العدد 1423 / 29-7-2020

تصنَّف الإمارات ضمن الدول المناهضة لثورات الربيع العربي، وتتهمها أطراف في عدة بلدان بالسعي إلى إجهاضها وإخمادها، عبر تدمير عملاتها واقتصادها.

واتهم رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، أبوظبي، بالعمل على تخريب اقتصاد بلاده وعملتها، وقال قبل أيام: "لدينا معلومات عن أن الإمارات لها علاقة بالمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها ليبيا، وسعيها إلى انهيار الدينار الليبي".

وفي العراق تؤدي الإمارات دوراً خطيراً، في الضغط على الدينار العراقي، عبر تشجيع تهريب الأموال إلى دبي، ومساعدة مليشيات وزعماء طوائف في تهريب النقد الأجنبي إلى خارج العراق، وهو ما يؤدي إلى الضغط بشدة على الدينار ويزيد من حجم المضاربات عليه. ولم ينجُ اليمن من الهجمات الإماراتية على عملته.

انهيار الريال اليمني

تركزت خطط الإمارات لتنفيذ أهدافها الخاصة في اليمن التي شاركت السعودية لأجلها في التحالف، على النَّيل من الرموز السيادية في اليمن، ليسهل العبث به والسيطرة على أهم مواقعه الاقتصادية والجغرافية. إذ كانت العملة في طليعة هذه الرموز المستهدفة، بتنفيذ أول خطوة في هذا الجانب في أيلول 2016، بالضغط على الحكومة اليمنية لتتخذ قراراً أثار جدلاً واسعاً بنقل البنك المركزي اليمني الذي كان يعمل بقدر ما هو متاح بحيادية، من صنعاء إلى عدن التي اتخذتها عاصمة مؤقتة.

وتدحرجت كرة النار المتمثلة بانهيار الريال اليمني ضمن عدة مسارات نفذتها الإمارات لتدمير اليمن ، وتمثلت بتقويض السلطات الحكومية الرسمية في كل مناطق الصراع، وخصوصاً المحافظات المعروفة بالمحررة، والتحكم بكل الموارد والمواقع الاقتصادية، واستيراد الوقود، وغسل الأموال وتهريبها، بعد تجميد البنك المركزي اليمني، إثر نقله من صنعاء إلى عدن، مع نفاد الاحتياطي من النقد الأجنبي، واستخدام العملة التالفة، وطبع أوراق نقدية بشكل مختلف عن العملة الوطنية اليمنية، دون تغطية.

ويؤكد خبراء اقتصاد ومصرفيون، تركيز الإمارات خلال سنوات الحرب الدائرة في اليمن على تعطيل النظام المصرفي لليمن وتحويل تدفق السيولة عبر الاقتصاد الموازي والسوق السوداء للصرافين، وتشجيع عمليات غسل الأموال.

وتقدّر تقارير يمنية ودولية هروب ثلاثة أضعاف الاقتصاد اليمني إلى خارج اليمن، من ناحية، وتكوين اقتصاد موازٍ خاص بتجار الحرب، كان الوجه الآخر للسياسة الإماراتية في تدمير العملة والاقتصاد اليمني، وتمثل بانتشار كثيف لشركات الصرافة والسوق السوداء للوقود والكهرباء وشركات خاصة بتوظيف الأموال لسحب فوائض القطاع المصرفي وغسل أموال الحرب، تدار معظمها من أبوظبي ودبي.

ويتطرق الباحث الاقتصادي، نبيل العقيلي، إلى نقطة مهمة في هذا الخصوص، تتعلق بتركة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وأركان نظامه، التي تقدَّر بمليارات الدولارات، والتي تركز جزء منها في دبي وأبوظبي قبل الحرب، ومن ثم تهريبها عبر شركات توظيف أموال ومصارف إلى هناك.

ويضيف العقيلي أن صالح جمع هذه الثروة الهائلة خلال ثلاثة عقود من حكمه لليمن على حساب إفقار اليمنيين ومعاناتهم. لذا كانت عملية هروب هذه التركة التي استقرت في عدة دول أخرى، أحد أهم الأسباب التي دفعت العملة والاقتصاد اليمني إلى الانهيار، لافتاً إلى أن التركيز على العملة والبنك المركزي باعتبارهما رمزين سياديين لأي دولة واستهدافهما يهزّ كيان أي دولة ويجعلها معرضة للاضطرابات والمخاطر والأزمات.

وتقف الإمارات عائقاً حتى الآن أمام العمليات المصرفية للبنوك اليمنية في الخارج، وخصوصاً في ما يتعلق بإجراءات الاستيراد، التي يحتاج إليها اليمن لضمان واردات السلع الأساسية.

تلاشي العملة الوطنية في كل المحافظات، وصل الأمر إلى أن أصبح "الريال العربي" التسمية المعروفة للعملة السعودية إلى جانب الدرهم الإماراتي بصورة غير مباشرة، عملة "تداول رسمية" في كل التعاملات التجارية والمصرفية في نحو 10 محافظات يمنية.

ومنذ بداية الحرب الدائرة في اليمن، أُفرِغ البنك المركزي اليمني من الاحتياطي النقدي الأجنبي المقدر بنحو 5 مليارات دولار، وأكثر من تريليون ونصف من العملة الوطنية، بينما فقدت العملة، وفق تقارير رسمية، 150% من قيمتها.

وأدى انهيار العملة وأزمة السيولة الحادة إلى ارتفاع التضخّم في اليمن إلى نحو 70%، إضافة إلى ارتفاع كلفة سلة الغذاء 60%، وزاد متوسّط أسعار المواد الغذائية بنحو 150%.

الدينار الليبي في محرقة السوق السوداء

تسعى الإمارات إلى السيطرة على شريان الاقتصاد الليبي، عبر تدخلها لإيقاف الحقول النفطية، فضلاً عن تدخلها في إدارة السوق السوداء للعملة، ما أدى إلى انخفاض قيمة الدينار أمام العملات الصعبة.

واستولت الإمارات على مليارات الدولارات من الأموال المهربة من نظام معمر القذافي، وهرّبت أطناناً من الذهب الليبي تراوح بين 50 و55 طناً من الذهب.

وأكد مصدران، أحدهما من مصرف ليبيا المركزي، وآخر مستشار في حكومة الوفاق الوطني، أن الإمارات تتدخل في المضاربة بسوق العملة، وأحد رؤوس السوق يقيم حالياً في دبي. وأوضحا أن الإمارات كان لها دور في ارتفاع سعر الدولار خلال عام 2017، وصولاً إلى 9.5 دنانير، وكذلك خلال عام 2018، وأن الهدف كان إسقاط حكومة الوفاق الوطني.

المحلل الاقتصادي، أبو بكر الهادي، يؤكد أن الإمارات تستهدف تقويض الاقتصاد الليبي عبر محاولة تهريب النفط الليبي أو وقفه. وأشار إلى أن الإمارات سعت إلى تكوين حساب مصرفي للإيرادات النفطية بشكل غير رسمي.

وقال إن سوق العملة تديره أيادٍ خفية من الإمارات، وإن أحد رؤوس السوق "س. ب" موجود في دولة الإمارات ويضارب بالعملة المحلية، ما سبّب انخفاضاً في قيمتها.

واتهم رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، الإمارات بالعمل على تخريب الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية. وقال إن أبوظبي كانت لها علاقة بقصف عدة مواقع في ليبيا، وكذلك محاولات ضرب العملة المحلية، ووقف إنتاج النفط.

وقال مسؤول بارز في لجنة ليبية، معنية بملاحقة الأموال المنهوبة، خلال فترة ثورة 17 فبراير 2011، التي أطاحت نظام معمر القذافي، إن الإمارات تلقت أكثر من نصف المبالغ المهربة التي جرى حصرها، ورُفع ملف بشأنها إلى لجنة العقوبات في هيئة الأمم المتحدة.