العدد 1430 / 30-9-2020

أظهرت الأشهر الأولى من حكم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وجود توجه جديد في طريقة التعامل مع المستعمر القديم فرنسا، مخالفا لعهد سلفه عبد العزيز بوتفليقة.

وباتت السلطة الجديدة في الجزائر تربط وجود علاقات طبيعية مع باريس بمعالجة مخلفات الحقبة الاستعمارية (1830 – 1962).

وتطالب الجزائر باعتذار رسمي من فرنسا عن جرائم الاستعمار وحل ملفات مرتبطة به مثل الأرشيف وتعويض ضحايا تجارب نووية في الصحراء فيما تدعو باريس إلى طي صفحة الماضي والتوجه نحو المستقبل.

التسوية شرط لعلاقات طبيعية

ومنذ وصول تبون إلى الحكم في انتخابات 12 كانون الأول الماضي، بدا واضحا أن هناك تحولا في مستوى العلاقات مع فرنسا على كافة المستويات، بدت فيه السلطة الجديدة وكأنها تريد فرض علاقة الند للند مع باريس.

كما ظهر وكأن هناك توجها جزائريا لوضع حد لموقع باريس "كشريك بامتيازات خاصة".

ولم يتردد الرئيس الجديد في القول، خلال عدة تصريحات إعلامية سابقة، إن "ضمان علاقات طبيعية واستعادة فرنسا لمكانتها الاقتصادية في الجزائر مربوط بمدى جاهزيتها لمعالجة ملفات الذاكرة (ذاكرة الاستعمار).

وخلال الأشهر الأخيرة، تصاعد التوتر بين البلدين ليس فقط من أجل ملفات الاستعمار، لكن هذه المرة بسبب ما وصفته السلطات في الجزائر بـ"حملة تضليلية مركزة وغير بريئة يشنها الإعلام الفرنسي لتشويه صورة البلاد، وضرب الثقة بين الشعب ومؤسساته"، وفق ما ورد في بيان سابق لوزارة الإعلام.

وكانت الوزارة ترد على تقارير وأفلام وثائقية بثتها فضائيات فرنسية حكومية وخاصة حول الوضع السياسي في البلاد، وخاصة الانتفاضة الشعبية التي انطلقت في شباط 2019، وأطاحت بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في نيسان من العام ذاته، قبل أن تستمر لأشهر أخرى للمطالبة بتغيير جذري للنظام.

وفي أيار الماضي، وصل التوتر بين البلدين إلى استدعاء الخارجية الجزائرية للسفير الفرنسي لديها، وسفيرها لدى باريس للتشاور احتجاجا على الحملة الإعلامية الفرنسية.

وفي 21 أيلول الجاري، أعلنت الجزائر، اعتزامها عدم تجديد التعاقد مع شركة فرنسية مكلفة بتسيير وصيانة مترو أنفاق العاصمة منذ عام 2011.

وأوضحت مؤسسة مترو الجزائر (حكومية)، في بيان، أن عقد تسيير وصيانة مترو أنفاق الجزائر العاصمة مع شركة "راتيبي باريس"، ينتهي رسميا في 31 تشرين الأول المقبل.

وتبلغ الاستثمارات الفرنسية المباشرة في الجزائر 2.5 مليار دولار حتى نهاية 2017، حسب بيانات الوكالة الجزائرية لتطوير الاستثمار.

وتتمثل هذه الاستثمارات بـ500 مشروع تشمل قطاع الطاقة، والصناعات، إضافة للخدمات العامة، وينخرط فيها 400 شركة، وفق المصدر ذاته.