العدد 1520 /20-7-2022

يبدو ان الساحة اللبنانية التي تعيش في ظل مجموعة كبيرة من الازمات التي يتعذر حلها حاليا ولاسيما فيما يتعلق بالموضوع الحكومي الذي يبدو مؤجلا حتى اشعار آخر لانه دخل في نفق الخلافات والحسابات السياسية المرتبطة بالاستحقاق الرئاسي اللبناني، قد تشهد تطورات مرتبطة بالصراعات الاقليمية والدولية القائمة في المنطقة حاليا والمرشحة للتصعيد في الفترة القادمة.

فعلى الصعيد السياسي كان لافتا البند المتعلق بالوضع في لبنان بالبيان الصادر عن قمة جدة للأمن والتنمية التي حصلت «بدعوة من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، ومشاركة قادة دول مجلس التعاون، والأردن، ومصر، والعراق، والولايات المتحدة، هدف تأكيد شراكتهم التاريخية، وتعميق تعاونهم المشترك في جميع المجالات».

إذ جاء في الشقّ اللبناني من البيان المشترك أنّ المشاركين عبّروا عن «دعمهم لسيادة لبنان، وأمنه واستقراره، وجميع الإصلاحات اللازمة لتحقيق تعافيه الاقتصادي، ووجهوا دعوة لجميع الأطراف اللبنانية لاحترام الدستور والمواعيد الدستورية، ودعم دور الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في حفظ أمن لبنان، والتأكيد على أهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية».

ولم يغب رد "حزب الله" كثيرا عن مضمون هذا البيان فقال النائب محمد رعد في احتفال فعاليات "الأربعون ربيعا" لتاسيس "حزب الله" : "نحن الشعب اللبناني أسياد هذا البلد ونحن الذين نرسم سياساته وفق مصالح أبنائنا وأجيالنا المقبلة وليس وفق البرامج التي تعدها الغرف السوداء. سيكتشف هؤلاء أن الرهان على العدو الإسرائيلي بإخضاع منطقتنا هو رهان عابث لا طائل منه وأن العدو الإسرائيلي لا مكان له في منطقتنا".

اما على الصعيد الامني فيبدو ان طبول الحرب التي بدأت تقرع طبولها في المنطقة خصوصا بين ايران والعدو الصهيوني بخصوص البرنامج النووي الايراني بدأ صداها يسمع في لبنان حيث اعتبر السيد حسن نصر الله في كلمة له بمناسبة ذكرى حرب تموز إنّ "مسألة ترسيم الحدود مصيرية، وهي الطريق الوحيد لإنقاذ لبنان وشعبه، ولا نمارس فيها الحرب النفسية". وأضاف السيد نصر الله: "لنكن كلبنانيين على موقف واحد نُسمعه للإسرائيلي بعيداً عن الأزقة والخلافات"، مؤكداً أنّه "إذا كان الخيار عدم مساعدة لبنان ودفعه باتجاه الانهيار ومنعه من استخراج الغاز، فإنّ التهديد بالحرب، بل والذهاب إليها، أشرف بكثير".

وهنا يطرح السؤال التالي : الى اين يتجه الوضع في لبنان في ظل لعبة الامم الجارية في المنطقة ؟

لايختلف اثنان ان ما يعيشه لبنان حاليا من ازمات اقتصادية وسياسية له سببان ، سبب داخلي مرتبط بالفساد السياسي والمالي الذي ضرب لبنان منذ البدء بتطبيق اتفاق الطائف في العام 1993 وما رافقه من صفقات وسمسرات وتسويات على حساب اللبنانيين ومستقبل اولادهم تحت عنوان اعادة اعمار لبنان وهو ما ادى الى خراب لبنان حيث وصل الدين العام حاليا الى ما يقارب ال 100 مليار دولار فضلا عن انهيار القطاع المصرفي الذي كان على الدوام عنوان نجاح لبنان الاقتصادي ، حتى وصل الحال في هذه الايام الى عجز الدولة حتى عن تأمين الكهرباء للبنانيين الذين دفعوا اكثر من اربعين مليار دولار لدعم قطاع الكهرباء منذ العام 1993 وحتى يومنا هذا والنتيجة اليوم صفر تغذية كهربائية للمواطنين.

وملف الفساد في لبنان الذي يعترف ويقر به كل المسؤولين الحاليين والسابقين يتحمل مسؤوليته من تعاقب على السلطة في لبنان بعد اتفاق الطائف وحتى الان ، ولا يمكن ان نستثني احد من المسؤولية عن هذا الملف الذي كان سببا في انهيار لبنان حاليا .

اما السبب الثاني فهو مرتبط بالصراع القائم في المنطقة ومحاولة فرض توجهات سياسية وثقافية في لبنان تخدم السياسات الاميركية والاسرائيلية في المنطقة سواء لناحية التطبيع السياسي والاقتصادي والثقافي مع العدو الصهيوني ، او لناحية جعل لبنان جزأ من محور آخر يريد فرض هيمنته تحت عناوين مختلفة مستغلا حالة الضعف والتشرذم التي تعيشها امتنا العربية والاسلامية.

هذا الواقع يدفعنا الى التساؤل هل سيذهب لبنان في قادم الايام الى الحرب في حال انفجر الصراع بين العدو الاسرائيلي وايران على خلفية المشروع النووي الايراني ؟ ام ما يجري من تحركات ومواقف وتهديدات يطلقها قادة العدو الصهيوني و المسؤولين الايرانيين مجرد مناورات كلامية لا أكثر ولا اقل من اجل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية لمختلف الاطراف بعد الاتفاق على الملف النووي الايراني ؟

بالخلاصة يمكن القول لا أحد يمكنه الجزم بما ستؤول اليه الاوضاع في لبنان والمنطقة في ظل حالة التجاذب القائمة حاليا ، فكل الاحتمالات واردة والحرب في المنطقة قد يشعلها فتيل صغير سواء في جنوب لبنان او في مياه الخليج العربي ، وقد تتحقق مفاجأة كبرى وتنجح اميركا وايران بالتوصل الى اتفاق حول الملف النووي الايراني خصوصا ان خيوط التواصل بين الطرفين مازالت قائمة ولم تصل الامور الى حد القطيعة.

وحتى ذلك الحين لا يمكننا الا القول اعان الله لبنان واللبنانيين حتى تنقضي هذه المحنة التي يعيشها لبنان حاليا ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

بسام غنوم