العدد 1670 /2-7-2025

يطغى موضوع سلاح حزب الله على ماعداه من الملفات اللبنانية الأخرى سواء ما يتعلق منها بالشأن الداخلي المرتبط بالاصلاحات السياسية والإدارية التي يبدو انها ما زالت تدور في الحلقة المفرغة نفسها حيث الأولوية للحسابات الطائفية والمذهبية على حسابات الكفاءة والنزاهة ، وما نشهده من خلاف على تعيين نواب حاكم مصرف لبنان و المدعي العام المالي بين الرئيس نبيه بري ووزير العدل وغيرها كثير من الأمور يؤكد ان لبنان لم يتغير فيه شيء على الصعيد الداخلي ، والصرخة التي اطلقها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان خلال الاحتفال الديني الذي أقامه  "اتحاد جمعيات العائلات البيروتية”، لمناسبة عودة الحجاج من أداء فريضة الحج، في قاعة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مسجد محمد الأمين وسط بيروت، والتي أكد فيها أن "لا دولة في لبنان من دون المسلمين والمسيحيين بمختلف مذاهبهم في الحقوق والواجبات، وأي تهميش أو استبعاد للمسلمين السنة أمر مرفوض ونحن له بالمرصاد”.

  تظهر أن الأمور في لبنان لاتسير على مايرام على الصعيد الداخلي ، وأن هناك حالة من الأمتعاض و خيبة الأمل من الطريقة التي تسير بها الأمور في لبنان من قبل المسؤولين في الدولة ، وهذا الموقف للمفتي دريان من ما يجري ليس بجديد فقد سبقه قبل ذلك موقف آخر قال فيه : «كلنا يشعر بأن المسار شديد البطء، ويتخلله الكثير من الصعاب، ومن التذكير ببقاء المحاصصات، والفساد، والتجاوز للدستور والقوانين، لكننا، نبقى شديدي الأمل، ونتطلع إلى أن يكون هذا النهج الجديد للحكومة ورئيسها فاعلا حقا في الإصلاح وصنع الجديد والمتقدم. البطء مزعج، والأكثر إزعاجا الظواهر السلبية التي تذكر بالعهد السابق، ولكن ما آن الأوان بعد لعودة الإحباط وترجيح سوء التقدير والتدبير».

هذه المقدمة ضرورية قبل البدء بالحديث عن موضوع سلاح حزب الله الذي هو محل تجاذب بين الدولة اللبنانية وحزب الله والولايات المتحدة الأميركية التي تطالب الحكومة اللبنانية بنزع سلاح حزب الله وتسليمه للدولة كشرط أولي لمساعدة لبنان سياسيا وإقتصاديا .

لكن الخلاف حول موضوع سلاح حزب الله الذي يجري تداوله داخليا وحول الشروط الأميركية وغيرها من الأمور، هو غير ذلك بالتأكيد لأن النقطة الاساس في موضوع سلاح حزب الله هي ما تريده الدولة اللبنانية في هذا الموضوع بالذات .

هل تريد الدولة ان تستخدم الخلاف حول تسليم سلاح حزب الله للدولة كما تطالب الولايات المتحدة الأميركية من أجل استكمال الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان ام ان هناك امورا أخرى ؟

هل حزب الله مستعد لتسليم سلاحه للدولة اذا انسحب العدو الاسرائيلي من جنوب لبنان ؟

سلاح حزب الله هل هو قضية لبنانية داخلية ام هو شأن اقليمي مرتبط بالصراع حول المشروع النووي الإيراني ؟

وهناك سؤال آخر على قدر كبير من الأهمية وهو هل يرضى حزب الله بتسليم سلاحه للدولة وهو الذي يعتبر هذا السلاح الضمانة الحقيقية للطائفة الشيعية ولوجوده في لبنان ؟

 الاجابة على هذه الاسئلة ضروري سواء من قبل الدولة أو من قبل القوى والاحزاب اللبنانية ، لأن الطريقة التي يتم بها معالجة موضوع سلاح حزب الله والمطالب الأميركية من قبل الرؤساء الثلاثة طريقة تقليدية او بكلام آخر على الطريقة اللبنانية التي تستخدم تعبير " تدوير الزوايا " للالتفاف على اي موضوع داخلي او خارجي وهذا الأمر هو الذي اوصل لبنان واللبنانيين الى مرحلة خراب الدولة وتفشي الفساد .

فالرؤساء الثلاثة جوزاف عون ونبيه بري ونواف سلام قرروا تشكيل لجنة مشتركة ضمّت كلاً من ديديه رحال وجان عزيز وربيع شلهوب، عن رئيس الجمهورية، وعلي حمدان عن رئيس المجلس، وفرح الخطيب عن رئيس الحكومة. وكُلفّت هذه اللجنة إعداد الأجوبة عن الأسئلة التي تضمنتها ورقة الموفد الأميركي توم براك ورفعها إلى الرؤساء الثلاثة ليطلعوا عليها ويقرّوها في صيغتها النهائية تمهيداً لتسليمها له عند عودته المقرّرة خلال الأسبوعين المقبلين. وقد عقدت هذه اللجنة لهذه الغاية اجتماعاً دام 5 ساعات وأُعدّت المسودة الأولى للأجوبة المطلوبة.

وهذا الأمر يبدو ظاهريا موضوعي لكنه عمليا لايقدم ولا يؤخر لأن الدولة عليها انتظار رد وموافقة حزب الله الذي يبدو أن له حسابات أخرى داخليا وخارجيا.

بالخلاصة لبنان امام تحد كبير وعليه أن يحسم مرجعية الدولة في كل الأمور بعيدا عن سياسة المحصصات الطائفية والمذهبية ، وإلا فإن لبنان على موعد مع حرب جديدة في فصل الصيف كما يقول الكثير من الدبلوماسيين العرب والأجانب .

بسام غنوم