العدد 1491 /15-12-2021

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه

عزيزة علينا هذه الذكرى، أثيرة إلى قلوبنا، مدينون بها لربنا سبحانه وتعالى حمداً وثناءً، ثم لشعبنا العظيم شكراً وعرفانا، تلك ذكرى انطلاقة حركتنا المجاهدة، حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي ترسم مع شركاء الوطن اللوحة الشاملة للشعب والقضية، والمسيرة المتصلة والممتدة للنضال الفلسطيني وجهاده المرير منذ مائة عام ضد الاحتلال الصهيوني ومن قبله الانتداب البريطاني.

مع وقفة الذكرى نستحضر الشهداء الأبرار، والأسرى الأحرار، والجرحى الميامين، والمبعدين الصامدين، الذين غذوا تلك المسيرة بدمائهم وأرواحهم وحريتهم وعذاباتهم، وظلوا على العهد؛ منهم من لقي ربه ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا.

كما نستحضر بكل وفاء وعرفان جيل المؤسسين العظماء في الداخل والخارج، وأولئك الروّاد أصحاب الهمة العالية والمبادرات الشجاعة التي بارك الله فيها وأجرى عظيم الخير من خلالها.

وفي هذه المحطة المهمة والدقيقة من مسيرة التحرير والمقاومة نشعر بكل فخر واعتزاز تجاه كتائبنا المظفرة (كتائب عز الدين القسام)، ومختلف الأجنحة العسكرية والكتائب الفلسطينية المقاومة، وكل أبطالنا المجاهدين والمناضلين من أبناء شعبنا، الذين عبّدوا الطريق خطوة خطوة نحو الحرية والتحرير والعودة، وجعلوا هزيمة هذا المشروع أمراً ممكناً ومقدوراً عليه بإذن الله.

كما نتوقف بكل مشاعر المحبة والشكر والوفاء نحو شعبنا العظيم، برجاله ونسائه، وآبائه وأمهاته، وبشبابه وفتيانه، وبمدنه وقراه ومخيماته، وجميع مكوناته وأطيافه الثرية المتنوعة في الداخل والخارج، الذين كانوا وما يزالون موئل العطاء الذي لا ينفد، والسند الذي لا ينكسر، والحاضنة الحانية والحامية.

ومثل ذلك من المشاعر والشكر والوفاء هو لأمتنا العظيمة التي ما بخلت علينا شعباً وقضية ومقاومة، وظلت – رغم جراحها وآلامها الممتدة في أقطارها – ترى فلسطين قضيتها الأولى والمركزية، وموضع اهتمامها ودعمها، ومصدر فخرها واعتزازها، وكذلك الأصدقاء من أحرار العالم شرقاً وغرباً، الذين كان لفلسطين ودعم صمود شعبها ونضاله نصيب من جهدهم وبرامجهم ومشاريعهم.

واليوم، ورغم جهود الأعداء ومحاولاتهم المتواصلة لتصفية القضية وتجزئتها وتمييعها، ما زالت قضيتنا حية، وما زال شعبنا عبر مقاومته العظيمة وتضحياته الجسيمة يرسخ الحقيقة على الأرض للقاصي والداني: أن فلسطين قضية تحرر وطني، ومقاومة ضد الاحتلال، وأنها قضية شعب يصر على حقه في الحرية والتحرير والعودة، والتخلص من الاحتلال دون مهادنة أو تعايش، واستعادة فلسطين والقدس والمقدسات من الغاصبين، ولا يفرط في أي ذرة من وطنه، ولا أي جزء من حقه.

وفي ظل هذه الذكريات العطرة للانطلاقة والانتفاضة .. نرى شعبنا بفضل الله تعالى يقاوم على كل الجبهات؛ في القدس والأقصى في مواجهة التهويد والتدنيس، وفي غزة ضد الحصار والعدوان، وفي الضفة رفضاً للاحتلال والاستيطان، وفي وطننا المحتل عام 48 رداً على سياسات الأسرلة والتمييز العنصري، وفي الشتات تمسكاً بحق العودة والإصرار على دورهم في المعركة مع أهلهم وأشقائهم في الداخل.

ومع كل يوم يمضي، وفي الوقت الذي تتراجع ثقة الكيان الصهيوني بمستقبله رغم ما يملكه من سلاح وعتاد متفوق، فإننا بفضل الله – نحن أبناء فلسطين وأصحاب القضية – نزداد ثقة بالله ثم بأنفسنا، خاصة بعد معركة سيف القدس؛ أننا المنتصرون بإذن الله، وأن المستقبل لنا، وأن فلسطين ستكون حرة مستقلة، ذات سيادة ورفعة، متحررة من كل أشكال الاحتلال والاستيطان، لتكون هذه البقعة المقدسة المباركة من الأرض مصدر إشعاع وإلهام للمنطقة وللعالم بأسره بإذن الله.

ونحو هذا الهدف العظيم والنبيل .. نمضي عل طريق الجهاد والمقاومة، والاشتباك مع الاحتلال على مختلف الجبهات، متسلحين بوحدتنا الوطنية، وحشد كل طاقات شعبنا في الداخل والخارج، ومعنا أمتنا العربية والإسلامية وأحرار العالم، وهو يوم قادم بإذن الله لا شك فيه. ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله.

خالد مشعل