العدد 1411 / 29-4-2020

رفضت الحكومة الماليزية طلب المعارضة عقد جلسة استثنائية للبرلمان لمناقشة حزمة الحوافز الاقتصادية التي أعلنتها لمواجهة آثار انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).

وقال وزير الشؤون القانونية تقي الدين حسن -في بيان صحفي- إن اقتصار مداولات البرلمان على يوم واحد يستند إلى الواقع على الأرض ومواجهة انتشار الفيروس.

وكانت الحكومة قد أجلت، في سابقة تاريخية، افتتاح الدورة المقبلة للبرلمان من 9 مارس/آذار الماضي إلى 18 مايو/أيار المقبل، وهو ما انتقدته المعارضة بشدة وطالبت في حينه باستئناف عمل البرلمان بشكل معتاد.

وفسر كثيرون التأجيل بسعي الحكومة الجديدة إلى استقرار وضعها بعد الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد، والحيلولة دون مواجهة تصويت على الثقة توعد به تحالف الأمل "المعارض" الذي يقول إنه يمتلك الغالبية في البرلمان ويشكك في شرعية الحكومة الحالية.

وكان الملك قد كلف محيي الدين ياسين بتشكيل الحكومة بداية مارس/آذار مستندا إلى صلاحياته الدستورية باختيار من يراه قادرا على الحصول على ثقة البرلمان.

غير أن تحالف "الأمل" الحاكم سابقا شكك في أهلية رئيس الوزراء الجديد وقال إنه ضلل الملك بتقديم أرقام غير دقيقة لأعضاء البرلمان الذين يؤيدونه، بما يضمن تأييد أكثر من 113 مقعدا من بين 222 هي مجموع مقاعد البرلمان.

وجاء إعلان الموعد الجديد لانعقاد البرلمان بعد استلام حكومة تحالف "العقد الوطني" بداية مارس/آذار الماضي على أنقاض حكومة "الأمل" برئاسة مهاتير محمد.

وينص الدستور على ضرورة انعقاد البرلمان في مدة لا تتجاوز ستة أشهر بعد آخر جلسة من الدورة السابقة، والتي كانت في الرابع من ديسمبر/كانون الأول الماضي.

تعطيل البرلمان

وشدد وزير الشؤون القانونية على أن قرار اقتصار المداولات على يوم واحد شرعي ويتماشى مع الدستور واللوائح التشريعية، ويأخذ بالاعتبار سلامة أعضاء المجلس والوضع الصحي الطارئ الذي تعيشه البلاد.

وكان أنور إبراهيم زعيم المعارضة -بحكم الأمر الواقع- قد تعهد لرئيس الوزراء بعدم إثارة موضوع الثقة في البرلمان في حال انعقاده.

وقال في بث مباشر عبر صفحته في فيسبوك إن ما عرضه على رئيس الوزراء في لقائهما يوم 12 أبريل/نيسان الجاري، وهو مناقشة مصادر مبالغ الحوافز الاقتصادية وآليات صرفها.

وشدد إبراهيم على أن هدفه ضمان الشفافية وإيصال المساعدات إلى مستحقيها، وتفادي توريط البلاد بأزمة اقتصادية من خلال اقتراض زائد على الحاجة.

من جهته، رأى عضو مجلس الشيوخ محمد نور منوطي أنه ليس هناك مبرر في رفض الحكومة مناقشة حزمة الحوافز الاقتصادية التي تقدر بنحو 60 مليار دولار، ويقتضي انعقاد جلسة خاصة للبرلمان لمدة يومين أو ثلاثة مع ضمان الالتزام بالضوابط الصحية والاستفادة من التكنولوجيا كما هو حاصل في كثير من الدول.

واستغرب منوطي في حديثه للجزيرة نت ما سماه تعطيل الحياة البرلمانية، لا سيما أن المعارضة تعهدت بعدم إثارة أية قضايا غير ذات صلة بمعالجة آثار فيروس كورونا والحوافز الاقتصادية التي أعلنت عنها الحكومة، وسبل تفادي أزمة اقتصادية تلوح بالأفق.

المخرج في الحجر

أما بريج ويلش الخبير بمنطقة جنوب شرق آسيا، فاعتبر في مقال نشرته صحيفة "ماليسيا كيني" (محسوبة على حزب العمل الديمقراطي المعارض) أن ياسين (رئيس الحكومة المكلف) انتهج تكتيكا لإنقاذ تحالفه السياسي الهش، يقوم على وضع حكومته والبلاد في قفص الحجر الصحي، وشراء ولاءات أعضاء متذبذبين في البرلمان، وتقديم مساعدات عاجلة للمواطنين لكسب رضاهم وامتصاص سخطهم، ويبدو -برأي الخبير- أن هذا التكتيك ناجح لكنه توقع ألا يستمر طويلا.

ويرى منوطي، وهو سياسي مخضرم ويترأس مجلس إدارة جامعة السلطان ميزان بولاية ترينغانو، أنه لن يكون هناك مجال لمناقشة أية قضية في البرلمان يوم 18 من الشهر المقبل الذي يخصص للاستماع إلى كلمة الملك.

وأضاف أن رفض ياسين لتعهدات إبراهيم -لا سيما بما يتعلق بالتصويت على الثقة- يعود إلى التقليد الذي يقوم على عدم الثقة بالوعود السياسية، وتجنبا لأي مفاجأة قد يثيرها مجموعة من أعضاء البرلمان.

وبرأيه فإن الحكومة ارتأت أن الأسلم لها أن تشمل إجراءات الإغلاق منع الحركة في البرلمان، والاقتصار على جلسة افتتاحية للدورة المقبلة لمنع أزمة دستورية، في حال تجاوز ستة أشهر من تاريخ انعقاد آخر جلسة للبرلمان في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وقال منوطي، المقرب من إبراهيم، إن رئيس الحكومة المكلف أخبره بأنه يواجه مصاعب داخل التحالف الذي تشكل على عجل، وهو ما أكده الكاتب ويلش الذي رأى أن ياسين يواجه تحديات من كل جانب.

وبين هذه التحديات وفي ظل مواجهة وباء كورونا، يبحث ساسة "أنانيون" عن مصالحهم. وتلوح أزمة اقتصادية بالأفق مع انهيار أسعار النفط وزيت النخيل، وارتفاع متوقع لنسبة البطالة. بالإضافة لوضع رئيس الوزراء الصحي الذي يُعتقد أنه تعافى من السرطان الذي عانى منه خلال العامين الماضيين.