العدد 1691 /19-11-2025

بعد أقل من 48 ساعة على لقائه الودي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، عاد عمدة مدينة نيويورك المنتخب زهران ممداني ليؤكد تمسّكه بمواقفه السابقة، قائلاً إنه لا يزال يرى في ترامب "فاشياً ومستبداً". ورغم الأجواء الإيجابية التي طبعت اللقاء الأول بين الجانبين، شدد ممداني على أن اجتماعهما مثّل فرصة لمناقشة الخلافات بصراحة، وفي الوقت نفسه الدفع نحو التعاون لمعالجة أزمة تكاليف المعيشة التي تثقل سكان نيويورك.

واستقبل ترامب ممداني في البيت الأبيض يوم الجمعة الماضي، بعد أشهر من التصعيد الكلامي بينهما، إذ كان الرئيس قد نعته سابقاً بـ"المجنون الشيوعي" وهدد بقطع التمويل الفيدرالي عن نيويورك في حال فوزه، إلا أن أجواء اللقاء جاءت على خلاف ذلك تماماً، إذ حرص ترامب على إظهار ودٍّ ملحوظ، ودافع عن العمدة المنتخب واصفاً إياه بأنه "شخص عقلاني". وخلال ظهور مشترك في المكتب البيضاوي، سأل الصحافيون ممداني عن وصفه السابق لترامب بأنه فاشي، فبادر ترامب مازحاً وهو يربت على يده قائلاً: "لا بأس، يمكنك أن تقول نعم… أسهل من الشرح"، ليبتسم ممداني ويجيب: "نعم".

وفي برنامجMeet the Press أمس الأحد، استضافت كريستين ويلكر عمدة نيويورك المنتخب وسألته عما إذا كان لا يزال يعتقد أن الرئيس فاشي، ورد ممداني قائلاً: "بعدما قال الرئيس ذلك، قلت نعم. هذا شيء قلته في الماضي، وأقوله اليوم. وأعتقد أن ما أعجبني في اللقاء مع الرئيس هو عدم التردد في مناقشة نقاط الخلاف والسياسات التي قادتنا إلى هذه اللحظة. أردنا التركيز على أزمة تكاليف المعيشة لسكان نيويورك". وأكد ممداني أنه يصدق ترامب حين قال إنه لن يحجب التمويل الفيدرالي عن المدينة.

وعبّر ممداني عن أنه لا يزال يؤمن بكل تعليقاته السابقة على الرئيس ترامب وأنه يمثل تهديداً للديمقراطية، قائلاً: "كل ما قلته في الماضي ما زلت أؤمن به". وأضاف أنه لم يذهب إلى المكتب البيضاوي لإثبات موقف أو لاتخاذ موقف رمزي، وإنما "لخدمة سكان نيويورك"، وأشار إلى أنه عرض وجهة نظره بوضوح بأن السلامة العامة أهم أولوياته، وأنه سيعمل مع شرطة المدينة لخفض الجرائم. ويوم الجمعة، قال ترامب بعد مزاحه حول وصف ممداني له بالفاشية: "لقد وُصفتُ بأشياء أسوأ بكثير من هذا"، مضيفاً: "أعتقد أنه سيغيّر رأيه بعد أن نبدأ العمل معاً".

 

وذكر ممداني أنه تحدث والرئيس عن تهديدات ترامب السابقة بإرسال قوات الحرس الوطني إلى نيويورك كما فعل في مدن كبرى يقودها ديمقراطيون، وأنه قال للرئيس إن ما يميز المدينة عن أي مكان آخر في البلاد هو أن "لدينا شرطة نيويورك وأنا أثق بها، وهي التي ستتولى مسؤولية توفير الأمن العام"، لكنه لم يوضح ما إذا كان الرئيس استبعد فكرة إرسال قوات اتحادية.

وسأل صحافيون الرئيس ترامب، أول أمس السبت، عمّا إذا كان يخطط لإرسال قوات الحرس الوطني إلى مدينة نيويورك، فأجاب: "إذا احتاجوا لذلك". وأضاف: "في الوقت الحالي، هناك أماكن أخرى بحاجة إليها أكثر، لكن إذا احتاجوا إليها فسأفعل ذلك. وقد عقدنا اجتماعات جيدة للغاية أمس، وتحدثنا عن ذلك".

والتقى الرئيس ترامب ممداني يوم الجمعة الماضي، بعد أشهر من وصفه بالشيوعي والمتطرف والمجنون، لكنه دافع عنه، ووعد بمساعدته في "جعل نيويورك مدينة عظيمة مرة أخرى". ووصف ترامب ممداني بأنه "شخص عقلاني"، رافضاً وصف حليفته الجمهورية إليز ستيفانيك للعمدة المنتخب بأنه "جهادي"، وقال رداً على سؤال: "لا، هو شخص عقلاني، يريد أن يجعل مدينة نيويورك عظيمة مرة أخرى".

وعكس هذا الموقف العلني لترامب تغيراً جذرياً عن تصريحاته السابقة على مدى أشهر، حيث وصف ممداني بأنه "مجنون، معتوه، متطرف، سيئ للغاية، صوته مزعج، ليس ذكياً، وغير جذاب". بينما وصف ممداني ترامب خلال حملته الانتخابية بأنه "مستبد فاشي، وتجسيد لملاك العقارات الفاسدين، وتجسيد لثقافة الفساد، ويشن حرباً على العمال"، وتعهّد بأنه سيكون "أسوأ كوابيس دونالد ترامب"، لكنه وصف اللقاء في النهاية بأنه "مثمر".

وأبدى ترامب إعجابه بالاهتمام الإعلامي الذي حظيت به زيارة ممداني إلى البيت الأبيض، مشيراً إلى أن العديد من قادة العالم زاروا المكتب البيضاوي، لكن قلة منهم حظيت زيارتهم بالاهتمام ذاته. وأثنى ترامب بشدة على ممداني قائلاً: "عقدت لقاءً مثمراً معه وهنأته، وأعتقد أنه سيكون لدينا عمدة عظيم لنيويورك. وكلما كان أفضل، كنت أكثر سعادة".