العدد 1391 / 18-12-2019

افتتح أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يوم السبت أعمال "منتدى الدوحة 2019" الذي تنظمه وزارة الخارجية، وينعقد تحت شعار "الحوكمة في عالم متعدد الأقطاب" وتستضيفه العاصمة الدوحة على مدار يومين.

وحضر الافتتاح قادة دول ورؤساء حكومات ووزراء وسفراء ومسؤولون حاليون وسابقون، إضافة إلى نخبة من صناع القرار وأصحاب الفكر في مجال السياسة والاقتصاد والطاقة والإعلام والثقافة وعدد من ممثلي المؤسسات العالمية ومنظمات المجتمع المدني.

وفي كلمته في الافتتاح، قال أمير قطر إنه يجب البحث عن مواطن الخلل التي جعلت الكثيرين يفقدون الثقة في الآليات الأممية القائمة بما في ذلك ازدواجية المعايير.

واعتبر أن الرؤية الأممية المشتركة التي كانت واضحة مطلع الألفية تشوشت في مجالات عدة "سواء لناحية الشرعية الدولية وقضايا الفقر والبيئة والمناخ، أم فيما يتعلق بمحاسبة مجرمي الحرب".

ويعد منتدى الدوحة الذي انطلقت نسخته الأولى عام 2000، منصة للحوار العالمي حول التحديات التي تواجه العالم ويشجع على تبادل الأفكار وصياغة السياسات والتوصيات القابلة للتطبيق، ويجمع المنتدى صانعي السياسات، ورؤساء الحكومات والدول، وممثلي القطاع الخاص، والمجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية، "إيمانا بأن التنوع في الفكر يعزز كيفية التعامل مع التحديات المشتركة".

وتشهد نسخة هذا العام إطلاق جائزة منتدى الدوحة، التي ستمنح للمرة الأولى هذا العام وهي مخصصة لمن استطاع تحقيق إنجاز ملموس ينبع من القيم الأساسية التي يتبناها المنتدى، ومن المقرر أن يتسلم الجائزة في نسختها الأولى رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، وذلك تقديرا لجهوده في القيادة وعلى رفع صوت بلاده والمبادرات التي نفذها في التعريف بها دوليا.

وسوف يتناول المنتدى مجموعة من الموضوعات والقضايا الرئيسية مثل أحدث الاتجاهات والتحولات العالمية والتكنولوجيا والتجارة والاستثمار ورأس المال البشري وعدم المساواة والأمن وحوكمة الفضاء الإلكتروني وقضايا الدفاع والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والمنظمات الأهلية وقضايا الثقافة والهوية.

ويهدف المنتدى إلى إثارة الحوار وإثراء المناقشات بشكل أفضل بين المشاركين المؤثرين من الحكومات والمجتمع المدني والإعلام والأوساط الأكاديمية ومراكز الفكر والقطاع الخاص، من خلال المساهمة في مهمته المتمثلة في تشجيع تبادل الأفكار وصنع السياسات والشبكات ذات التوجه العملي.

مفهوم الحوكمة

وتناقش النسخة التاسعة عشرة من المنتدى أيضا مقاربات حالية وممكنة لمفهوم الحوكمة تتسم بالطابع الأخلاقي والتعاوني والعملي، خاصة في ظل التزايد الملحوظ للقوى الصاعدة على الساحة العالمية، مما يحتم إعادة تصور نظم الحوكمة العالمية ذات الصلة بالظروف والأوضاع الراهنة.

وفي التقرير الافتتاحي للمنتدى أعرب نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عن تطلعه لتبادل الأفكار بين المشاركين والتزامهم بتحقيق عالم أكثر سلاما وعدلا واستدامة، داعيا إلى مواصلة العمل دون كلل لضمان أن يصبح "المستقبل الذي نريده" حقيقة بالنسبة للأجيال الشابة اليوم وجميع الأجيال القادمة.

وأكد الوزير القطري أهمية الموضوعات التي سيبحثها المنتدى خلال نسخته الحالية، موضحا أن المنتدى يتصدى لقضية إعادة تصور الحوكمة في عالم متعدد الأقطاب، والذي ينظر في الاتجاهات الحالية في الحكم في جميع أنحاء العالم والمبادئ الأساسية التي سيحتاج قادة العالم إلى الالتزام بها.

ووضع المنتدى، وفقا للقائمين عليه، في اعتباره أنه في ظل تفاقم الصراعات وانعدام المساواة الناجم عن الحرب والفقر، تبدو الحلول والفرص كأنها تكمن في موجة انتقالية عالمية من القطب الواحد، إلى تعددية في الأقطاب.

ومن المتوقع أن يهيمن هذا التحول على المستقبل القريب في خضم السعي الحثيث لتحقيق العدالة وحكم القانون والمساواة بين البشر.

ولهذه النقلة النوعية أبعاد متعددة تمتد إلى ما هو أعمق من مجرد إطار سياسي، لذلك ثمة حاجة لاكتشاف فحوى هذا التغيير وإعادة تصور نظام حوكمة عالمي ديناميكي يتوافق مع الوضع الحالي.

وبالإضافة إلى المحاور السابقة ستكون قضية التغير المناخي حاضرة في مناقشات المنتدى، حيث تبرز تلك القضية كونها تؤثر على البشرية جميعا وتهدد سبل العيش للمجتمع والاقتصاد العالمي، فضلا عن قضية الهجرة التي باتت تحديا دوليا بحاجة إلى إدارة متكاتفة مع الحفاظ على حقوق اللاجئين والمهجرين.

ظريف: المحادثات بين السعودية وقطر في مصلحة المنطقة

قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن المحادثات بين السعودية وقطر لحل الخلاف المستمر بينهما منذ عامين تمثل تطورا جيدا يصب في مصلحة منطقة الخليج بأسرها.

وردا على سؤال في منتدى الدوحة عما إذا كان الاتصال بين الدوحة والرياض في الآونة الأخيرة يصب في مصلحة المنطقة، قال ظريف "بالطبع، هو كذلك".

وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطعت العلاقات الدبلوماسية والروابط التجارية مع قطر في يونيو/حزيران 2017، متهمة إياها بدعم الإرهاب والتحالف مع إيران، وتنفي الدوحة الاتهامات وتتهم جيرانها بمحاولة النيل من سيادتها.

وشارك رئيس الوزراء القطري الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني في قمة مجلس التعاون الخليجي السنوية التي انعقدت في السعودية يوم الثلاثاء الماضي، وذلك في أكبر تمثيل قطري بالقمة منذ 2017.

وقال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في منتدى الدوحة أول أمس السبت إن تقدما طفيفا تحقق في سبيل حل الخلاف المرير.

دعوات لوضع الأسرة العربية بقلب التنمية

أكد مشاركون في مؤتمر متخصص بالعاصمة القطرية الدوحة على ضرورة وضع الأسرة العربية في صلب العملية التنموية، عبر اعتماد سياسات تستهدف كل مكوناتها، وضمن رؤية متكاملة ومندمجة تتجاوز الرؤية القطاعية، مشيرين إلى دور ذلك في تعزيز مساهمة الأسرة في تقليص هوامش الفقر.

ونبهت المديرة التنفيذية لمعهد الدوحة الدولي للأسرة نورة المالكي الجهني إلى غياب خطة عمل دولية تقدم منظورا للأسرة في مجال التنمية، تكون بمثابة توجيه ودعم للجهود الوطنية والإقليمية.

ولدى افتتاحها اجتماع فريق الخبراء حول حماية الأسرة العربية من الفقر، أشارت إلى أن السياسات والبرامج الوطنية والإقليمية والدولية تستهدف مكونات الأسرة، لكن كلا منها يقوم بذلك لوحده، مما يضعف من كفاءة هذه السياسات والمبادرات.

وأوضحت أهمية تبني منهج كلي عند وضع السياسات التي تستهدف التصدي للفقر الأسري، ودعم التضامن بين الأجيال، وإحداث التوازن بين العمل والمسؤوليات الأسرية.

وطالبت المديرة التنفيذية لمعهد الدوحة الدولي للأسرة بضرورة النظر إلى عمل المرأة على أنه أمر واقعي، يجب استثماره لتحسين دخل الأسرة في مواجهة تحدي الفقر.

نهج شامل

من جهته، أكد رئيس مجلس إدارة المعهد -المنظم للاجتماع- عبد الله بن ناصر آل خليفة أن الأسرة باتت تواجه صعوبات أكبر على طريق القيام بأدوارها في التنمية الاجتماعية والتعليمية، على خلفية التغيرات التي لحقت حجم العائلة وهيكلها لتحولها إلى أسرة نواتية.

ودعا إلى تبني نهج شامل يرتكز على الأسرة كمدخل رئيسي لمواجهة كافة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، على الصعيدين الوطني والدولي.

ورأى آل خليفة أن دعم الأسرة وتوفير الحماية الاجتماعية لها، وتكريس التضامن بين الأجيال هي جوهر أهداف السياسات التنموية، مشددا على ضرورة أن يتم تضمين الجهود التنموية بعدا أسريا، مما سيعود بالنفع على المجتمع ككل.

أما المشرفة على برنامج الأسرة في إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية فأكدت على ضرورة أن تولي السياسات والبرامج الوطنية والدولية دورا مركزيا للأسرة، من منطلق كونها توجد في صميم العملية التنموية داخل الدول.

وشددت على أهمية الرفع من أداء الأسرة وفاعليتها، مشيرة إلى أن نجاحها كفيل بتقليص مستويات الفقر، وذهبت إلى أن الأسرة هي جوهر المجتمع، لذا تتوجب حمايتها ودعمها وتمكينها من أن تلعب دورها في تحقيق الاندماج الاقتصادي والاجتماعي.

توافقات

وفي حديث للجزيرة نت، أكد رئيس قسم أسس الحكم والدولة بلجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا" أديب نعمة أن العملية التنموية بالوطن العربي تعاني برمتها من مشكلات كبيرة من جانب أداء كل الفاعلين، وليس الأسرة فحسب.

وطالب نعمة بالقيام بمراجعات للمضامين والسياسات، لتركز على البعد التكاملي والشمولي وتبتعد عن البعد القطاعي، وقال إن السياسات المعتمدة حاليا لا تساعد الأسرة العربية على التماسك والتطور ولعب دورها المركزي في العملية التنموية.

ودعا نعمة إلى ضرورة البحث عن توافق بين الضغوط الخارجية التي تطالب بانتهاج سياسات تستهدف قضايا وقطاعات بعينها كالرفع من معدلات النمو الاقتصادي، وبين الحاجة إلى سياسات مندمجة وشاملة تأخذ في الاعتبار طبيعة التحديات التي تواجه الأسرة العربية.