العدد 1690 /19-11-2025
وثق مركز غزة
لحقوق الإنسان وفاة 10 آلاف فلسطيني جراء الحرمان من العلاج في قطاع غزة، بفعل
الإبادة الجماعية واستهداف المنظومة الصحية. وأكدت منظمة الصحة العالمية، اليوم
الأحد، وفاة أكثر من 900 مريض في أثناء انتظار الإجلاء الطبي، بسبب قيود سلطات
الاحتلال الإسرائيلي على إصدار تصاريح السفر للعلاج خارج القطاع. بينما وصفت وزارة
الصحة الفلسطينية في غزة الوضع الصحي بالقطاع بأنه ما زال مأساوياً رغم اتفاق وقف
إطلاق النار، مشيرة إلى أن النقاط الطبية المقامة حديثاً خرجت عن الخدمة بسبب
غزارة الأمطار وتطاير الخيام بفعل المنخفض الجوي.
وطالب مركز غزة
لحقوق الإنسان، في بيان للمجتمع الدولي، بـ"التدخل العاجل لإلزام إسرائيل
برفع قيودها، وفتح المعابر، وضمان حركة السفر، وتأمين احتياجات المستشفيات في
القطاع". وحذّر من أن آلاف المرضى الفلسطينيين في قطاع غزة "يعيشون
سباقاً يومياً مع الزمن، وتتدهور صحتهم مع انهيار النظام الصحي، وعدم توفر الأجهزة
والعلاجات المناسبة، وكذلك استمرار إغلاق معبر رفح والعراقيل الإسرائيلية التي
تحول دون سفرهم"، مؤكداً توثيق وفاة 10 آلاف مريض، ضمنهم نساء وأطفال، خلال
رحلة علاجهم في قطاع غزة خلال عامي الإبادة التي نفّذتها إسرائيل، والتي تخللها
استهداف وتدمير ممنهج للمنظومة الصحية.
وأشار المركز إلى
أن بين حالات الوفاة الموثّقة ألف مريض من قوائم المرضى الذين كانوا مسجلين للسفر؛
نتيجة تدهور حالتهم الصحية، وعدم توفر علاجات مناسبة لهم. وذكر أنه جمع معطيات عن
أكثر من ألف حالة من المرضى المحرومين من السفر، ومنهم مرضى سرطان تدهورت أورامهم
بسبب انقطاع العلاج الإشعاعي، ومصابون بإصابات بالغة فقدوا أطرافهم لأن التحويلات
الطبية لم تصل في الوقت المناسب، وأطفال ينتظرون عمليات زراعة لا يمكن إجراؤها
داخل غزة بعد تدمير معظم الأقسام التخصصية.
وأوضح أن فرق
المركز "تتابع حالات واضحة تشرح الكارثة، منها طفل في السادسة يعاني من ضمور
عضلي متقدم يحتاج إلى نقل عاجل لزراعة جهاز تنفسي، وامرأة أربعينية مصابة بسرطان
الثدي أُجّل علاجها أكثر من عشرة أشهر حتى تضاءلت فرصة الشفاء، وشاب أُصيب بتهتك
في العمود الفقري خلال إحدى الغارات ينتظر قرار الإخلاء الطبي منذ ثمانية أشهر
بالرغم من تحذيرات الأطباء من احتمال الشلل الكامل".
طالب المركز
الحقوقي بتدخل دولي حقيقي يُعيد للمرضى حقهم في الحياة، بما في ذلك فتح ممرات
مستقرة وآمنة للإجلاء الطبي دون قيود أمنية
وأكد المركز
الحقوقي أن هذه الحالات "جزء صغير من مشهد واسع يحرم سكان غزة من أبسط حقوقهم
في العلاج، حيث تسبّب تدمير أو قصف أغلب المستشفيات وقتل عدد كبير من الطواقم
الطبية واعتقال آخرين في إضعاف القدرة على تقديم الخدمات الصحية، خاصة مع تلف
غالبية الأجهزة الطبية المتخصصة".
وقال منسق أعمال
المركز، المحامي محمد الخيري، إن الاحتلال "يمارس سياسة حصار طبي مكشوفة تشكل
عقوبة جماعية بحق المرضى". وشدد في البيان ذاته على أن "أي تأخير في نقل
الحالات الحرجة يمثل حكماً مباشراً بالموت، لا سيما أن النظام الصحي تعرّض للتدمير
على مدار عامين من جريمة الإبادة الجماعية، حيث خرجت المستشفيات من الخدمة، وأصبح
الوصول إلى العلاج خارج غزة عملية مستحيلة".
وطالب المركز
الحقوقي بـ"تدخل دولي حقيقي يُعيد للمرضى حقهم في الحياة، بما في ذلك فتح
ممرات مستقرة وآمنة للإجلاء الطبي دون قيود أمنية، وتأمين نقل الحالات الحرجة خلال
ساعات وفق آلية دولية مستقلة". وطالب بـ"مساءلة إسرائيل على استخدام
الحصار الطبي أداة قتل ممنهجة، في سياق جريمة الإبادة الجماعية التي
ترتكبها"، داعياً لتوفير دعم عاجل للمستشفيات والمراكز الصحية القليلة التي
ما زالت تقدم الحد الأدنى من الرعاية.
وأشارت منظمة
الصحة العالمية، في بيان، إلى أن ما يقارب من 16 ألفاً و500 مريض ما زالوا ينتظرون
الموافقة على السفر، بينهم 4 آلاف طفل بحاجة ماسة إلى إجلاء عاجل لإنقاذ حياتهم،
مع استمرار انهيار القطاع الصحي، محذرة، وفقا لـ"قنا" من أن أي تأخير في
التعامل مع الحالات الحرجة يوازي حكماً بالإعدام، وموضحة أن المستشفيات في القطاع
تعمل بأقل من نصف طاقتها، نتيجة نقص الوقود والأدوية والمستلزمات الأساسية. وبينت
أنها نفذت 119 مهمة إجلاء منذ مايو 2024، تمكنت خلالها من نقل 8 آلاف مريض للعلاج
خارج غزة، بينهم 5 آلاف و500 طفل، فيما لا يزال آلاف المرضى يواجهون المجهول في ظل
انهيار النظام الصحي.
من جانبها، قالت
وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، اليوم الأحد، إن الوضع الصحي بالقطاع ما زال
مأساوياً رغم اتفاق وقف إطلاق النار، مشيرة وفقا لـ"الأناضول" إلى أن
النقاط الطبية المقامة حديثاً خرجت عن الخدمة بسبب غزارة الأمطار وتطاير الخيام
بفعل المنخفض الجوي. وأضاف المتحدث باسم الوزارة خليل الدقران، في بيان، أن
"الوضع الصحي في قطاع غزة لا يزال مأساوياً جراء عدم التزام الاحتلال بنود
اتفاق وقف إطلاق النار"، موضحاً أن إسرائيل تواصل منع "إدخال الأدوية
والمستلزمات الطبية للقطاع، إضافة إلى منع خروج الجرحى والمصابين للسفر لتلقي
العلاج".
ووفق المكتب
الإعلامي الحكومي وحركة حماس، فإن إسرائيل تتنصل من التزاماتها التي نص عليها
اتفاق وقف إطلاق النار، خصوصاً في ما يتعلق بالبروتوكول الإنساني وإدخال شاحنات
المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية. وأشار المسؤول الصحي إلى منع إسرائيل خروج
16 ألفاً و500 مريض ومصاب من قطاع غزة للعلاج بالخارج، رغم جهوزية أوراقهم الرسمية
وتحويلاتهم الطبية. وفي السياق، أكد الدقران أن "النقاط (الخيام) الطبية التي
أُنشئت لتقديم الخدمة الصحية للمواطنين خرجت عن الخدمة، بسبب غزارة الأمطار وتطاير
الخيام من قوة الرياح". وطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري والإسراع في
إدخال الخيام والبيوت المتنقلة ومواد البناء إلى قطاع غزة. ولم يشر الدقران إلى
حجم الأضرار التي لحقت بالخيام والنقاط الطبية في مناطق مختلفة من القطاع جراء غرق
بعضها وتطايره بفعل الأمطار والرياح.
ومنذ الجمعة،
تتأثر الأراضي الفلسطينية بمنخفض جوي مصحوب بكتلة هوائية باردة وأمطار ورياح، ما
تسبب بغرق الآلاف من خيام النازحين في مناطق مختلفة من القطاع، فيما تتوقع الأرصاد
الجوية انحساره مساء الأحد. إلى جانب ذلك، فقد حذر الدقران من خطر انتشار المزيد
من الأمراض والأوبئة مع حلول فصل الشتاء وعدم وجود مأوى آمن للنازحين. ولفت إلى أن
هذه المخاطر تتزايد مع انتشار التلوث الناجم عن "اختلاط المياه العادمة
بالمياه الصالحة للشرب".
ولأكثر من مرة،
حذرت بلديات قطاع غزة من خطر تلوث المياه جراء اختلاط المياه الجوفية بمياه الصرف
الصحي، فضلاً عن أثر التلوث الناجم عن تكدس النفايات في مكبات عشوائية في القطاع،
حيث يعيش 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة واقعاً مأساوياً جراء تداعيات حرب الإبادة
الجماعية التي استمرت لعامين، وحولتهم إلى فقراء وسط ظروف إنسانية قاهرة تنعدم
فيها مقومات الحياة ويواجهون خلالها صعوبة في الوصول إلى الأساسيات.