العدد 1679 /3-9-2025
بسام غنوم
يحتدم السجال حول موضوع السلاح على الساحة اللبنانية
بشكل اصبح يهدد السلم الأهلي في لبنان ، خصوصا مع دخول العاملين الاسرائيلي
والأميركي على خط السجال حول سحب سلاح حزب الله ، وهو ما مثل تحد كبير للحكومة
اللبنانية التي تتمسك بسحب سلاح حزب الله لاعتبارات تتعلق بحصر السلاح بالسلطة
الشرعية أولا ، وللطلب الى المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية بالضغط على
العدو الاسرائيلي بالأنسحاب من جنوب لبنان ثانيا ، والحصول على مساعدات مالية
واقتصادية لإعادة إعمار ما هدمته اسرائيل ، والنهوض بإقتصاد لبنان ثالثا.
لكن الخلاف القائم حول موضوع سلاح حزب الله اخذ أبعادا
مذهبية وطائفية داخليا خطيرة مع رفض حزب الله حتى فكرة مناقشة سحب سلاحه ،
واعتباره هذا السلاح ليس فقط لمقاومة العدو الاسرائيلي الذي يهدد لبنان ، بل هو
ايضا لحماية الطائفة الشيعية المهددة من باقي الطوائف اللبنانية ، وهو ما عبر عنه
أيضا الرئيس نبيه بري في خطابه بمناسبة ذكرى إختفاء الإمام الصدر بالقول : «حذارِ
أن يجتمع الجهل والتعصب ليصبح سلوكاً لدى البعض، فهو الطريق إلى الخراب، فالإستسلام
للحقد والحاقدين والإنقياد خلفهما يحجب الرؤية عن معرفة من هو العدو الحقيقي
للبنان واللبنانيين. حذارِ ثم حذارِ من خطاب الكراهية الذي بدأ يغزو العقول وتُفتح
له الشاشات والمنابر والمنصات، فالعقول الشيطانية أخطر على لبنان من سلاح المقاومة
الذي حرّر الارض والإنسان وصان الكرامة والسيادة الوطنية» .
وفي مقابل موقف الثنائي الشيعي الرافض بالمبدأ لموضوع
سحب السلاح بإعتباره كما قال الرئيس نبيه
بري هو "عزّنا وشرفنا كلبنان " ، تبرز المواقف الأميركية والاسرائيلية
التي تهدد لبنان في حال لم تستطع الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار سحب سلاح حزب الله
، وفي آخر المواقف ما ورد خلال مقال رأي نشرته صحيفة "التليغراف"
البريطانية بقلم مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون، الذي اعتبر أن
"تحرير لبنان من حزب الله، هو السبيل للسلام في الشرق الأوسط، وأن الغرب يجب
أن يساعد بطرق أخرى في جهود التخلص من إيران ووكلائها ونفوذهم خاصة وأن قوات
"اليونيفيل" يفترض أن تنسحب بحلول نهاية 2026".
وتابع: "هذا يعني أن الدول الغربية، بعد أن تخلّت
عن اليونيفيل حسنة النية ولكنها غير فعّالة، يجب عليها الآن إيجاد سبل ثنائية
للمساعدة في تعزيز الجيش اللبناني والسلطات المدنية اللبنانية. علاوة على ذلك،
ومهما كان الأمر مؤلما، يجب على لبنان مواصلة التعاون الوثيق مع إسرائيل، سواءً
لتأمين الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان أو لنزع سلاح حزب الله " .
وهذه المواقف الصادرة عن جون بولتون تنسجم مع سلسلة من
المواقف الصادرة عن مسؤولين أميركيين وأسرائيليين وكلها تصب في دعم قرار الحكومة
اللبنانية بسحب سلاح حزب الله ، والتي وصلت الى حد التهديد بقيام اسرائيل بعدوان
جديد على لبنان بدعم أميركي من الآن وحتى نهاية السنة الحالية ، وهذه هي الخطة ب
كما قال السيناتور الأميركي ليندسي غراهام بعد زيارته لبنان في الأسبوع الماضي في
حال لم تستطع الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار سحب سلاح حزب الله .
هذه الوضع الحساس داخليا وخارجيا يضع لبنان والحكومة
اللبنانية أمام مأزق داخلي وخارجي كبير ، فلا هي قادرة على الدخول في نزاع داخلي
مع الطائفة الشيعة لنزع سلاح حزب الله بعدما أعتبر الرئيس نبيه بري أن السلاح
" هو عزّنا وشرفنا كلبنان " ، ولا هي قادرة على تحمل الضغوط الكبيرة
التي تفرضها عليها التهديدات الاسرائيلية بضرب لبنان ، والمواقف الأميركية
والعربية التي تربط بين مساعدة لبنان وسحب سلاح حزب الله.
بالخلاصة يمكن القول لبنان واللبنانيين عالقون في عنق
الزجاجة إن صح التعبير، ولا حل إلا بإنسحاب إسرائيل من النقاط الخمس المحتلة
بالجنوب ، والتوقف عن الإعتداءات اليومية على لبنان أولا ، والإلتزام بقرار
الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة ثانيا، والتوقف عن استخدام لغة التهديد الطائفي
والمذهبي ثالثا ، وإلا فإن الاستمرا ر بهذه الدوامة يعني خراب لبنان .
بسام غنوم