العدد 1362 / 15-5-2019

تضع قوى إعلان الحرية والتغيير نفسها أمام مرحلة جديدة حال اتفقت على تسمية مجلس قيادي بدلا عن تنسيقية أدارت من تحت الأرض الاحتجاجات والاعتصامات بالسودان منذ نحو خمسة أشهر.

وظلت التنسيقية تمثل أكثر من 70 واجهة منتظمة تحت راية أربعة تحالفات رئيسية: تجمع المهنيين السودانيين، وقوى الإجماع الوطني، ونداء السودان، والتجمع الاتحادي المعارض. وقد التزمت التنسيقية العمل السري لمواجهة الاعتقالات إبان الاحتجاجات.

لكن بعد عزل الرئيس عمر البشير يوم 11 نيسان الماضي وخلفه عوض بن عوف بعد يومين جراء ضغط المعتصمين أمام قيادة الجيش، تبدت الخلافات بين قوى الثورة.

وترتبط الخلافات بمواقف الكيانات المشكلة لإعلان الحرية والتغيير حيال النظام السابق قبل سقوطه، فنداء السودان بقيادة الصادق المهدي كان يتبنى نوعا من المواجهة الناعمة، بينما تبنى تحالف قوى الإجماع الوطني إسقاط النظام.

بين خيارين

وبحسب معلومات موثقة نت فإن بقية كيانات إعلان الحرية والتغيير (تجمع المهنيين والتجمع الاتحادي المعارض) تبدو أقرب في رؤيتها إلى قوى الإجماع الوطني.

وثمة محددات أخرى تعمق خلافا محتملا حول تشكيل المجلس القيادي المقترح لقوى الحرية والتغيير تتمثل في الموقف من المجلس العسكري والبعد الخارجي المتمثل في أدوار السعودية والإمارات.

وحظي المجلس العسكري بدعم اقتصادي من الرياض وأبو ظبي، كما أثارت زيارات لقيادات من نداء السودان للإمارات ردود فعل متباينة.

وزار أبو ظبي بعد سقوط البشير عددٌ من قادة الحركات المسلحة، على رأسهم ياسر عرمان، فضلا عن تقارير تحدثت عن زيارات مماثلة لمريم الصادق المهدي نائبة رئيس حزب الأمة القومي وخالد عمر يوسف نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني.

رئاسة المجلس

لكن مصادر قريبة من المشاورات بين قوى الحرية والتغيير تقول إن ثمة خلافات تؤخر تسمية المجلس القيادي، تنحصر في رغبة كل من حزب الأمة والمؤتمر السوداني في أن يترأس الصادق المهدي رئاسة هذا المجلس.

وتتخوف فصائل في إعلان الحرية والتغيير من تولي المهدي رئاسة المجلس القيادي نسبة لمواقف الرجل التي ربما يرونها مهادنة تجاه السلطة السيادية التي يعمل العسكر على أن تكون في أياديهم بدلا من المدنيين.

وتقول ذات المصادر إن حزبي الأمة والمؤتمر السوداني أقرب إلى تشكيل مجلس سيادي مختلط بين العسكر والمدنيين وفقا لصيغة تبناها رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان بأن يكون رئيس المجلس السيادي ونائبه من العسكريين.

وترهن المصادر تماسك قوى إعلان الحرية والتغيير في ظل هذه التجاذبات بأن يتمتع المجلس التشريعي بصلاحيات واسعة على حساب المجلس السيادي، وفق ما نصت عليه وثيقة الإعلان الدستوري التي اقترحها التحالف.

خلافات أخرى

ولقطع الطريق -على ما يبدو- أمام أي محاولات "هبوط ناعم" مع العسكر، يقول محمد عصمت إن

قوى إعلان الحرية والتغيير جددت في اجتماعها الخميس الماضي الالتزام بالخط السياسي للتحالف، وهو تصفية النظام وعدم تقديم تنازلات بالنص عليه في تصور المجلس القيادي.

وحذر من أن أي محاولة لتقديم التنازلات من أي طرف ستؤدي إلى صدامه مع الشارع، وهو ما يبدو ظاهرا من خلال حالة التصعيد في ميدان الاعتصام صباح الأحد بإغلاق المعتصمين شارع النيل القريب من محيط الاعتصام أمام قيادة الجيش.

واللافت أن الخلافات القديمة بين مكونات قوى التغيير ليست وحدها التي تسيطر على المشهد، فثمة رؤى متباينة أيضا حيال الفترة الانتقالية.

ويقول رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم "ربما يكون من الأفضل تقسيم الفترة الانتقالية إلى فترتين: فترة ما قبل الانتقالية وتكون قصيرة وتدار بحكومة مؤقتة تنحصر مهمتها الأساسية في حفظ الأمن وتوفير الخدمات للمواطن، والوصول إلى اتفاق سلام شامل مع المعارضة المسلحة. ثم فترة انتقالية أطول تشارك المعارضة المسلحة بمؤسسات الحكم الانتقالية فيها وفق اتفاق سلام مبرم".