العدد 1693 /10-12-2025
إيمان الحامدي
من المقرر أن ينفذ نحو 100 ألف عامل تونسي، اليوم
الأربعاء، إضراباً عاماً شاملاً في قطاعات الصناعات الغذائية والتجارة والصناعات
التقليدية، استجابة لدعوة النقابات للتحرك الاحتجاجي بسبب رفض أرباب العمل صرف زيادات
في الرواتب بعنوان سنة 2025. وأعلنت الجامعة العامة للصناعات الغذائية والسياحة
والتجارة والصناعات التقليدية في بيان نشرته على صفحتها الرسمية على
"فيسبوك" تمسكها بالإضراب المقرر الأربعاء، بعد رفض التفاوض من قبل
وزارة الشؤون الاجتماعية ومنظمة الأعراف بشأن الزيادة في الرواتب وتحسين ظروف
العمل. وحمّلت الجامعة العامة المسؤولية كاملة للغرف المهنية في دفع القطاع إلى
هذا التحرك نتيجة غياب الجدية في التعاطي مع الملف.
ويشمل الإضراب، وفق ما أكده رئيس الجامعة محمد
البركاتي، قطاعات الصناعات الغذائية بما في ذلك المخابز والمطاحن ومصانع العجين
الغذائي، إلى جانب المساحات التجارية الكبرى، وتجارة الجملة والتجزئة، وقطاع صناعة
المياه المعدنية والمشروبات الغازية والمشروبات الكحولية والصناعات التقليدية.
وقال البركاتي لـ "العربي الجديد" إن
هذه القطاعات تشغل أكثر من نحو 100 ألف عامل، من بينهم نحو 20 ألف عامل في
المساحات التجارية الكبرى. وأكد أن هؤلاء العمال، الذين لا تتجاوز رواتبهم 900
دينار (ما يعادل 310 دولارات)، حُرموا من الزيادة في رواتبهم العام الحالي بسبب
رفض القطاع الخاص توقيع اتفاقات الزيادة، مشيراً إلى أن العمال في هذه القطاعات
يُحرمون من حقوق أساسية يتمتع بها باقي العمال والموظفين في القطاعين الخاص
والحكومي ممن حصلوا على تعديل الرواتب بانتظام خلال السنوات الماضية.
وأضاف: "يُحرم طيف واسع من القطاع الخاص من
حق الزيادة في الرواتب التي تمتع بها موظفو القطاع الحكومي"، معتبراً أن
النقابات تدافع عن حق التكافؤ بين جميع العمال في الحصول على زيادات سنوية في
الأجور.
ويبلغ متوسط الأجور في القطاع الخاص في تونس حوالي
924 ديناراً شهرياً (نحو 318 دولاراً)، وفقاً لمسح أجراه المعهد الوطني للإحصاء
عام 2022. ويختلف هذا المتوسط بشكل كبير حسب طبيعة العمل، حيث يصل إلى 1698
ديناراً للمسؤولين و658 ديناراً للعمال العاديين. وأشار البركاتي إلى أن المفاوضات
بشأن الزيادات في الرواتب توقفت منذ مايو/أيار الماضي بسبب تعطل الحوار بين
النقابات والأعراف ووزارة الشؤون الاجتماعية بصفتها الطرف الحكومي المؤطر للمفاوضات
الاجتماعية.
لكن سلطات تونس تتجه بداية من عام 2026 إلى صرف
زيادات الرواتب لموظفي القطاعين الحكومي والخاص، خلال السنوات الثلاث المقبلة، من
دون إجراء مفاوضات مع النقابات العمالية، وذلك لأول مرة منذ سبعينيات القرن
الماضي. وقد أدرجت الحكومة، ضمن مشروع قانون الموازنة، بنداً يتعلق بالزيادات في
الرواتب وجرايات (أجور) المتقاعدين لسنوات 2026 و2027 و2028، سيُجرى تحديد قيمتها
بموجب أمر حكومي، يصدر بعد المصادقة على قانون الموازنة ودخوله حيز التنفيذ مطلع
العام المقبل.
وكشف البند المتعلق بزيادة الرواتب في القطاعين
الحكومي والخاص أن السلطات تنوي احتكار قرار رفع الأجور، من دون إبرام اتفاق مع
الاتحاد العام التونسي للشغل، خلافاً لما جرت عليه العادة في جولات المفاوضات
الاجتماعية السابقة.
وحسب الأعراف المعمول بها، تُفتح جولة مفاوضات
اجتماعية كل ثلاث سنوات بين السلطات واتحاد الشغل، تُناقش خلالها نسب الزيادات في
الرواتب، وروزنامة صرفها، وتعديل الاتفاقيات القطاعية، وتنتهي بتوقيع اتفاق يُنشر
في الجريدة الرسمية لتفعيله.
وخلال مناقشة الموازنة، فشل البرلمان في فرض زيادة
في أجور العاملين بنسبة لا تقل عن 7% بعد سقوط المقترح خلال التصويت في الجلسة
العامة. ويستعد اتحاد الشغل التونسي إلى تنفيذ إضراب عام شامل في البلاد يوم 21
يناير/كانون الثاني القادم، احتجاجاً على ضرب العمل النقابي وإغلاق السلطة
التنفيذية أبواب الحوار مع النقابات. ويأتي هذا التصعيد في ظل انعدام التواصل بين
الاتحاد والحكومة منذ فترة طويلة، وفي سياق اجتماعي متدهور ومناخ عام متأزم.