ذكرت معلومات أن المخابرات التركية كشفت خطة الانقلاب الفاشل قبل ساعات من تنفيذها، مما أجبر مدبريها على تقديم موعدها نحو ست ساعات.
وتشير المعلومات إلى أن المخابرات رصدت في الساعة الرابعة عصر الجمعة (15/6) محادثات مشبوهة تشير إلى أن هناك محاولة انقلابية، بدأ تنفيذها بالفعل في الساعة التاسعة من مساء اليوم نفسه بالتوقيت المحلي (السادسة بتوقيت غرينتش) واستمرت حتى صباح اليوم التالي.
وتظهر المعلومات أن الانقلابيين اضطروا لتقديم موعد الانقلاب بدلاً من الساعة الثالثة من فجر السبت بعدما تنبهوا لانكشاف المخطط الانقلابي.
وبما أن المخابرات ليست لديها الصلاحيات اللازمة لمتابعة الجيش التركي، فقد قام رئيس المخابرات هاكان فيدان بالتوجه إلى قيادة الأركان فوراً والتقى رئيس هيئة الأركان العامة خلوصي أكار بحدود الرابعة والنصف مساءً وأطلعه على هذه المعلومات.
بعد ذلك أجرى رئيس الأركان اتصالاته، لكن مدير الاستخبارات العسكرية الذي كان ضالعاً في المؤامرة وكذلك مساعد رئيس الأركان أكدا أن لا شيء غير طبيعي وأن هناك تحركات عادية لبعض القوات.
ولكن تحت إصرار رئيس المخابرات أصدر رئيس هيئة الأركان أمراً لكافة فرق ومعسكرات الجيش بوقف أية تحركات ذلك اليوم حتى المعتادة منها، وأمر بوقف مهام أية طائرات عسكرية.
غادر هاكان فيدان مبنى هيئة الأركان قرابة الساعة الخامسة والنصف مساء، وعاد إلى مقر المخابرات، واستمر في تتبع الأمر رغم تأكيد هيئة الأركان عدم وجود أي شيء مريب.
رد فعل الانقلابيين
بعدما رأى الانقلابيون أن المخابرات بدأت تتابع الأمر خافوا من انفضاح المؤامرة، فقرروا تقديم خطة الانقلاب المقررة في الساعة الثالثة صباحاً والمباشرة بها فوراً، فقامت قوة من الانقلابيين باعتقال رئيس هيئة الأركان ومحاولة إجباره على الانضمام للانقلاب، وبعد رفضه تم تقييده وتغطية رأسه ووضعه في غرفة.
واعتقل كذلك نائب رئيس هيئة الأركان، وبعدها بقليل اعتقل قائد القوات الجوية.
بحدود الساعة الثامنة مساء تأكدت المخابرات من أن هناك انقلاباً، فاتصل رئيسها هاكان فيدان بالرئيس رجب طيب أردوغان الذي كان يقضي عطلة في منتجع مرمريس غربي تركيا وأخبره بالانقلاب، وطلب منه الحديث إلى الناس ومخاطبتهم، كما أمر كافة فروع المخابرات بالتصدي للانقلابيين والقتال حتى الموت.
تأمين طائرة الرئيس
في هذه الأثناء تواصل الانقلابيون مع قائد الجيش الأول أوميت دوندار وطلبوا منه الانضمام إليهم، غير أنه أمهلهم للتفكير قليلاً، واتصل فوراً بالرئيس أردوغان بحدود الساعة الثامنة والنصف، متعهداً له بتأمين الحماية لطائرة الرئيس.
وبالفعل أمر قائد الجيش الأول طائرتين من طراز أف ٤ بالتصدي لطائرتين من طراز أف ١٦ تابعتين للانقلابيين وإبعادهما عن أجواء إسطنبول، بينما أقلع الرئيس أردوغان من مطار ديلمان بطائرة عادية وليس بالطائرة الرئاسية، وأقلعت معها طائرتان أخريان مدنيتان باتجاه إسطنبول للتمويه، مما أربك الانقلابيين ومنعهم من استهداف الطائرة التي أقلت أردوغان.
وبفضل تدخل الجيش الأول تم تأمين طائرة الرئيس التي استمرت تحوم لساعة ونصف الساعة فوق إسطنبول، حتى تمكن المواطنون والشرطة من تأمين المطار واقتحامه وإجبار الانقلابيين على إخلائه، مما ساعد على تأمين المدرجات وهبوط طائرة الرئيس، الذي اتخذ من مطار إسطنبول مقراً له لعدة ساعات، وألقى فيه كلمة علنية وخاطب الجماهير المحتشدة بشكل مباشر. 
آلاف المعتقلين والموقوفين
وتواصلت حملة الاعتقالات والتوقيفات في تركيا عقب الانقلاب الفاشل الذي شهدته البلاد مساء يوم الجمعة الماضي، وارتفع عدد المعتقلين إلى أكثر من سبعة آلاف شخص، بينهم عسكريون يحملون رتباً مختلفة وقضاة ومدنيون، بينما توالت الإعلانات عن توقيف الآلاف من الموظفين.
وارتفعت حصيلة عدد القادة العسكريين الموقوفين إلى 118 جنرالاً وأميرالاً, وصدرت قرارات اعتقال بحق 85 منهم. واعتقلت السلطات أكثر من ستة آلاف عسكري.
وأحيل عدد من الموقوفين إلى المحكمة بتهم منها انتهاك الدستور ومحاولة اغتيال الرئيس أو الاعتداء الفعلي عليه، وارتكاب جرم بحق السلطة التشريعية، وتأسيس منظمة مسلحة أو إدارتها، والقتل، وتغيير النظام الدستوري بقوة السلاح.
من جانب آخر، توالت الإعلانات عن عزل آلاف الموظفين بقطاعات مختلفة، وقالت وسائل إعلام تركية إن وزارة التعليم أوقفت أكثر من 15 ألف موظف عن العمل، وطالب مجلس التعليم العالي بفصل 1577 من رؤساء الجامعات وعمداء الكليات.
وأكدت وزارة الداخلية عزل نحو تسعة آلاف من موظفيها بينهم نحو ثمانية آلاف من الشرطة، إضافة إلى مسؤولين محليين.
وذكرت مصادر في رئاسة الوزراء -لوكالة الأناضول- أن 257 من العاملين في رئاسة الوزراء أبعدوا عن وظائفهم. وأفادت وكالة «دوغان» الإخبارية بأن رئاسة الشؤون الدينية -وهي أعلى هيئة دينية- عزلت 492 من موظفيها عن مواقعهم.
وتأتي هذه الاعتقالات والتوقيفات عن العمل ضمن خطط السلطات لـ«تطهير» مؤسسات الدولة من أعضاء جماعة الخدمة التي يقودها رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة الأميركية فتح الله غولن، المتهم من قبل أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب.