غزة - أحمد الكومي

على نحو مفاجئ، أُعلن عن زيارة لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنيّة، على رأس وفد رفيع من الحركة من قطاع غزة، هي الأولى له بعد انتخابه رئيساً لحماس.
تأتي الزيارة في لحظة الاختبار للعلاقة مع مصر، والوعود بانفراجة كبيرة بعد عيد الأضحى للأوضاع في قطاع غزة عبر بوابة معبر رفح البري، التي ستُظهر إما نضوج الانعطافة نحو النائب محمد دحلان، أو علو كعب رئيس السلطة أبو مازن الذي راهن على أن المعبر لن يفتح بشكل طبيعي «إلا بوجود الشرعية».
لا تبدو المهمة سهلة أمام حماس في ظل الضغوط التي تمارسها أطراف الخصومة لمنع الحركة من تسجيل أي انجاز أو إحداث ثغرة في جدار الحصار، وبالتالي، فإنه يمكن التنبؤ بأجندة الوفد الزائر إلى القاهرة، التي تتضمن أربعة ملفات هي:
أولاً: العلاقة الثنائية مع مصر، على ضوء التطورات الأخيرة المتمثلة في زيارات الوفود من قطاع غزة إلى القاهرة، وعلى رأسها زيارة رئيس حماس في غزة يحيى السنوار على رأس وفد أمني كبير، تمّ خلالها بحث العلاقة في إطارها الأمني، ومدى إمكانية استثمار هذه العلاقة في التخفيف من جدوى إجراءات أبو مازن ضد غزة، تبعها زيارات لوفود حكومية واقتصادية بحثت تنفيس الحصار. وعليه، فإن المهمة الأولى للوفد تأتي في إطار التأكيد على الزيارات السابقة للحركة، كما أن تخصيص القاهرة بأول زيارة لرئيس المكتب السياسي لحماس يؤشر إلى الموقع المهم للقاهرة في الملف الفلسطيني بكل أجنداته، مع أهمية الإشارة إلى أن آخر زيارة لهنيّة إلى القاهرة كانت بتاريخ 23 كانون الثاني الماضي، وأكد عقب عودته إلى غزة بأن العلاقة مع مصر تشهد «انقلابات نوعية» و«إيجابية».
ثانياً: الملف الأمني والخطوات التي تلي إقامة المنطقة الأمنية على الحدود الجنوبية لرفح، خاصة بعد حادث التفجير الانتحاري الذي ارتقى فيه عنصر أمن من حماس، والذي أكد جدّيّة الحركة والتزامها بوعودها في مجابهة أي أفراد يحاولون العبث بأمن مصر، وأعطى برهاناً كافياً على صدق الخطاب السياسي لحماس الموجّه نحو القاهرة، وتحديداً في ما يتعلق بحرصها على أمنها القومي.
ثالثاً: تخفيف الحصار عن قطاع غزة من خلال الإجراءات الموعودة بتبادل تجاري مفتوح، وفتح دائم لمعبر رفح، واستمرار تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وترجمة هذه الوعود إلى خطوات عملية يشعر بها ويستفيد منها المواطن الفلسطيني. وهذا الأمر يتعلق بنجاح الوفد في تحسين العلاقة مع القاهرة إلى الأفضل، وقطع الطريق على أي محاولات لتخريبها.
رابعاً: بحث أي أفق ممكن في ملف المصالحة الفلسطينية، رغم أن أبو مازن فعل ما تعتبره القاهرة تجاوزاً لها في هذا الملف، بتوجهه إلى تركيا وطلبه من الرئيس أردوغان أن يمارس تأثيره على حماس «والضغط عليها لإنهاء الانقسام». وطرح هذا الملف من وفد حماس يمكن أن يخدم الحركة في إشعار مصر بأهمية موقعها في المصالحة، كما يمكن أن يخدمها في الضغط على أبو مازن للتراجع عن إجراءاته القاسية ضد غزة.
من المهم في السياق الإشارة إلى دلالات مهمة لزيارة وفد حماس إلى القاهرة، في مقدمتها أن الوفد يرأسه هنيّة رئيس المكتب السياسي، الذي خلف مشعل في آخر انتخابات للحركة، مما يُظهر رمزية الوفد، إضافة إلى مشاركة أعضاء من المكتب السياسي في الخارج يتقدمهم نائب الرئيس موسى أبو مرزوق؛ الأمر الذي يرفع المستوى التمثيلي للوفد، ويظهر أننا أمام زيارة مهمة وحساسة للمكتب السياسي لحماس.}