العدد 1693 /10-12-2025

علي أبو مريحيل

بعث وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث برسالة سلام وحوار إلى الصين، في خطاب ألقاه نهاية الأسبوع الماضي، قدّم فيه لمحة موجزة عن استراتيجية الدفاع الوطني المقبلة. وفي كلمته الرئيسية في منتدى ريغان السنوي للدفاع الوطني السبت الماضي، قال هيغسيث إن واشنطن ملتزمة بوضع أميركا أولاً، وتجنب الانخراط في التشابكات الخارجية لأنها تعطي الأولوية للأمن الداخلي.

وفي ما يتعلق بالعلاقة مع الصين، قال هيغسيث إن العلاقات بين واشنطن وبكين في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب أصبحت أقوى مما كانت عليه منذ سنوات عدة، مشيراً إلى أن البنتاغون ملتزم بفتح نطاق أوسع من الاتصالات العسكرية مع جيش التحرير الشعبي، بهدف خفض الصراع والتصعيد. ولفت وزير الحرب الأميركي إلى أن ترامب يسعى لتحقيق سلام مستقر وتجارة عادلة وعلاقات قائمة على الاحترام، وأن هذا الخط من الجهود يرتكز على الواقعية المرنة، وهو نهج لا يهدف إلى الهيمنة، بل إلى توازن القوى، الذي سيمكّن جميع البلدان من التمتع بسلام لائق في منطقة المحيطين، الهندي والهادئ.

وجاءت تصريحات هيغسيث بعد وقت قصير من إصدار إدارة ترامب الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي التي تحدد الأولويات والرؤية الاستراتيجية، بما في ذلك الوضع العسكري، والتهديدات الوطنية، والعلاقات مع الحلفاء والخصوم. وقد حددت الاستراتيجية الصين باعتبارها منافساً قوياً، وشددت على الجهود الأميركية لمواجهة نفوذها الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري. وفي تعليقها على ذلك، قالت وسائل إعلام صينية، إنه يبدو أن تصريحات وزير الحرب كانت بمثابة مقدمة لاستراتيجية الدفاع الوطني القادمة، التي من المتوقع إصدارها لاحقاً هذا الشهر، وهي عبارة عن شرح مفصل لكيفية تنفيذ البنتاغون لاستراتيجية الأمن القومي التي كُشف عنها الأسبوع الماضي. وأضافت أن وزير الحرب الأميركي يروج للواقعية المرنة مع الصين، قبل إصدار وثيقة الدفاع الاستراتيجية.

مؤشرات إيجابية

وفي السياق، يرى الباحث في العلاقات الصينية الأميركية ليو وانغ، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تصريحات هيغسيث تحمل إشارات إيجابية بشأن مسار العلاقات بين بكين وواشنطن في ولاية ترامب الثانية، التي من المتوقع أن تتضح ملامحها مع بداية العام المقبل، حيث من المنتظر تكثيف اللقاءات الثنائية على مستوى زعيمي البلدين، سواء في إطار الزيارات المتبادلة أو القمم المرتقبة على هامش منتديات دولية.

وأضاف أن من النادر أن يتحدث وزير حرب أميركي بلغة ناعمة عن الصين ويشيد بمتانة العلاقات بين البلدين، مرجعاً ذلك إلى رغبة إدارة ترامب في تذليل العقبات من أجل التعاون في ملفات إقليمية ودولية، مثل الأزمة في شبه الجزيرة الكورية، والحرب الروسية الأوكرانية، إضافة إلى عقد صفقات تتعلق بالتجارة والمعادن النادرة، والرقائق الإلكترونية. وهذا يستدعي، بحسب ليو، أن تكون الأجواء إيجابية بين أكبر قوتين اقتصاديتين قبل طرح جميع هذه الملفات ومناقشتها.

هذا وتسود توقعات في الأوساط الصينية بأن عام 2026 قد يحمل انفراجة في العلاقات مع الولايات المتحدة، بعد موجة عالية من التوترات السياسية والتجارية بين الصين وأميركا، بدأت منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في ولاية ثانية. وتتعزز هذه التوقعات مع تعهد الولايات المتحدة بدعم استضافة الصين للاجتماع السنوي لمنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC)، ودعم بكين لاستضافة الولايات المتحدة لقمة مجموعة العشرين. ومن الشائع أن يشارك رؤساء الدول في مثل هذه الاجتماعات، لذا قد يلتقي رئيس الصين شي جين بينغ وترامب على هامش الحدثين. كذلك من المتوقع أن يزور ترامب الصين في إبريل/ نيسان المقبل، فيما وافق شي، وفق ترامب، على زيارة الولايات المتحدة عام 2026.