وائل نجم

 من جديد عاد مخيم عين الحلوة إلى واجهة الأحداث من خلال تجدد الاشتباكات في المخيم بين محسوبين على حركة فتح ومجموعات مسلحة تابعة لأشخاص مطلوبين أو «متشددين». وهذه المرة اندلعت الاشتباكات بين حركة فتح ومجموعة محسوبة على المدعو بلال العرقوب، وتطور الأمر إلى اشتباكات مع مجموعة أخرى محسوبة على المدعو بلال بدر الذي دارت بينه وبين فتح اشتباكات عنيفة خلال شهر نيسان الماضي.
خلفية الاشتباكات هذه المرة غير واضحة، ولكن الروايات المتضاربة تتقاذف المسؤولية بين حركة فتح ومجموعة بلال العرقوب، وقد حاولت فتح أكثر من مرة الدخول إلى حي الطيري الذي يتمركز فيه بلال العرقوب، ولكن المحاولات لم تفلح بشكل كامل بسيطرة من فتح على الموقف، وظل الأمر يراوح بين المد والجزر بين الطرفين فيما يدفع سكان المخيم من اللاجئين الثمن، كما يدفع الثمن جوار المخيم الذي يطاوله ما يجري هناك.
اللافت في الأمر أن الاشتباكات هذه المرة تزامنت مع إعلان قيادة الجيش انطلاق معركة تحرير جرود راس بعلبك والقاع، وقد جرى تناقل معلومات عن تحذير من قيادة الجيش للمجموعات التي تتهم بارتباطها مع «تنظيم الدولة» أو «جبهة فتح الشام» من أي تحرك يعرقل معركة الجيش في الجرود، كذلك كانت هناك مواقف من قيادات فلسطينية في المخيم توعّدت هذه المجموعات بالهزيمة، في مقابل حديث عبر بعض وسائل الإعلام عن اتصالات تلقاها بعض المطلوبين في المخيم تطلب منهم الاستعداد للقيام بعمل ما في الايام المقبلة، في ضوء تطور معركة الجرود.
إن المراقب لهذه المواقف وتلك يمكن أن يقول إن المسألة تتعلق بعملية إلهاء من كلا الطرفين للآخر بانتظار حسم معركة الجرود، بحيث إن تلك المجموعات لا تقدم على عمل كبير يمكن أن يجعل الجيش يلتفت عن معركته الاساسية. وفي مقابل ذلك أيضاً، يمكن القول إن المسألة تتصل بإقدام تلك المجموعات على محاولة تشتيت تركيز الجيش ولكنها لا تملك إمكانية لتحويل مسار ومصير المعركة أكثر مما قدّمت نتيجة الموقف الفلسطيني الموحد من قبل كافة الفصائل الفلسطينية لمنع انزلاق المخيم إلى حالة فوضى عارمة تجعله يدفع أثماناً لإشكالات هو غير مسؤول عنها.
إلا أنه بعيداً عن ذلك، وفي سياق التدقيق بما يجري في محطينا العربي، وما يخطط للقضية الفلسطينية من محاولات لشطبها، خاصة من خلال محاولة شيطنة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تحديداً، باعتبارها اليوم العمود الفقري للصمود الفلسطيني، يمكننا القول إن ما يجري في مخيم عين الحلوة بين الفترة والأخرى، وبغض النظر عن الجهة التي تفتح الاشتباكات أو ترد على عملية الحسم، فإن الهدف من كل ذلك هو تصفية مخيم عين الحلوة باعتباره عاصمة الشتات الفلسطيني، وذلك في سياق تصفية القضية الفلسطينية، وإذا أدركنا أن المخيم لا يزال عقدة كأداء بالنسبة إلى المتآمرين على القضية لناحية إلغاء حق العودة، فإن الخلاص من المخيم يعني الانتهاء من حق العودة، وبالتالي التقدّم خطوة إضافية على طريق إنهاء القضية الفلسطينية وتصفيتها، وبالطبع فإن بعض القوى في الداخل اللبناني لها مصالح في ذلك كما لبعض القوى الفلسطينية مصالح في هذا الأمر. ما يشهده مخيم عين الحلوة في هذه الفترة يضع القيادات الفلسطينية في لبنان والخارج أمام مسؤولياتها، ويدعو القوى المخلصة للقضية الفلسطينية للحذر من المخططات المشبوهة، ويستدعي من الجميع التنازل قليلاً من أجل الحفاظ على هذه القضية حيّة ومتفاعلة حتى لا تضيع الحقوق، وبانتظار أن تتبدّل الظروف التي تتيح للاجئين العودة إلى قراهم ومدنهم ومقدساتهم.}