العدد 1379 / 25-9-2019
بسام غنوم

يحتل الوضع الاقتصادي المتردي في لبنان قائمة الاهتمامات للقوى السياسية اللبنانية وللجهات الدولية المهتمة بالوضع اللبناني . وهذا الاسبوع كان لبنان على موعد مع زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون مكافحة الارهاب مارشال بيليغسلي , الذي لخص مهته بتشجيع "لبنان على اتخاذ الخطوات اللازمة للبقاء على مسافة من "حزب الله" وغيره من الجهات الخبيثة التي تحاول زعزعة استقرار لبنان ومؤسساته" كما قال . وقد ترافق وصول الوفد الأميركي الى لبنان مع حمى ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق اللبنانية وخصوصا بين محلات الصرافة وقد انعكس ذلك ايضا على عمليات التحويل من الليرة الى الدولار في المصارف حيث ترفض بعد المصارف اجراء عمليات التحويل للعملاء من الليرة الى الدولار وهو ما أثار بلبلة كبيرة في السوق دعت حاكم مصرف لبنان الى الاعلان ان الدولار متوافر ولا حاجة للخوف والهلع .

وقبل زيارة بيلنغسلي الى لبنان كانت زيارة حاطفة للرئيس سعد الحريري الى السعودية وفرنسا من أجل تحريك أموال مشاريع سيدر, وكان لافتا من نتائج زيارة الرئيس الحريري الى فرنسا حالة عدم الثقة التي يبديها المجتمع الدولي تجاه السلطات اللبنانية لناحية ادارة المشاريع والاستثمارات وخصوصا سياسة المحاصصة المتبعة في تقاسم المشاريع بين القوى السياسية في الحكومة , وبرز ايضا موضوع مشاركة الشركات والجهات المقربة من "حزب الله" في مشاريع سيدر حيث تبلغ الرئيس الحريري من الرئيس الفرنسي ماكرون رفض فرنسا والجهات الممولة لمشاريع سيدر لأي مشاركة من قرتيب او بعيد بهذه المشاريع , وهو ما يترك اكثر من علامة استفهام حول الوضع الاقتصادي للبنان حيث تبدي الولايات المتجدة الأميركية وكذلك فرنسا والجهات الممولة لمشاريع سيدر حرصا كبيرا على محاصرة "حزب الله" والجهات المقربة منه اقتصاديا , وهو ما يفسر جزءا كبيرا من الحالة الاقتصادية المتردية التي يعيشها لبنان حاليا .

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : الى اين يتجه الوضع الاقتصادي في لبنان في ظل حالة الصراع المتفاقمة في المنطقة ؟

تبدو المنطقة على فوهة بركان , وخصوصا في ظل الصراع المحتدم بين السعودية والامارات والولايات المتحدة من اليمن الى العراق وسوريا وصولا الى لبنان من جهة اخرى , وادت الهجمات الأخيرة على مصافي النفط التابعة لشركة آرامكو في السعودية التي اتهمت ايران بالوقوف خلفها من قبل السعودية وبريطانيا واشارت الجهات الأميركية الاستخباراتية الى احتمال تورط ايران بالهجمات على آرامكو الى تشديد العقوبات الاقتصادية على ايران من قبل الولايات المتحدة عبر فرض عقوبات جديدة على البنك المركزي الايراني وهو ما يحرم ايران من القدرة على الوصول الى الاسواق المالية العالمية ومن الأموال الايرانية الناتجة من مبيعات النفط الايراني . ويبدو أن فرض العقوبات على البنك المركزي الايراني هو الرد الأميركي غير المباشر على استهداف مصافي آرامكو في السعودية , وأن السلاح الاقتصادي هو المفضل حاليا مع استبعاد الادارة الاأميركية والرئيس ترامب اللجوء الى الخيار العسكري حاليا لأنه يعتبر العقوبات الأميركية على ايران فعالة جدا .

في ظل هذه الاجواء الاقليمية المتوترة الى حد احتمال الانفجار الكبير في اية لحظة , يبدو لبنان اسير اللعبة الاقليمية الجارية في المنطقة بكل مافي الكلمة من معنى .

فحزب الله لا يكف عن توجيه التهديدات الى السعودية والامارات في الاطلالات المتعددة للسيد حسن نصر الله ووصل الامر به الى القول أن النظام السعودي شاخ وقد يسقط , فضلا عن حديثه المتكرر من دولة الامارات الزجاجية وهو كلام كان له صدى اثناء لقاءات الرئيس الحريري في السعودية وفرنسا حيث اضافة الى الشروط المطلوبة من لبنان على صعيد الاصلاحات الاقتصادية تبلغ الرئيس الحريري من السعودية وفرنسا ضرورة ضبط دور الحزب وتقييد حركتة وهم يعتقدون ان ذلك ممكن لوشاء الافرقاء السياسيون ذلك , بدلا من الاستسلام للأمر الواقع .

وتأتي زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون مكافحة الارهاب في سياق الضغوط على ايران و "حزب الله" باعتباره اداة للسياسة الايرانية في لبنان وتشديده على أن "الولايات المتحدة ستعاقب اي فريق يقدم دعما عينيا "لحزب الله" , سواء عبر الأسلحة أو أي وسائل مادية أخرى" , وأن "العقوبات تستهدف ايران واتباعها في المنطقة" لتصب في الاتجاه العربي والدولي القائم على محاربة ايران .

باختصار , لبنان في عين العاصفة الاقليمية التي تضرب المنطقة , والحرب الاقتصادية عنوانها الأبرزفهل يصمد الاقتصاد اللبناني في مواجهة هذه الحرب ؟

بسام غنوم