خليل العناني

لا غرابة في شغف بعض المثقفين والكتّاب العرب بمصر، وعشقهم لها، ولا ضير في أن يعبّروا عن ذلك كتابة وشعراً وأدباً وغناءً. ولمَ لا وهي «المحروسة» التي مرّ من بوابتها نجوم كبار في مختلف المجالات الفكرية والأدبية والثقافية. لكن أن يخلط بعضهم بين مصر وحكّامها فهذا هو مكمن الخلل والعجب، خصوصاً إذا كان من بين هؤلاء الحكام من دمّر ونهب وأفقر مصر، كما هي الحال مع الرئيس المخلوع حسني مبارك. فقبل أيام، كتب أحد أصحاب الأقلام الشهيرة عموداً في صحيفة عربية معروفة يدافع فيه عن مبارك، ويثني على قرار براءته الذي أصدرته محكمة النقض قبل أسبوعين. لم يخجل الرجل من أن يشكّ في نفسه أكثر من شكّه في مبارك حين كتب: «لو سمعته بأذنيّ (يقصد مبارك) يقول: اقتلوا المتظاهرين، لما صدّقت أذنيّ». ولا أدري ما سرّ هذا الهيام بديكتاتور مثل مبارك؟ وما الدافع وراء تزلفٍ كهذا، لغة وأسلوباً، لرجل لا تزال يداه ملطختين بجرائم سياسية واقتصادية وجنائية، مهما برّأه القضاء؟ 
دعك من سجل الكاتب المليء بمغازلة السياسيين والحكام العرب منذ أكثر من ثلاثة عقود، وهو الذي لا يتوقف عن سرد حكاياته معهم ومع أسرهم وعائلاتهم، دون أن يقف أحد على مصداقية ما يقول، أو ما يدّعي معرفته، لكن أن يصل به الحال أن يغسل سمعة ديكتاتور مارس كل أنواع الاستبداد والفساد والإجرام ثلاثين عاماً فذلك ما لا يتحمله عقل أو ضمير. وهو لا ينسى حين يغازل مبارك، أن يبالغ في شيطنة خصومه السياسيين، خصوصاً من الإسلاميين، وأن يتهمهم بكل نقيصة، وفي مقدمتها الإرهاب والقتل، في وصلة من المزايدة المقززة من أجل تبرير استمرار قمعهم وقتلهم.
لم يعدم تاريخ العرب أمثال هؤلاء الكتاب الذين يكيلون المديح والثناء للسلطة في مقابل التقرّب منها، أو طمعاً في حفنة من مال أو رغبة في جاه. ولا يخجل هؤلاء أن يحوّلوا أقلامهم مادة للبيع والشراء في بلاط السلطة، بحيث لا يحكمها مبدأ، ولا يزينها موقف أخلاقي، وكأن قدر الشعوب العربية أن يتحول من يُفترض أنهم ضمائر الأمة وحاملو مشعل نهضتها إلى مجرد أداة في يد السلطة، تحركهم كيف تشاء، وهو مستوى جديد للسقوط والانحدار.