نقلت تقارير إعلامية عن قيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان أن دولة عرضت على الخرطوم تقديم مساعدات مادية للمساهمة في الخروج من الأزمة الحالية، مقابل قطع العلاقات مع قطر وتركيا، وأكد مصدر سوداني أن السودان رفض العرض المذكور.

وذكرت صحيفة "السودان اليوم" أن محمد مصطفى الضو رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان السوداني (نائب رئيس القطاع السياسي في حزب المؤتمر الوطني)، قال إن دولة عرضت عليهم تقديم مساعدات تتمثل في وقود ودقيق للخروج من الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد، مقابل قطع السودان علاقاته مع كل من قطر وتركيا وإيران وجماعة الإخوان المسلمين.

وفي السياق، أكد مصدر سوداني مسؤول أن القيادة السودانية وعلى أعلى المستويات رفضت العرض المذكور.

وأضاف أن السلطات اعتبرت قبول العرض بمثابة "سقوط أخلاقي لا يغتفر وخروج عن المبادئ"، وأنها ليست في وارد القبول به تحت أي ظرف.

وعدد المصدر المذكور ما وصفه بأيادي دولة قطر البيضاء على السودان وأهله ووقوفها إلى جانبه في أوقات الشدة، مشيرا إلى أنها ساهمت بجهد كبير في حل الصراع في إقليم دارفور وتنمية المناطق المتأثرة به.

وأجرى أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مساء السبت اتصالاﹰ هاتفياﹰ مع الرئيس السوداني عمر البشير، أعلن فيه حرص قطر على استقرار السودان واستعدادها للمساعدة على تجاوز الأزمة الحالية، في حين شكر الرئيس السوداني الأمير على حرصه واهتمامه.

وعقد تحالف نداء السودان وتحالف قوى الإجماع الوطني اجتماعا يوم الأحد لمناقشة توحيد قوى المعارضة، واتفق الجانبان على دعم المظاهرات التي خرجت للاحتجاج على الغلاء وتردي الأوضاع المعيشية.

في سادس أيام الاحتجاجات.. البشير يعد السودانيين بإصلاحات اقتصادية

وعد الرئيس السوداني عمر البشير الاثنين بإصلاحات اقتصادية "حقيقية" تنهي أزمة غلاء المعيشة الراهنة، في وقت يواجه فيه مرحلة جديدة من الاحتجاجات التي انطلقت قبل أسبوع.

فأثناء اجتماعه بقيادة جهاز الأمن الوطني والمخابرات، قال البشير إن الدولة مستمرة في تنفيذ إصلاحات اقتصادية ستوفر حياة كريمة للمواطنين، وفق ما نقلته عنه وكالة الأنباء السودانية.

وفي تصريحاته الأولى منذ اندلاع الاحتجاجات على رفع أسعار المواد الأساسية، وفي مقدمتها الخبز، وعد البشير بإجراءات حقيقية وملموسة لإعادة ثقة المواطنين في القطاع المصرفي.

كما حثّ مواطنيه على عدم الاستماع لمن سماهم مروجي الإشاعات، وطالبهم بعدم الاستجابة لمحاولات زرع اليأس والإحباط، مشيدا بالتنسيق بين جهاز المخابرات والقوات النظامية السودانية.

وخلال الاجتماع نفسه، حذر مدير جهاز الأمن السوداني صلاح قوش من أن المساس بالممتلكات العامة وترويع المواطنين والتعدي على ممتلكاتهم خط أحمر. وأكد التزام جهاز الأمن بالمعايير المهنية واحترامه لحق التعبير السلمي، على حد قوله.

ويأتي تعهد الرئيس السوداني بمعالجة الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها السودان، في وقت تتعدد فيه أساليب الاحتجاجات على سياسات حكومته، وبات معارضون له يطالبون علانية برحيله عن السلطة التي يمكث فيها منذ نحو ثلاثة عقود.

فقد نفذ "تجمع المهنيين السودانيين" إضرابا عاما، وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن قطاعات مختلفة لبت الدعوة. وكان الأطباء من بين المضربين، لكن إضرابهم استثنى أقسام الطوارئ، ومن المقرر أن يشمل الإضراب يوم الثلاثاء الصيدليات في ولاية الخرطوم.

مسيرة بالخرطوم

وقد دعا تجمع المهنيين إلى تنظيم مسيرة يوم الثلاثاء تبدأ من ميدان "أبو جنزير" وسط الخرطوم صوب القصر الرئاسي لتسليم مذكرة للرئاسة تطالب بتنحي النظام فورا.

وتأتي الدعوة لهذه المسيرة في حين ساد الهدوء مدن السودان الرئيسية في سادس أيام الاحتجاجات باستثناء تحركات محدودة في المناقل ورفاعة بولاية الجزيرة، والزيداب بولاية نهر النيل.

وكانت قد خرجت مساء الأحد في مدينة أم درمان مظاهرات من ملعب نادي الهلال لكرة القدم عقب مباراة فريقي الهلال السوداني والنادي الأفريقي التونسي. وجاب المتظاهرون الشوارع المحيطة بالملعب وهم يهتفون ضد الحكومة. وحسب شهود عيان، فقد تدخلت الشرطة لتفريق المتظاهرين مستخدمة الغاز المدمع.

المعارضة تضغط

وبالتوازي مع المظاهرات، صعدت المعارضة السودانية ضغطها على السلطة، في محاولة لإحداث تغيير سياسي عميق. وفي وقت سابق اتفق أكبر تحالفين معارضين، وهما نداء السودان وتحالف قوى الإجماع، على دعم المظاهرات.

وفي مقابل مواقف المعارضة التي تعتبر الاحتجاجات نتيجة حتمية لفشل سياسات الحكومة الاقتصادية والاجتماعية، أقر المتحدّث باسم حزب المؤتمر الوطني الحاكم إبراهيم الصديق بأن أسباب الاحتجاجات اقتصادية، لكنه قال إن البعض استخدمها خدمة لأجندات سياسية.

ويعاني السودان من أزمات في الخبز والطحين والوقود وغاز الطهي نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في الأسواق الموازية (غير الرسمية) إلى أرقام قياسية تجاوزت أحيانا ستين جنيها مقابل الدولار الواحد.