العدد 1558 /12-4-2023

في ظل التصعيد الذي يشهده المسجد الاقصى واعتداءات المستوطنين والشرطة الاسرائيلية على المصلين في المسجد ، شهد الجنوب اللبناني في الاسبوع الماضي تطورا عسكريا خطيرا تمثل باطلاق حوالي 34 صاروخا من منطقة القليلة ( قرب مخيم الرشيدية وجنوب مدينة صور) نحو المستوطنات الاسرائيلية في شمالي فلسطين المحتلة ، وقد أصابت الصواريخ احدى المستوطنات اصابات مباشرة واحترقت محطة وقود واصيب ثلاث مستوطنين بجراح ، وقد رد العدو الصهيوني على القصف باطلاق قذائف مدفعية على المنطقة التي اطلقت منها الصواريخ وحصلت اضرار مادية ولم تسقط اية اصابات بشرية ، كما اغار العدو على قطاع غزة بعد ان اتهم حركة حماس بالوقوف وراء اطلاق الصواريخ ، خصوصا ان العملية تمت خلال زيارة كان يقوم بها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية اى لبنان على راس وفد من الحركة ، لكن حماس نفت الاتهامات .

فما هي دلالات ما حصل ؟ ومن هي الجهات التي تقف وراء اطلاق الصواريخ ؟ وهل يمكن ان يؤدي تدهور الاوضاع في المسجد الاقصى وفلسطين الى اندلاع جبهة الجنوب اللبناني؟

دلالات ما حصل ومن يقف وراء الصواريخ؟

بداية ما هي دلالات ما حصل من اطلاق للصواريخ والرد الاسرائيلي المحدود؟ ومن هي الجهات التي يمكن ان تقف وراء اطلاق الصواريخ؟

لقد شكّلت عملية اطلاق الصواريخ من الجنوب اللبناني باتجاه المستوطنات الاسرائيلية تطورا عسكريا مهما منذ العام 2006 ، فرغم انه تم سابقا اطلاق صواريخ من الجنوب باتجاه العدو الصهيوني ، فقد كان عددها قليلا ولم تعرف الجهات التي اطلقتها ، كما قام حزب الله قبل حوالي السنتين بالرد على غارات اسرائيلية باطلاق عدد من الصواريخ نحو مواقع العدو في مزارع شبعا ، لكن للمرة الاولى يتم اطلاق عدد كبير من الصواريخ وتحصل اصابات مباشرة في المستوطنات الصهيونية ، واهمية الحدث انه تزامن مع التطورات الجارية في المسجد الاقصى والقدس والمناطق الفلسطينية المحتلة .

وفي يوم حصول العملية اعلن رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين : ان استهداف الاقصى سيؤدي الى حرب شاملة في المنطقة ، فيما كانت قيادات المقاومة اللبنانية والفلسطينية تعقد اجتماعات متتالية في بيروت وتؤكد تضامنها ووقوفها الى جانب الشعب الفلسطيني.

ورغم اتهام العدو الصهيوني وبعض الجهات اللبنانية لحركة حماس بالوقوف وراء العملية ، فان الحركة نفت ذلك ، في حين ان حزب الله لم يتبن العملية ولم يعلن اي موقف او ادانة لها وابقى الامور في اطار الغموض ، مع ان مصادر اميركية واسرائيلية وبعض الاطراف اللبنانية اشارت الى احتمال ان يكون للحزب دورا فيها ، في حين ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اعتبر ان وراء العملية جهات غير منظمة وان الجيش اللبناني يحقق بالعملية.

ومن الواضح ان هذه العملية كانت غير عفوية ومرتبطة بالوضع في فلسطين وان قوة العملية وعدد الصواريخ والاصابات المباشرة داخل المستوطنات تؤكد وجود جهات متعددة خلفها وانها رسالة مباشرة من قوى المقاومة نحو العدو الصهيوني ، وان عدم تبني العملية الهدف منه ابقاء حالة الغموض عليها.

الرد الاسرائيلي واحتمال فتح جبهة الجنوب

لكن ماذا عن الرد الاسرائيلي على العملية؟ وهل يمكن ان نشهد فتح جبهة الجنوب مجددا تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودفاعا عن المسجد الاقصى؟

لقد حرص العدو الصهيوني على ابقاء رده على العملية في لبنان بشكل محدود وموضعي ولانه لا يريد فتح جبهة جديدة الى جانب الجبهة داخل فلسطين وفي مواجهة سوريا ، كما ان العدو يدرك ان اي رد واسع قد يؤدي لرد كبير من حزب الله والمقاومة الاسلامية وهذا سيدفع المنطقة الى حرب شاملة.

وفي المقابل وجه العدو الصهيوني بعض الضربات العسكرية المحدودة الى قطاع غزة وردت قوى المقاومة على اعتداءات العدو وهددّت بتصعيد الموقف ، لكن جرت اتصالات دولية واقليمية لمنع تدهور الاوضاع بشكل واسع .

ومن الواضح ان العدو الصهيوني يخشى انزلاق الاوضاع نحو حرب شاملة وواسعة في المنطقة وفتح كل الجبهات ضده ، لكن في المقابل فان قوى المقاومة اكدت انها لن تسكت على استمرار استهداف المسجد الاقصى والقدس والشعب الفلسطيني وان استمرار الاعتداءات قد يشعل كل المنطقة .

نحن اذن امام مرحلة دقيقة وخطيرة وكل الاحتمالات واردة وقوى المقاومة في حالة تأهب وفي حال استمر التصعيد الصهيوني داخل فلسطين وفي المنطقة فان قوى المقاومة لن تبقى هادئة مما يعني ان كل الخيارات متوقعة ولن يكون الجنوب اللبناني بعيدا عن التصعيد ، والقرار يعود لقوى المقاومة اولا واخيرا.

قاسم قصير