العدد 1425 / 19-8-2020

مع اشتداد حدة المواجهة السياسية والشعبية مع الطبقة السياسية الحاكمة بعد انفجار المرفأ في 4 آب الجاري والاهتمام الدولي والعربي الكبير بلبنان سواء لناحية اعادة اعمار ما تهدم نتيجة انفجار بيروت او لناحية ضرورة تطبيق الاصلاحات السياسية والاقتصاية المطلوبة لخروج لبنان من ازماته المتشعبه، خصوصا بعد استعقالة حكومة حسان دياب ، بدأت الطبقة السياسية الحاكمة ولا سيما "حزب الله" والتيار الوطني الحر وفريقهم السياسي الحديث عن امكانية عودة الحرب الاهلية الى لبنان ، واعتبر السي نصرالله ان هناك من اراد اسقاط الدولة بعد انفجار المرفأ ، ووصف اللبناني بانه "حيوان ناطق سياسي" ورفض التحقيق الدولي وحكومة حيادية ، "لاننا لا نؤمن بوجود حياديين في لبنان" ، وانعكس هذا الموقف على حلفاء "حزب الله" في لبنان فخرج جبران باسيل ليقول :"ما تجرونا لمحل ما منريده، نحن أوادم بس مش ضعاف، نحن مش ميليشيا بس نحن ولاد الارض ومنعرف منيح الارض" ، وحذر وئام وهاب اللبنانيين من العودة الى الحرب الاهلية مجددا وان هناك من يعمل على هذا الموضوع ، وهذا الجو الذي اشاعه "حزب الله" وحلفاؤه في لبنان بعد انفجار بيروت ، وبعد استقالة الحكومة ، ومع الدعم الدولي والعربي لتشكيل حكومة لبنانية حيادية تقوم بالاصلاحات المطلوبة لانقاذ لبنان من ازماته السياسية والاقتصادية يثير تساؤلات كثيرة حول خلفيات اثارة موضوع حساس جدا مثل "الحرب الاهلية" ومن هذه التساؤولات : هل هناك من يخطط للحرب الاهلية بعد ما شعر بغضب اللبنانيين من مواقفه وسياسته التي اوصلت لبنان الى ما هو عليه ؟

هل استخدام فزاعة الحرب الاهلية ممكن مجددا من اجل منع الاصلاحات المطلوبة وابقاء الوضع على ماهو عليه ؟

والسؤال الاخطر والاهم هو : هل يرى البعض ان العودة للحرب الاهلية هو السبيل الوحيد لحماية وجوده السياسي والعسكري ؟

اسئلة كثيرة يطرحها المراقبون السياسيون والجهات العربية والدولية المهتمة بلبنان ، وكذلك اكثرية الشعب اللبناني خصوصا وان انفجار المرفأ وما تبعه من مواقف وتحركات لدى اللبنانيين اثبت ان الشعب اللبناني لا يريد الا الاصلاح ومكافحة الفساد وتشكيل حكومة تنهض بلبنان ، وان هذا الشعب حريص على وحدته الوطنية رغم اصوات النشاز التي ارتفعت من هنا وهناك .

اذا لماذا الحديث عن خطر عودة الحرب الاهلية في هذا الوقت بالذات ؟

هناك في لبنان من يرى ان تغير الوضع القائم حاليا والذي ادى الى الانهيار الاقتصادي والسياسي ، انما هو تهديد مباشر لمصالحه السياسية والطائفية والاقليمية ، فبعد انطلاق انتفاضة 17 تشرين الاول 2019 خرج السيد نصر الله في 25 تشرين اول 2019 ليحذر من ان الاحتجاجات التي تجتاح انحاء لبنان قد تدفع البلاد نحو الفوضى والانهيار والحرب الاهلية ، وقال:"لا نقبل باسقاط العهد ولا نقبل باستقالة الحكومة ولا نقبل في ظل هذه الاوضاع باجراء انتخابات برلمانية مبكرة" ، وبعد انفجار المرفأ حذر السيد نصرالله مجددا من ان هناك "قوى سياسية تضع لبنان عند حافة الحرب الاهلية واعتبر ان هناك من اراد اسقاط الدولة بعد انفجار المرفأ و توجه الى جمهوره بالقول :"حافظوا على غضبكم قد نحتاج اليه في يوم من الايام " وهو ما اعتبره اكثرية اللبنانييين تهديدا مبطنا لمن يريد تغيير الوضع القائم سواء عبر حكومة حيادية وفعالة او عبر اجراء انتخابات نيابية جديدة تغير رسم الخارطة السياسية للبنان ، لذلك سارع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى ملاقاة موقف نصرالله بالقول :"المطلوب منا ان نشارك بالحصار الخارجي والداخلي الذي ييفرض ، ليس على مجموعة حزبية اسمها حزب الله بل على مكوّن لبنان بكامله . مشهد 2005 و 2006 يتكرر" .

باختصار ، الفريق الحاكم يريد ابقاء الوضع على ما هو عليه ضمانا لمصالحه السياسية والطائفية ، ويهدد بالحرب الاهلية لمنع الاصلاح . فهل ينجح بمساعيه ام تفرض الضغوط الدولية والعربية واقعا اخر ؟

بسام غنوم