العدد 1495 /12-1-2021

بقلم: أمين العاصي

يشي وصول وفد اقتصادي إيراني يرأسه وزير الطرق والإسكان رستم قاسمي إلى العاصمة السورية دمشق، الثلاثاء، بنيّة الإيرانيين تنفيذ مشروع الربط السككي مع سورية للوصول إلى ميناء اللاذقية على سواحل البحر المتوسط، وهو مشروع أعلن الإيرانيون، مطلع العام الحالي، عن البدء في تنفيذه مع العراق كمرحلة أولى.

وذكرت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام أن الوفد، الذي يضم أيضاً عدداً من النواب الإيرانيين، سيجري سلسلة من اللقاءات مع كبار المسؤولين في حكومة النظام، موضحة أن الزيارة ستستمر حتى الخميس.

وتشير المعطيات إلى أن الهدف الرئيسي للزيارة هو التوصل إلى مذكرات تفاهم مع حكومة النظام حول مشروع الربط السككي ليشمل سورية في مرحلة لاحقة بعد العراق.

ربط إيران بالعراق وسورية

وكان رستم قاسمي قد أكد، مطلع العام الحالي، أن مشروع الربط السككي بين إيران والعراق سيبدأ العمل به قريباً، موضحاً أنه سيربط بين مدينتي الشلامجة الإيرانية والبصرة العراقية، بطول 32 كيلومتراً، وقال إنه سيتم ربط هذا الخط السككي بالبحر الأبيض المتوسط عبر سورية مستقبلاً.

كما أن مستشارة رئيس النظام السوري بثينة شعبان قالت، في حفل تأبين أقامته السفارة الإيرانية في دمشق قبل أيام في الذكرى الثانية لمقتل قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، إن "الربط السككي والكهربائي بين إيران والعراق وسورية بداية طيبة لربط دول المنطقة بعلاقات مفتوحة".

ومن المقرر أن يمتد المشروع من مدينة البصرة في جنوب العراق إلى مدينة القائم في غربه، والتي تواجه مدينة البوكمال السورية الخاضعة الآن لسطوة المليشيات الإيرانية، ومن ثم يمتد عبر ريف دير الزور الشرقي ليقطع الأراضي السورية وصولاً إلى ميناء اللاذقية على سواحل المتوسط بطول نحو 650 كيلومتراً.

ولطالما سعت إيران خلال العقد الثاني من القرن الحالي إلى إنشاء ممر بري من أراضيها يربطها مع العراق وسورية ولبنان، في خطوة ترسخ هيمنة الإيرانيين على البلدان العربية الثلاثة.

ويبدو أن للوجود الإيراني المكثف على المستويات كافة في ريف دير الزور، شرقي سورية، وفي البادية السورية وفي حمص، وسط البلاد، علاقة مباشرة بهذا المشروع الذي من المتوقع أن يواجه تحديات جمة في الأراضي السورية.

وفي هذا الصدد، أوضح الباحث السياسي في مركز "الحوار السوري" أحمد القربي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن هذا المشروع ليس جديداً، بل طُرح عام 2010، ولكن انطلاق الثورة السورية عرقل الخطط الإيرانية على هذا الصعيد، إضافة إلى إزاحة نوري المالكي، رجل إيران في العراق، عن السلطة".

تابع: "الآن هناك خطوات متتابعة من إيران لتنفيذ هذا المشروع لتثبيت نفوذها في سورية والعراق، وتحقيق حلم قديم بالوصول إلى مياه البحر الأبيض المتوسط عبر ميناء اللاذقية".

وأشار إلى أن إيران "تريد من هذا المشروع تسهيل نقل البضاعة والأسلحة وعناصر مسلحة إلى سورية والعراق ولبنان"، مضيفاً: "تريد إيران أن تكون عبر هذا المشروع جزءاً من مشروع صيني أكبر يهدف إلى نقل البضائع من الأراضي الصينية إلى أوروبا عبر آسيا الوسطى، بحيث تكون إيران حجر الأساس في المشروع الصيني".

ولفت القربي إلى وجود تحديات كبيرة أمام تنفيذ المشروع الإيراني، مضيفاً أن الوضع الاقتصادي المتدهور في إيران والعقوبات الغربية المفروضة عليها من أبرز هذه التحديات، وبيّن أن هناك "تحديات أمنية تواجه المشروع الذي من المفترض أن يمر في غربي العراق، ووسط سورية"، شارحاً أنه لا توجد حاضنة شعبية للمشروع الإيراني، وهو ما يفسر تمركز القوات الإيرانية في منطقة البوكمال وفي ريف دير الزور الشرقي، جنوب نهر الفرات.

وأوضح الباحث أن هناك تحديات إقليمية تتمثل بالجانب الإسرائيلي، وتحديات دولية مع عدم وجود موافقة أميركية على إنشاء هذا الخط الحديدي لأنه يساعد إيران في زيادة تغلغلها في سورية، وهو أمر لا توافق عليه الإدارات الأميركية.

كما أشار القربي إلى أن هناك "تداعيات سياسية جراء المشروع الإيراني للربط السككي مع سورية"، مضيفاً: "إذا مضى نظام بشار الأسد في هذا المشروع سيكون فشلاً صريحاً لمقاربة (خطوة مقابل خطوة) من بعض الدول العربية لفك ارتباط نظام الأسد مع الجانب الإيراني".

وأوضح القربي أن "هذا المشروع يعني ترسيخ النفوذ الإيراني في سورية ولبنان، ومن ثم يجعل سورية ساحة مواجهة فعلية بين إيران وإسرائيل"، متابعاً: "كانت مشكلة إيران عدم وجود خط إمداد سلس بينها وبين سورية ولبنان، وإنجاز الربط السككي يعني تجاوز هذه العقبة الكبيرة أمامها للهيمنة على البلدين، وبالتالي اكتمال المشروع الإيراني في المنطقة".