العدد 1362 / 15-5-2019

خمدت نيران التصعيد العسكري بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في غزة، وساد "هدوء" يخشى مراقبون أنه لن يستمر في ظل مؤشرات تنذر بتصعيد جديد وربما بالحرب.

وشنّ الجيش الإسرائيلي صباح السبت الماضي وحتّى فجر الإثنين، غارات جوية وقصف مدفعي عنيف على القطاع، فيما ردت الفصائل الفلسطينية بإطلاق رشقات من الصواريخ تجاه جنوبي إسرائيل.

وأسفرت الغارات الإسرائيلية عن استشهاد 27 فلسطينيا (بينهم 4 سيدات، و2 أجنة، ورضيعتان وطفل)، وإصابة 154 مواطنا، بحسب وزارة الصحة بالقطاع.

ولكن، ولئن انطفأت نيران التصعيد بعد جهود بذلتها مصر وقطر والأمم المتحدة، فإن دخان مواجهة أشد عنفا، وربما حرب شاملة، بات يتصاعد.

فمنذ اللحظات الأولى لبدء سريان التهدئة، فجر الإثنين، لم تتوقف التحذيرات الفلسطينية والإسرائيلية من أن جميع المؤشرات تنبئ بعودة الاشتباكات من جديد بعد أيام أو أسابيع فقط.

أبرز تلك المؤشرات ترتبط بتمسك الحكومة الإسرائيلية بسياسة إدارة حصار غزة المتواصل منذ 2006، ومحاولة ربح الوقت من خلال المماطلة بتنفيذ تفاهمات التهدئة التي أبرمتها مع الفصائل الفلسطينية بوساطة مصرية وقطرية وأممية.

فرغم وقف إطلاق النار، إلا أن الجيش الإسرائيلي قرر الإبقاء على قواته المنتشرة في تخوم قطاع غزة تحسبا لأي تدهور أمني في الأيام المقبلة، وذلك بإيعاز من رئيس الوزراء وزير الدفاع بنيامين نتنياهو.

والثلاثاء، قال نتنياهو في مستهل اجتماع أمني مع قادة الجيش في المنطقة الجنوبية، إن "المواجهة لم تنته بعد، وإنها بحاجة إلى الصبر والتروي واتخاذ القرارات الحكيمة والصائبة. إسرائيل تواصل استعدادها لجولة مواجهة جديدة".

جولة تصعيد جديدة

وتعقيبا عن الموضوع، قال الكاتب السياسي مصطفى إبراهيم، إن "المواجهة العسكرية الأخيرة بقطاع غزة أثبتت أنه في كل لحظة تتوقف فيها جولة من التصعيد، سيبدأ العد التنازلي لجولة لاحقة أشد قسوة".

وفي حديث للأناضول، اعتبر إبراهيم أن "استراتيجية إسرائيل تجاه غزة تتمثل بمواصلة حصارها والمماطلة والتسويف في تنفيذ أي إجراءات من شأنها أن تخفف من الحصار، أو ترفع الضغط عن حركة حماس".

ورأى أن حالة المماطلة في تنفيذ تفاهمات التهدئة ستزيد من حالة الاحتقان بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، وهو ما سيقود لمواجهة عسكرية أخرى.

وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية ومختلف الأوساط السياسية في إسرائيل سبق وأن أكّدوا أن هذا الهدوء لن يستمر طويلا، لأن تل أبيب لن تلتزم بتنفيذ تفاهمات التهدئة المتعلقة بإدخال تحسينات جوهرية على ظروف حياة الفلسطينيين بالقطاع.

وحول احتمال اندلاع مواجهة واسعة، قال إبراهيم: "إسرائيل تحاول شراء الوقت وتأجيل المواجهة، عبر تقديم وعود بتخفيف الحصار عن غزة والمماطلة بتنفيذها، ولكن عندما تنفذ خيارتها، فإن الحرب بغزة ستكون حتمية".

"المقاومة" غيرت قواعد الاشتباك

الكاتب السياسي، فايز أبو شمالة، كان له وجهة نظر مختلفة قليلا، فهو يعتقد أن إسرائيل ستلتزم بتنفيذ تفاهمات التهدئة مع الفصائل بغزة، وذلك على ضوء ما جرى في الميدان خلال التصعيد العسكري الأخير.

وأوضح أبو شمالة في حديث للأناضول، أن "القدرة العسكرية التي أظهرتها المقاومة بغزة أجبرت إسرائيل على أن تطالب بالتهدئة، وقد تسربت أخبار كثيرة تتحدث عن أن جهاز الشاباك (الأمن الداخلي الإسرائيلي) ورئاسة الأركان بالجيش، هما من أوصيا المستوى السياسي بتل أبيب بالموافقة على شروط التهدئة".

ولئن رجح المحلل السياسي التزام إسرائيل بالتهدئة، إلا أنه لا يستبعد أن تنقلب المعادلة وتندلع مواجهة جديدة، في حال حدثت تطورات من أبرز أمثلتها اعتداء القوات الإسرائيلية على المتظاهرين بمسيرات "العودة" قرب حدود غزة.

لكن هذه المواجهة لن تصل إلى حرب شاملة لأن إسرائيل، وفق ما يرى أبو شمالة، "لا تفكر بالدخول في حرب ستخرج منها فاقدة لهيبتها".

طرح يبدو متناقضا مع تصريحات للأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة، والتي توقع فيها اندلاع حرب كبيرة مع إسرائيل خلال صيف 2019.

وقال النخالة، في مقابلة مع قناة "الميادين": "ما حصل في غزة أخيرا مناورة بالذخيرة الحية استعدادا للمعركة الكبرى التي نراها قادمة".

وأضاف: "هناك محاولات لاحتواء المقاومة وتجريدها من السلاح وانا اعتقد اننا امام معركة كبيرة هذا الصيف".

وشدد على أن "المقاومة لديها الاستعدادات الكافية وقامت ببناء كل توقعاتها وبنيتها العسكرية" وهي جاهزة للدفاع عن شعبها".