العدد 1695 /24-12-2025
محمد الشيخ يوسف
نعت حكومة الوحدة الوطنية الليبية، برئاسة عبد
الحميد الدبيبة، رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، الفريق أول ركن محمد الحداد،
وعددا من مرافقيه، الذين قضوا في حادثة تحطم طائرة خاصة أثناء عودتهم من رحلة
رسمية من العاصمة التركية أنقرة. وقال الدبيبة، في منشور على حساباته الرسمية إن
الحادث أودى بحياة كل من رئيس أركان القوات البرية الفريق ركن الفيتوري غريبيل،
ومدير جهاز التصنيع العسكري العميد محمود القطيوي، ومستشار رئيس الأركان العامة
محمد العصاوي دياب، إضافة إلى المصور في مكتب إعلام رئاسة الأركان محمد عمر أحمد
محجوب.
وأضاف الدبيبة أن "هذا المصاب الجلل يمثل
خسارة كبيرة للوطن وللمؤسسة العسكرية ولجميع أبناء الشعب الليبي، إذ فقدنا رجالا خدموا
بلادهم بإخلاص وتفان، وكانوا نموذجا في الانضباط والمسؤولية والالتزام
الوطني". وقال رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا إنه "يتقدّم بأحر
التعازي وصادق المواساة إلى أسر الضحايا وذويهم، وإلى رفاقهم في القوات المسلحة،
سائلا الله أن يتغمدهم بواسع رحمته، وأن يلهم أهلهم الصبر والسلوان".
وقال مصدر تابع لوزارة الخارجية بحكومة الوحدة
الوطنية لـ"العربي الجديد" إن الحكومة شكلت وفداً يضم شخصيات حكومية من
وزارة الدفاع ومصلحة الطيران المدني ومن المنتظر أن يصل صباح الغد إلى أنقرة
لمتابعة إجراءات التحقيق التركية في حادث سقوط الطائرة.
وتوالت بيانات نعي الحداد ومرافقيه. وأصدر المجلس
الرئاسي، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، بيانا تقدم فيه بالتعازي لأسرة
الحداد والقوات المسلحة، فيما نشرت حكومة مجلس النواب في بنغازي بيانا نعت فيه
الحداد بصفته أحد "منتسبي القوات المسلحة".
كما أصدر اللواء المتقاعد خليفة حفتر بياناً أعرب
فيه عن تعازيه لأسرة الحداد، وكذلك إلى "كل ضباط ومنتسبي القوات المسلحة في
فقدان أحد رجالاتها الذين أدوا واجبهم العسكري بكل تفان ومسؤولية وتحملوا الأمانة
في مراحل دقيقة من تاريخ الوطن وأعلوا مواقفهم المنحازة للقيم الوطنية على أي
مصلحة أخرى". كما تقدم حفتر بتعازيه للجنة العسكرية المشتركة 5+5 في وفاة
اللواء غريبيل أحد أعضاء اللجنة.
أنقرة تفتح تحقيقا في الحادثة
وفي السياق، أعلن وزير العدل التركي يلماز تونج،
في منشور على منصة إكس، بدء تحقيقات في حادث سقوط الطائرة، قائلا: "باشرت
النيابة العامة في أنقرة تحقيقا في حادث تحطم طائرة تقل ركابا، من بينهم رئيس
الأركان العامة الليبي محمد علي الحداد، بعدما أقلعت من مطار أنقرة وتحطمت في
منطقة هيمانا". وأضاف تونج أنه جرى تكليف أربعة مدعين عامين بالتحقيق، بتنسيق
من نائب رئيس النيابة العامة، مؤكدا أن إجراءات التحقيق تجري بدقة متناهية ومن
جميع الجوانب.
ومساء يوم الثلاثاء، أعلن وزير الداخلية التركي
علي يرلي كايا أن الاتصال فُقد بطائرة خاصة من طراز "فالكون"، أثناء
توجهها إلى العاصمة الليبية طرابلس، وعلى متنها خمسة أشخاص، من بينهم رئيس أركان
القوات المسلحة الليبية. وأوضح في منشور عبر منصة إكس أن الاتصال انقطع في تمام
الساعة 8:52 مساء بطائرة من طراز "فالكون 50"، تحمل الرقم التسلسلي 9H-DFJ، بعد إقلاعها من مطار أسنبوغا في أنقرة عند الساعة 8:10 مساء،
متجهة إلى طرابلس.
وأضاف أن الطائرة طلبت هبوطا اضطراريا أثناء
تحليقها بالقرب من منطقة هيمانا، جنوب العاصمة، إلا أن الاتصال بها تعذر بعد ذلك،
وأشار إلى أن الطائرة كانت تقل خمسة أفراد، من بينهم رئيس أركان القوات المسلحة
الليبية، مؤكدا أنه سيتم إبلاغ الرأي العام بأي تطورات لاحقة. وفي منشور لاحق على منصة
إكس، أكد وزير الداخلية التركي العثور على حطام الطائرة التي كانت تقلّ الحداد
برفقة مسؤولين ليبيين آخرين، على بُعد 2 كم جنوبي قرية بقضاء هيمانا بأنقرة. وأفاد
بأن قوات الدرك تمكنت من العثور على حطام الطائرة التي كانت متجهة من أنقرة إلى
طرابلس، على بعد نحو كيلومترين جنوبي قرية كيسيكفاك، التابعة لقضاء هيمانا في
ولاية أنقرة.
من جهتها، قالت قناة سي إن إن تورك إن انفجارا وقع
بالطائرة عقب سقوطها نجم عن احتراق خزان الوقود، ناقلة مشاهد تظهر تناثر قطع من
حطام الطائرة. كما عرضت القناة مقطعا آخر من كاميرا مراقبة يوثق انفجارا شديدا
تزامن مع ارتطام الطائرة بالأرض، مشيرة إلى أن الطائرة مسجلة في مالطا. وفي السياق
نفسه، نقلت قناة "A Haber"
أن الطائرة كانت تقل وفدا يضم، إلى جانب رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، كلا من
الفريق ركن الفيتوري غريبيل رئيس أركان القوات البرية، والعميد محمود القطيوي رئيس
جهاز التصنيع الحربي، ومستشار رئيس الأركان العامة للجيش الليبي محمد العصاوي
دياب، والمصور بمكتب إعلام رئيس الأركان العامة محمد عمر أحمد محجوب، إضافة إلى
ثلاثة من طاقم الطائرة وهم من الأجانب.
ونقلت قناة "إن تي في" التركية أن
الطائرة طلبت، عقب إقلاعها، العودة والهبوط الاضطراري، وجرى بالفعل إعداد مسار
للهبوط بعد الإبلاغ عن عطل كهربائي، قبل أن يُفقد الاتصال بها. وفي السياق نفسه،
أفادت القناة نقلا عن شهود عيان بسماع دوي انفجار في المنطقة، في حين رصدت كاميرات
مراقبة ضوءا قويا في سماء المنطقة، تزامن مع توقيت فقدان الاتصال بالطائرة.
من هو محمد علي الحداد؟
ويُعد محمد الحداد (56 عاما)، من أبرز القيادات
العسكرية في مدينة مصراتة، إذ تخرّج من الكلية العسكرية فيها، وشارك بوصفه أحد
القادة العسكريين في الثورة على نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011. وفي
مطلع عام 2012، تولى الحداد مهام آمر لواء الحلبوص برتبة مقدم، وهو أحد أهم
التشكيلات العسكرية في مصراتة، قبل أن تتوسع صلاحياته لاحقا تحت مسمى
"الكتيبة 301"، لتشمل تمركزات عسكرية في مناطق جنوب العاصمة طرابلس.
وفي يونيو/ حزيران 2017، كلّف المجلس الرئاسي
لحكومة الوفاق الوطني الحداد بمهام آمر المنطقة العسكرية الوسطى، قبل أن يُعاد
تكليفه في سبتمبر/ أيلول 2020 بمنصب رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، مع ترقيته
إلى رتبة فريق أول، ليستمر في موقعه حتى وفاته. وعُرف الحداد بمواقفه الداعية إلى
بناء مؤسسة عسكرية نظامية، والعمل على تفكيك التشكيلات المسلحة، ورغم دعمه البارز
لصد هجوم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على طرابلس خلال عامي 2019 و2020، فإنه
كان من الأصوات التي دعت إلى خفض منسوب الخطاب التصعيدي والتأزيمي.
وعقب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر/
تشرين الأول 2020، بعد إخفاق قوات حفتر في جنوب طرابلس وانسحابها شرقا، شارك
الحداد في سلسلة لقاءات عسكرية بين طرفي الصراع، والتقى عدة مرات رئيس الأركان
العامة المكلف من مجلس النواب السابق الفريق عبد الرزاق الناظوري، في إطار لجنة
5+5 العسكرية الليبية المشتركة المنبثقة عن اتفاق وقف إطلاق النار.