العدد 1690 /19-11-2025

يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض. وقبيل ساعات من الزيارة كشف ترامب في تصريحات للصحافيين أنه يعتزم الموافقة على بيع مقاتلات "إف 35" الشبح للسعودية، باعتبارها "حليفاً عظيماً"، ما يغير موقفاً ثابتاً للولايات المتحدة على مدار السنوات في ما يخص ملف التسليح في المنطقة.

ويذكر خبراء ومحللون أنّ هذا القرار سينهي التزاماً أميركياً على مدار عقود من الزمان بالتفوق النوعي لإسرائيل عسكرياً في منطقة الشرق الأوسط، وسنوات من رفض صناع القرار في واشنطن بيع هذه الطائرات لأي دولة غير إسرائيل، بما فيها تركيا عضو حلف شمال الأطلسي (الناتو). وقال المحلل العسكري ومساعد وزير الحرب الأميركي الأسبق لورانس كورب لـ"العربي الجديد"، إنّ حصول إسرائيل على هذه الطائرات يمنحها ميزة كبيرة على الرغم من أنهم "لا يديرون البلاد محلياً طبقاً للمعايير الأميركية المناسبة والمحددة من قبل أميركا قبل الموافقة على مثل هذه الصفقات".

وأرجع سبب قرار الإدارة الأميركية إلى أن الرئيس ترامب "لديه علاقة خاصة مع السعودية، إضافة إلى عائلته التي لديها علاقة خاصة نظراً للاستثمارات التي تمتلكها هناك".

وذكر كورب أنّ "إسرائيل لن تكون سعيدة على الإطلاق بمثل هذا القرار"، وأن من المثير للاهتمام "مراقبة ماذا سيفعل الإسرائيليون حيال ذلك". وأضاف أنه لم يكن من الممكن الموافقة على مثل هذه الصفقة في ظل ولاية أي رئيس آخر غير ترامب، وقال: "السعودية في الأساس ليست من نوع الدول التي نمنحها هذه المعدات المتطورة، فهي ليست دولة ديمقراطية كما أنها لم تنضم لاتفاقات أبراهام (اتفاقات التطبيع) وبالتالي هم ما زالوا يحافظون على مسافة بعيدة عن إسرائيل"، وفق قوله.

وفي ما يخص اتخاذ القرار هذه المرة دون ربطه باحتكار إسرائيل لأسلحة معينة، قال كورب: "الرئيس العادي لن يتخذ هذا القرار، لكن ترامب لا يهتم. إنه يريد أن تكون له علاقة جيدة مع السعودية منذ فترته الرئاسية الأولى، وقبل كل الأشياء التي تحدث في غزة، وكل ذلك بسبب مصالحه التجارية"، مضيفاً أن ترامب كان مختلفاً في تعامله مع السعودية من قبل، وأنه كان يأمل في انضمامها لاتفاقات أبراهام.

وحول موقف أعضاء الكونغرس لا سيما الذين لديهم موقف داعم لتفوق إسرائيل، قال كورب "البعض سيكون غير سعيد بالصفقة بالطبع، والبعض قد يعترض رابطاً الأمر بمقتل الصحافي جمال خاشقجي منذ سنوات، لكن البعض سيكون سعيداً بالصفقة لأنها جيدة بالنسبة للولايات المتحدة". وطبقاً للإجراءات القانونية، تحتاج إدارة ترامب إلى إخطار الكونغرس رسمياً من أجل بيع نظام أسلحة رئيسي مثل طائرات "إف 35"، ويمكن عرقلة عملية البيع إذا أقرّ كل من مجلسي النواب والشيوخ قراراً بالرفض، وحتى في حال الرفض يمكن للرئيس استخدام حق "الفيتو" ضد هذا الإجراء، وفي هذه الحالة يمكن فقط لمجلس النواب والشيوخ إلغاء القرار إذا وافق ثلثا الأعضاء. ولم ينجح الكونغرس تاريخياً على الإطلاق في عرقلة أي صفقة بيع أسلحة من خلال هذا الإجراء، وذلك طبقاً لدائرة أبحاث الكونغرس.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن مصادر أنّ بعض المشرعين الجمهوريين يشعرون بالقلق إزاء الموافقة على بيع طائرات "إف 35" للسعودية دون انضمامها لاتفاقات التطبيع مع إسرائيل، مضيفة أنهم يناقشون تشريعاً محتملاً لم يعرض بعد على الكونغرس بخصوص هذا الأمر، كاشفة أنّ لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك) مارست ضغوطاً على أعضاء الكونغرس لرفض هذه الصفقة في حال عدم ربطها بالتطبيع.

وسبق في 2019 أن استخدامت إدارة ترامب خلال فترته الرئاسية الأولى صلاحيات الرئيس الطارئة لتجاوز سلطة الكونغرس في مراجعة صفقة بيع أسلحة بقيمة 8.1 مليارات دولار إلى السعودية والإمارات ودول أخرى، ولاحقاً استخدم ترامب حق الفيتو ضد قرارات صدرت بناء على موافقة الحزبين في مجلسي النواب والشيوخ تهدف لتعطيل بعض أسلحة هذه الصفقة إلى السعودية والإمارات، لا سيما في ظل حالة الغضب آنذاك بسبب مقتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي.