محمد أمين

اغتنم وفد قوى الثورة السورية العسكري الجولة السابعة من أستانة، من أجل تأكيد ثوابت الشارع السوري المعارض، وأبرزها حل سياسي برعاية أممية، يقوم على قرارات دولية تنص على انتقال سياسي جدي من دون وجود لبشار الأسد في السلطة. كما حمل الوفد العديد من الملفات التي سلمها للأمم المتحدة والجانب الروسي، تتعلق بالمعتقلين والمحاصرين من قبل النظام، الذي يواصل خرق اتفاق التهدئة، دون تدخل من الضامن الروسي. فيما أكد مصدر مطلع على مباحثات «أستانة 7» أن المشاركين في المؤتمر لم يتمكنوا من الاتفاق بشأن وثيقة حول تبادل المعتقلين، ولا حول إدخال المساعدات بشكل مستمر للمناطق المحاصرة. وأفادت الوثيقة الختامية للجولة السابعة من مباحثات أستانة بأن الجولة الثامنة ستعقد في النصف الثاني من كانون الأول المقبل. فيما وافقت تركيا وإيران على مناقشة مقترح روسيا بعقد مؤتمر للحوار الوطني السوري في إطار عملية جنيف التي تقودها الأمم المتحدة، وكانت موسكو أعلنت أنه سيعقد في منتجع سوتشي الروسي في 18 تشرين الثاني الحالي. 
وكان لافتاً تأكيد الوفد الأميركي أن مخرجات أي حل سياسي ستؤدي إلى رحيل الأسد من السلطة، وأنه لن تكون هناك إعادة إعمار في سورية دون عملية سياسية شاملة ذات مصداقية ترعاها الأمم المتحدة. كما وضع وفد قوى الثورة العسكري الجانب الروسي أمام مسؤولياته كضامن للنظام، من خلال تقديم ملفات تظهر عدم اكتراث النظام بمخرجات أستانة السابقة، إذ لم يرفع الحصار عن مناطق تحاصرها قواته، خصوصاً في الغوطة الشرقية، التي تعرضت لقصف، يوم الثلاثاء، أدى إلى وقوع مجزرة ذهب ضحيتها 12 شخصاً، بينهم خمسة أطفال ومدرّسهم، جراء استهداف مدرستهم.
والتقى وفد قوى الثورة السورية العسكري، صباح الثلاثاء، مساعد وزير الخارجية الأميركي للشرق الأوسط تيم ليندركينغ، الذي يرأس وفد بلاده في مباحثات «أستانة 7»، إذ أكدت اللجنة الإعلامية لوفد قوى الثورة أن الجانب الأميركي أكد أن واشنطن «لديها إصرار كبير على الحل السياسي، واستبدال المنظومة الحاكمة في سورية مع وحدة أراضيها بكل أطيافها»، إلا أن المسؤول الأميركي أكد أن بلاده لا تضع مسألة رحيل الأسد شرطاً للعملية السياسية، مستدركاً بالقول: «لكن نعتقد أن رحيله هو نتيجة طبيعية لمخرجات الحل السياسي».
ونقلت مصادر في الوفد، حضرت اللقاء، أن الجانب الأميركي أكد «أن الفيتو الروسي لن يغيّر الحقائق، ولا قناعة المجتمع الدولي عن حقيقة استخدام نظام الأسد للسلاح الكيميائي»، مشيراً إلى أن «الصليب الأحمر والأمم المتحدة تجهدان بشكل يومي، للوصول إلى حل شامل لملف المعتقلين»، مطالباً وفد قوى الثورة بالتعاون في هذا المجال. كما طالب الوفد الأميركي المعارضة السورية بالانخراط في العملية السياسية، معتبراً ذلك أمراً رئيسياً وأساسياً. وقال: «على كل الأطراف أخذ دورهم الحالي بمحمل الجدية». كما دعا وفد قوى الثورة العسكري إلى «المشاركة بفعالية في كل اللقاءات والمؤتمرات، واتخاذ قرارات مصيرية ومهمة للوصول إلى الحل السياسي».
ومن موسكو، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن بلاده تؤيد مبادرة السعودية لتشكيل وفد موحد للمعارضة السورية لإجراء محادثات مع النظام السوري. وقال لافروف إن «عملية جنيف بشأن سورية تعثرت طويلاً نتيجة رفض المعارضة السورية إطلاق الحوار والاندماج مع بقية وفود المعارضة، وساهمت محادثات أستانة في تنشيط العملية، التي جرت في نيسان الماضي، ونحن نرحب بهذا لأنه حفز ممثلي الأمم المتحدة على تفعيل الجهود المبذولة لتشكيل نوع من التوافق في الآراء حول المفاوضات المباشرة بين الحكومة وفصائل المعارضة».
وأشارت مصادر في الوفد إلى أن الجانب الأميركي أكد أن «المجتمع الدولي لن يعترف بمنتصر في سورية، ولن تكون هناك إعادة إعمار من دون عملية سياسية شاملة ذات مصداقية ترعاها الأمم المتحدة»، محملاً روسيا مسؤولية الخروقات المتكررة لنظام الأسد لاتفاق التهدئة «بصفتها دولة ضامنة له». إلا أن الوفد الأميركي أشار إلى أن مناطق خفض التصعيد «تشهد انخفاضاً كبيراً وملموساً للعنف»، مؤكداً سعي واشنطن «لوقف الخروقات في بعض المناطق». وأوضح الجانب الأميركي أن واشنطن لديها «تفاهمات مع الروس في دير الزور، بحيث لا تحدث أية تصادمات بين الطرفين»، مضيفاً: «سنشهد نهاية سريعة لداعش في تلك المنطقة». كما أكد الوفد الأميركي أن الولايات المتحدة «لا تدعم تشكيل أي كيان كردي في الشمال السوري، وترى سورية وحدة واحدة»، وفق مصادر في وفد قوى الثورة العسكري. وأعلن المستشار في «الإدارة» الكردية في شمال سورية، بدران جيا كورد، أن موسكو دعت «الإدارة» لحضور مؤتمرها المقترح.
وأشارت مصادر في وفد قوى الثورة العسكري إلى أن الوفد كان واضحاً بتأكيده أنه «لا يمكن منع وصول المساعدات الإنسانية وتأخيرها عن الناس والمدنيين للضغط والمساومة من أجل ملفات سياسية». كما طالب وفد قوى الثورة، وفق المصادر ذاتها، الوفد الروسي بتنفيذ الاتفاق الذي تم توقيعه في أستانة بفتح المعبر الإنساني باتجاه الغوطة بشكل دائم، مشيرة إلى أنه «تم تسليم ملف آخر يتعلق بمجزرة القريتين التي قام بها نظام الأسد بالتنسيق مع داعش، وبصمت مريب للطيران الروسي في المنطقة عن تحركات داعش»، وفق المصادر. كما سلّم وفد قوى الثورة العسكري الجانب الروسي العديد من الملفات، منها ملف يتعلق باستخدام قوات النظام للسلاح الكيميائي في نفق في مدينة الرستن، شمال حمص، «موثق بالصور والشهادات»، وفق المصادر، التي أشارت إلى أن الملف يتضمن دلائل على تورط ضباط روس بكيميائي نفق الرستن، مؤكدة أن الوفد الروسي وعد بتشكيل لجنة للتحقيق في الحادث.
وفي الوقت الذي كانت فيه مباحثات أستانة منعقدة، نفذت قوات النظام مجزرة في بلدة جسرين بالغوطة الشرقية راح ضحيتها خمسة أطفال ومعلمهم، وقد فشلت روسيا في لعب دور الضامن للنظام الذي أراد توجيه رسائل بدم الأطفال في الغوطة الشرقية إلى أستانة، مفادها أنه ماضٍ في الحل العسكري، وغير معني بأي مخرجات لا توافق مخططاته الهادفة إلى إخضاع المعارضة بشكل كامل، عبر تجويع الحاضنة الشعبية لها.}