن خطواتها لسحب سلاح حزب الله ، وخطوة الحكومة بقرار الترحيب بخطة الجيش اللبناني الذي قدمها العماد ردولف هيكل تعني التزام الحكومة بقرارتها السابقة لناحية سحب سلاح حزب الله ، لكن دون الدخول في مواجهة مع الشارع الشيعي ، وفي نفس الوقت تأكيد التزاماتها للمجتمع الدول لناحية موضوع سحب سلاح حزب الله.

وبناء على ذلك أبلغ وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في اتصال هاتفي إلى نظيره اللبناني يوسف رجي، ترحيب فرنسا بتبنّي الحكومة اللبنانية خطة الجيش لحصرية السلاح بيد الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وأكّد استعداد فرنسا الوقوف إلى جانب السلطات اللبنانية لتنفيذ التزاماتها ودعم الجيش اللبناني.

وأكّد بارو نية الرئيس إيمانويل ماكرون تنظيم مؤتمرين لدعم القوات المسلحة اللبنانية، ولإعادة الإعمار والإنعاش الاقتصادي عندما تتوافر الظروف الملائمة لذلك.

والموقف الفرنسي الداعم للحكومة اللبنانية في قرارتها لم يكن وحيدا ، فقد عقد يوم الأحد الماضي في رأس النّاقورة اجتماع لجنة الإشراف على تطبيق اتّفاق وقف إطلاق النّار، في حضور الموفدة الأميركيّة مورغان أورتاغوس وقائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركيّ الأميرال براد كوبر.

واُفيد ايضاً أنّ الاجتماع كان جيداً وشهد تأييداً للجيش ودعماً له في كل خطواته، من العمليات التي يقوم بها جنوب الليطاني، إلى تنفيذه خطة حصرية السلاح بيد الدولة مع التركيز على تفعيل عمل لجنة «الميكانيزم».

إضافة الى ذلك بعد وصول الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس الى لبنان، يُنتظر أن يصل الموفد السعودي الامير يزيد بن فرحان للقاء الرؤساء الثلاثة، على أن يصل قريباً الموفد الفرنسي جان ايف لودريان، وذلك للإطلاع على الواقع اللبنانيِّ من كثب، وخصوصاً بعد ترحيب الحكومة بخطةَ الجيش لحصر السلاح.

هذه المواقف والتحركات السياسية العربية والدولية تؤكد أن المجتمع الدولي ليس بوارد التراجع الى الوراء فيما يتعلق بسحب سلاح حزب الله ، وأن موقف الحكومة اللبنانية بالترحيب بخطة الجيش اللبناني لسحب سلاح حزب الله لايعني عني بأي حال من الأحوال التراجع أو التوقف عن تنفيذ الحكومة لقراراتها، ولذلك ينبغي قراءة قرار الحكومة بتأن وبواقعية سياسية ، فالحكومة اللبنانية التي التزمت تجاه المجتمع الدولي بقرار سحب سلاح حزب الله لايمكنها التراجع عن موقفها ، لأن مساعدة لبنان سياسيا وأقتصاديا تتوقف على تنفيذ قرارتها كما قال رئيس الحكومة نواف سلام.

بالخلاصة الحكومة اللبنانية أمام تحد كبير ، والأيام القادمة حبلى بالمفاجأت داخليا وخارجيا ، فالتوتر الداخلي يتصاعد ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يقول : " لن نقبل بعد اليوم أن يتحكّم فريق بمصير الشّعب اللّبنانيّ، وليكن معلومًا أنّ أحدًا في لبنان لا يمكنه لوحده أن يحكم ويتحكّم بمصير اللّبنانيّين، وأنّ أيّ فريق مهما تكبّر وتجبّر لا يمكنه أن يهيمن على الدّولة ويصادر قرارها ويفرض قراره ومشيئته.

والجيش الإسرائيلي أعلن «أننا أنشأنا موقع تدريب في شمال إسرائيل بمثابة نموذج عن قرى في جنوب لبنان»، لافتاً الى أنّ «الموقع يتيح لقواتنا التدرب وفق مستويات مختلفة بمشاركة فرق مشاة صغيرة وكتائب تكتيكية مدرعة». فهل لبنان مقبل على حلول أم مواجهات ؟

بسام غنوم