العدد 1662 /7-5-2025
لم
تمضِ أشهر معدودة على تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصب الرئاسة لولاية
ثانية غير متتالية، حتى عاد الحديث عن فوضى تسود إدارته، ما وجد تأكيداً في إقالته
أخيراً مستشاره للأمن القومي مايك والتز، المسؤول الأول عن فضيحة تطبيق
"سيغنال" للدردشة، بعدما أدرج والتز عن طريق الخطأ صحافياً محسوباً على
الحزب الديمقراطي، إلى إحدى مجموعاته، مانحاً إياه معلومات سرّية حول ضربات
أميركية مُزمَعة على اليمن، في مارس/آذار الماضي. ولكن فضيحة "سيغنال"
ليست "تهمة" والتز الوحيدة، إنما قد تكون الأزمة الأخيرة التي فجّرت
الموقف داخل إدارة ترامب وأدّت إلى طرده من المنصب، وترشيحه لمنصب المندوب
الأميركي في الأمم المتحدة، جائزةَ ترضية. ولا يبدو أن ترامب معجب كثيراً، بعد
عودته للبيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، بأداء فريقه للأمن القومي
داخل البيت الأبيض، وهي مادة ظلّت محل نقاش داخلي وخرجت خصوصاً إلى الإعلام بعد
فضيحة "سيغنال"، وعنوانها التباينات الواضحة بين ترامب ووالتز، حول
مسائل استراتيجية عدة، بدءاً بالسياسات الخاصة بأميركا الشمالية وصولاً إلى إيران
والصين وروسيا، وكذلك الشرق الأوسط.
إدارة
ترامب... توافق واختلاف
ويعدّ
والتز من فريق "أميركا أولاً"، لكنه من المؤمنين داخله بأهمية الدور
العالمي للولايات المتحدة، بصفتها قائدةً لـ"العالم الحرّ"، ويعتبر من
المتشدّدين حيال روسيا وإيران، بالأخص، إذ رأى أن الانفتاح الذي أبداه الرئيس تجاه
نظيره الروسي فلاديمير بوتين، مضرّ للأمن القومي الأميركي، كما كان لوالتز، كما
يبدو، رأي مخالف للرئيس تجاه السياسة الأميركية المتبعة في أميركا الشمالية، على
اعتبار أن أي خلاف مع كندا والمكسيك، من شأنه أن يعرّض المصالح الأميركية الأمنية
للخطر، ويضعف الهيمنة الأميركية على ما يسمى بـ"نصف الكرة الغربي"، ما
يفتح المجال أمام زيادة التغلغل الصيني والروسي، كما أُخذ على والتز إخفاقه في
تدعيم فريقه بالعناصر البشرية اللازمة، إذ لا يزال الشغور يحيط بعدد من المناصب
داخل فريق الأمن القومي بالبيت الأبيض، بعد أكثر من مئة يوم على تولي ترامب منصبه.
وبحسب الإعلام الأميركي، فإن عدداً من الأسماء التي اختارها والتز لتولي مناصب
داخل الفريق، مساعدينَ لشؤون دولية، وجدت رفضاً من البيت الأبيض، ليس من ترامب
بالضرورة، بل من "الرؤوس الحامية" العديدة التي تتناطح داخل الإدارة
التنفيذية على النفوذ، كما أنه وفق تقارير إعلامية عدّة، فإن والتز فشل في مدّ
الرئاسة بسياسة واستراتيجية كاملة ومتكاملة للأمن القومي الأميركي، وأولويات
إدارته بالمرحلة الراهنة، فضلاً عمّا تحدثت عنه صحيفة "واشنطن بوست"، من
غضب ترامب بسبب دعم والتز ضربةً عسكرية ضد إيران.
وبحسب
موقع بوليتيكو، في تقرير له في الأول من مايو/أيار الحالي، فإن فريق الأمن القومي
داخل إدارة ترامب والبيت الأبيض، كان "ضعيفاً" منذ ما قبل إطاحة والتز،
الذي بحسب "بوليتيكو"، لم يكن يمتلك نفوذاً كبيراً داخل إدارة ترامب بكل
حال، إذ يهيمن الرئيس على القرارات السياسية المتعلقة بالسياسة الخارجية وقضايا
الأمن القومي والحدود والهجرة. وبرأي الموقع كذلك، فإن الفراغ الذي تركه ضعف مجلس
الأمن القومي ومستشاره، منذ 20 يناير الماضي، لم تملأه وزارة الدفاع الأميركية
(بنتاغون)، أو وزارة الخارجية، علماً أن ترامب اختار وزير الخارجية ماركو روبيو،
ليشغل منصب مستشار الأمن القومي بالوكالة، لحين إيجاد بديل عن والتز، وهو أمر قد
يستغرق ستة أشهر، بحسب ما رشح عن ترامب أول من أمس الأحد.
تحريض
على مجلس الأمن القومي
وعموماً،
أصبح مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، ومستشاره والتز، محل سخرية، منذ أن حلّت
الناشطة والمؤثرة اليمينية المتطرفة، لورا لومر، ضيفة على ترامب في بداية
إبريل/نيسان الماضي، إذ قام بعدها ترامب بالإعلان عن طرد بعض الموظفين في فريق
الأمن القومي، والذين "حرّضت" عليهم لومر، وفق ما سرّب الإعلام الأميركي
حينها، لعدم انسجام سيرهم الذاتية وسلوكهم مع أجندة "لنجعل أميركا عظيمة
مجدداً".
وقد
يكون ستيفن ميلر، المقرّب من ترامب، ومستشاره منذ ولايته الأولى، الأقرب إلى هذا
"البروفايل"، ما يرفع حالياً أسهمه لخلافة والتز، وفق ما بدأ يرشح في
الإعلام، وتحدث عنه موقع أكسيوس، قبل يومَين. وميلر يمكن القول عنه إنّه رجل ترامب
الوفي، ويشغل حالياً منصب نائب كبيرة موظفي البيت الأبيض (سوزي وايلز)، لكنه
خصوصاً داخل إدارة ترامب الحالية، عرّاب ومهندس والعقل المدبر لحملة ترحيل
المهاجرين غير النظاميين من الولايات المتحدة، والرجل الذي يرسم ويحول أفكار ترامب
حول العديد من المسائل إلى الورق، والكلام المكتوب، بل حتى إنّه أحد الأفراد في
الحلقة الضيقة لترامب الذين يكتبون خطابات الرئيس. رغم كل ذلك، يبقى ميلر
"اختصاصياً" بمسألة المهاجرين، إذ حمل القضية على ظهره منذ 2016، فكان المستشار
الذي ضغط من أجل فرض حظر على دخول مواطني عدد من الدول إلى البلاد، ويعمل حثيثاً
حالياً على مواجهة الجسم القضائي الأميركي، الرافض لسياسات ترامب حول الهجرة،
والذي يعاند خططه لترحيل مئات آلاف المهاجرين سنوياً.
وكشف
ترامب، أنه يدرس تعيين ستيفن ميلر، مستشاراً جديداً للأمن القومي خلفاً لوالتز،
مضيفاً في تصريحات على متن طائرة الرئاسة الأميركية أنه يتوقع تعيين مستشار جديد
للأمن القومي في غضون ستة أشهر. وقال ترامب، إن ميلر حاضر بالفعل في العديد من
الملفات التي تُعنى بالأمن القومي الأميركي، نافياً عزمه إقالة وزير الدفاع بيت
هيغسيث، رغم الأسئلة الكبيرة التي تحوم حول أدائه، لا سيّما أنه متورط في فضيحة
"سيغنال" وما شابهها، وشارك معلومات حسّاسة على تطبيق دردشة مع أفراد من
عائلته. ويُفهم من كلام ترامب، الذي عبّر أيضاً مراراً عن رضاه على أداء وزير
خارجيته ماركو روبيو، رغم خلافهما السياسي سابقاً، أن رضاه عن الرجلَين نابع من
كونهما مقتنعين بدورهما "المنفذ" لسياسة ترامب، أكثر من كونهما وزيرين
قادرين على التأثير على قرارات الرئيس، أو تقديم الاستشارة له في المسائل الأمنية
والمتعلقة بالسياسة الخارجية، رغم "صقورية" روبيو خصوصاً، وميله للذهاب
نحو تنفيذ ضربة عسكرية ضد إيران، وكذلك للتشدّد مع الصين.
رفض دولي لخطة إسرائيل توسيع حرب الإبادة واحتلال
قطاع غزة
تتوالى
المواقف الدولية الرافضة لخطة جيش الاحتلال الإسرائيلي الرامية لتوسيع حرب الإبادة
على غزة واحتلال القطاع المحاصر. وتتضمن الخطة التي أقرها الاحتلال أمس الاثنين
وأطلق عليها اسم "عربات جدعون"، تهجيراً واسعاً للفلسطينيين، واحتلالاً
للقطاع، من خلال بقاء جيش الاحتلال في كلّ المناطق التي سيسيطر عليها.
وأعلن
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الاثنين، أن المجلس الوزاري الأمني
المصغر (الكابينت) صادق خلال اجتماع مطول، الأحد، على توسيع حرب الإبادة المستمرة
في غزة، مؤكداً العزم على احتلال القطاع. بدوره، صرّح وزير المالية الإسرائيلي
بتسلئيل سموتريتش بأنّ حكومة الاحتلال الإسرائيلي قرّرت في اجتماع (الكابينت) عدم
الانسحاب من المناطق التي سيجري احتلالها في قطاع غزّة حتى مقابل الإفراج عن
المحتجزين الإسرائيليين. وقال سموتريتش، في مؤتمر شارك فيه أمس الاثنين في القدس
المحتلة: "نحن نحتل غزّة للبقاء فيها، ولا مزيد من الدخول والخروج. هذه حرب
من أجل النصر".
ويأتي
قرار الاحتلال الإسرائيلي فيما تحذر الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة من كارثة إنسانية
في القطاع، مع عودة شبح المجاعة بعد أكثر من شهرين من الحصار الإسرائيلي المطبق.
ونزح سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون شخص تقريبا مرة واحدة على الأقل خلال الحرب
المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
فرنسا:
أمر غير مقبول
أعرب
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل- بارو، اليوم الثلاثاء، عن "إدانته
الشديدة" لخطة الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على غزة وحملته العسكرية الجديدة
على القطاع الفلسطيني. وقال بارو في تصريح لإذاعة "آر تي إل" الفرنسية:
"هذا أمر غير مقبول"، معتبرا أن الحكومة الإسرائيلية "تنتهك
القانون الإنساني". وأضاف أن "الحاجة الأكثر إلحاحا هي وقف إطلاق النار
ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق".
الصين:
نعارض العمليات العسكرية المستمرة في غزة
من
جهتها، أعربت الصين، اليوم الثلاثاء، عن "معارضتها" عمليات جيش الاحتلال
الإسرائيلي في غزة بعد إعلانه خطة للسيطرة على القطاع. وقال الناطق باسم وزارة
الخارجية الصينية لين جيان إن "الصين تشعر بقلق بالغ إزاء الوضع الحالي بين
فلسطين وإسرائيل"، مضيفا "نحن نعارض العمليات العسكرية الإسرائيلية
المستمرة في غزة".
الاتحاد
الأوروبي يدعو الاحتلال للتراجع عن الخطة
إلى
ذلك، دعا الاتحاد الأوروبي سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى رفع الحصار عن قطاع غزة
لتوزيع المساعدات الإنسانية. وقال أنور العنوني، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية،
في مؤتمر صحافي، إن "الاتحاد الأوروبي يشعر بالقلق إزاء توسع الحرب على غزة،
الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى المزيد من الخسائر في الأرواح والمزيد من المعاناة
للشعب الفلسطيني"، داعيا الاحتلال إلى التراجع عن خطته الرامية إلى توسيع
عدوانه على القطاع. وتابع المتحدث: "يدعو الاتحاد الأوروبي إلى إتاحة الوصول
الفوري للمساعدات الإنسانية وتوزيعها، فضلا عن إعادة الكهرباء إلى غزة واستعادة
الخدمات الأساسية".