العدد 1480 /29-9-2021

أصدرت وزارة العدل المصرية أخيراً قراراً يحظر اتخاذ إجراءات بمنع التصرف بالشهر العقاري والتوكيل والتوثيق بناء على الأسماء الثنائية والحركية للأشخاص المدرجين على "قائمة الإرهاب"، والتقيّد بالأسماء الثلاثية والبيانات الشخصية المنصوص عليها في قرارات الإدراج وفقاً لقانون "الكيانات الإرهابية". واعتبرت أن الهدف من ذلك هو حماية حقوق المواطنين "حسني النية" الذين لا ذنب لهم إلا تشابه أسمائهم مع المدرجين على القائمة. ويعكس هذا القرار حدوث فوضى في ملف منع المدرجين على قوائم الإرهاب من التصرف في أموالهم وأملاكهم العينية، والتحفظ عليها تمهيداً لمصادرتها، بموجب القانون الذي صدر عام 2018 للسماح بضمّ هذه الأملاك إلى الدولة.

واعتبر مصدر قضائي بوزارة العدل، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن السبب الأساسي لصدور القرار هو وصول شكاوى من أكثر من 50 شخصاً إلى المصرف المركزي ووحدة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، برئاسة المستشار أحمد السيسي، شقيق رئيس الجمهورية. وذكر هؤلاء أنهم تعرّضوا ظلماً للمنع من التصرف في أموالهم، أو تم التحفظ عليها بالفعل، كما مُنعوا من التعامل مع الشهر العقاري والتوثيق بسبب تشابه أسمائهم مع أسماء بعض المدرجين على القوائم، أو لعلاقات قرابة تربطهم بهم من دون وجه حق.

وأوضح المصدر أن القرار، وإن كان يستهدف حماية حقوق المواطنين غير المنخرطين في القضايا سواء بالاتهام أو الإدانة، فإنه يحمل عدداً من المؤشرات الأخرى على رفع حدة التنكيل بالمدرجين على تلك القوائم. ومن هذه المؤشرات إبلاغ أسمائهم إلى الجهات القضائية العربية والأجنبية بطلب منعهم من التعامل بأملاكهم في الخارج، ووقف التعامل في حساباتهم المصرفية الأجنبية.

وعن تزامن هذه الحملة مع التقارب السياسي الجاري مع دول يعيش فيها عدد كبير من المدرجين على قوائم الإرهاب المصرية، ذكر المصدر أن السلطات تخشى من أن تعطي التطورات الأخيرة مساحة متخيّلة لاستئناف التعاملات المالية بين المدرجين المقيمين حالياً في مصر وغير المعتقلين. وشدّد على أن الأمر يتعلق بالمتهمين في القضية الكبرى، وهي قضية تمويل جماعة الإخوان (المعروفة إعلامياً بقضية محمد أبو تريكة)، وبين شركائهم وعائلاتهم في الخارج والداخل، وهناك خشية من أن يتطور ذلك إلى استطاعتهم نقل عدد من أصولهم التي لم تصادرها الدولة إلى مالكين آخرين.

وكشفت مصادر مطلعة عن بعض المستجدات الأخرى بالتزامن مع التقارب السياسي المذكور، لتنفيذ الأغراض ذاتها، ومنها: التوسع في أعداد المدرجين الممنوعين من التعامل مع المصارف، وتضاعف أعداد المدرجين الممنوعين من صرف رواتبهم ومستحقاتهم المالية الحكومية، ومنع عدد كبير منهم مع أسرهم من الحصول على الدعم الحكومي للخبز والتموين، وانتهاء بضمّ زوجات وأبناء أكثر من 200 شخص متحفظ على أموالهم منذ عام 2014 بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان وتمويلها، إلى قوائم التحفظ. وتمهّد العملية الأخيرة لإدراج هؤلاء الأشخاص على "قائمة الإرهاب"، وبالتالي منعهم من التصرف في أموالهم ومنعهم من السفر وتجديد جوازات السفر لمن هم خارج البلاد ووضعهم على قوائم ترقب الوصول، تمهيداً لمصادرة أموالهم وأموال ذويهم.

يذكر أن من بين المتهمين بالقضية الكبرى لتمويل الإخوان والمدرجين على "قائمة الإرهاب" رجل الأعمال صفوان ثابت، مالك شركة "جهينة" للألبان والصناعات الغذائية، المعتقل منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وانضم إليه نجله سيف الدين، المعتقل منذ فبراير/ شباط الماضي، وكلاهما متهم أيضاً على ذمة قضية أخرى لتمويل الإخوان مع عدد محدود من الشخصيات، مثل رجل الأعمال رجب السويركي، مالك سلسلة محلات التوحيد والنور، التي انتقلت جزئياً إلى ملكية مؤسسة جديدة تابعة للمخابرات العامة. ودانت منظمة العفو الدولية في بيان، أول من أمس الإثنين، استمرار حبس ثابت ونجله على خلفية رفضهما تلبية مطالب الدولة لتخليهما عن ملكية شركتهما الناجحة، وهو السبب الشائع عن ظروف القضية في أوساط الاقتصاد المصري.

وسبق أن كشفت "العربي الجديد" منذ سبعة أشهر أن ثابت متهم في القضية الجديدة بإخفاء أمواله الخاصة المتحفظ عليها منذ أكثر من ست سنوات، والتي كانت الدولة قد استثنت منها شركة "جهينة"، مراعاة لأصحاب الأسهم من الأجانب والمصريين، والمستثمرين الكبار في الشركة من أوروبا والخليج، تحديداً السعودي محمد الدغيم، رئيس مجلس الإدارة الحالي. وادّعت التحريات الأمنية أن ثابت استطاع إخفاء نسبة كبيرة من أمواله المتحفظ عليها في أسهم شركة "جهينة" واستثماراتها المختلفة، وأن نجله ساعده في ذلك، باعتباره عضواً منتدباً للشركة.