العدد 1645 /1-1-2025
وسام حجار

تعيش سوريا مرحلة تاريخية حاسمة، حيث تسعى إلى إعادة بناء نفسها بعد سنوات من الحرب والدمار. في هذا الإطار، يُعتبر الشباب السوري العنصر الأساسي في عملية الإعمار والتنمية، وهم القوة الدافعة لأي نهضة حقيقية. يتعين على الدولة السورية الجديدة، التي تهدف إلى ترسيخ أسس الاستقرار والازدهار، أن تضع الشباب في صميم استراتيجياتها التنموية، إذ يمثلون الأمل في المستقبل وقادرون على قيادة البلاد نحو مرحلة جديدة من السلام والازدهار.

الشباب السوري: طاقات هائلة وأمل في المستقبل

يمثل الشباب السوري، الذين يشكلون نسبة كبيرة من سكان البلاد، الفئة الأكثر تأثرًا بالأحداث السياسية والاجتماعية الأخيرة. ورغم التحديات الكبيرة التي واجهتهم، يبقون مصدرًا حيويًا للطاقة والإبداع والتجديد. لقد أظهروا قدرة ملحوظة على التكيف والصمود في مواجهة الأزمات، سواء داخل البلاد أو في دول اللجوء. هذه التجربة الفريدة تمنحهم خبرات حياتية قيمة، مما يجعلهم أكثر استعدادًا للمساهمة في بناء سوريا الحديثة.

أولاً: تعزيز التعليم والتدريب المهني

يعتبر التعليم ركيزة أساسية لنهضة أي دولة، والشباب هم الفئة الأكثر حاجة إلى تعليم متطور يتناسب مع تحديات العصر. لبناء دولة سورية حديثة قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، يجب على الحكومة وضع خطة شاملة لإصلاح النظام التعليمي بما يتماشى مع احتياجات سوق العمل ومتطلبات المستقبل. ينبغي أن يكون التعليم في سوريا الحديثة متنوعًا وشاملاً، ويشمل التعليم الأكاديمي، المهني، والتقني.

ثانيًا: تعزيز التمكين الاقتصادي للشباب

تُعتبر قضية تمكين الشباب اقتصاديًا من أبرز التحديات التي ينبغي على الدولة السورية الجديدة التركيز عليها، خاصة فيما يتعلق بمشكلة البطالة التي يعاني منها الشباب. تمثل البطالة، وخصوصًا بين الخريجين الجدد، عائقًا كبيرًا أمام نمو الاقتصاد الوطني، كما تؤثر سلبًا على الاستقرار الاجتماعي. لذا، يتعين على الدولة إطلاق برامج دعم تهدف إلى تشجيع الشباب على ريادة الأعمال وإقامة مشاريع صغيرة ومتوسطة.

ثالثًاً: إشراك الشباب في الحياة السياسية واتخاذ القرار

تُعتبر مشاركة الشباب في الحياة السياسية واتخاذ القرار من أولويات الدولة السورية الجديدة، التي تسعى لبناء نظام سياسي ديمقراطي يعكس تطلعات وتنوع الشعب السوري. في هذا الإطار، يجب أن يلعب الشباب دورًا محوريًا في عملية صنع القرار السياسي. إن إشراكهم في الحياة السياسية يعزز من الشفافية والمشاركة، ويساهم في بناء ديمقراطية حقيقية.

رابعًا: تعزيز الثقافة والرياضة

يحتاج الشباب السوري إلى منصات ثقافية ورياضية تتيح لهم التعبير عن أنفسهم وتطوير مهاراتهم في مجالات متنوعة. من خلال دعم الأنشطة الثقافية والفنية، يمكن للدولة أن تلعب دورًا في إحياء التراث السوري وتعزيز المشهد الثقافي المحلي، مما يسهم في تقوية الهوية السورية وتعزيز الوحدة الوطنية.

خامسًا: تعزيز العمل الكشفي والمشاركة المجتمعية

يجب أن يحظى العمل الكشفي باهتمام الدولة السورية الجديدة، حيث يُعتبر أداة فعالة في بناء الشخصية وتنمية مهارات القيادة لدى الشباب. تعزز الحركة الكشفية القيم الإنسانية مثل العمل الجماعي، التعاون، وخدمة المجتمع، وهي ضرورية لتكوين شباب متعاون ومسؤول. من خلال دعم الحركة الكشفية في سوريا، يمكن للدولة أن تسهم في تطوير جيل من الشباب القادرين على مواجهة التحديات الاجتماعية والبيئية.

سادساً: خلق بيئة آمنة ومستقرة للشباب

لا يمكن لأي برنامج تنموي أن يحقق النجاح دون توفير بيئة آمنة ومستقرة. في هذا الإطار، يتعين على الدولة السورية الجديدة ضمان الأمن وحماية حقوق الشباب من جميع أشكال العنف أو التهميش. ينبغي على الحكومة أن تضع تشريعات تحمي الحقوق المدنية والحقوق الاجتماعية للشباب، وتضمن لهم حرية التعبير عن آرائهم وممارسة أنشطتهم السياسية والاجتماعية.

في الختام، يبقى الشباب هم القوة الدافعة نحو النهضة. إن دورهم في بناء سوريا الجديدة لا يمكن التقليل من أهميته. فهم ليسوا فقط القوة العاملة التي ستساهم في إعادة إعمار الاقتصاد والبنية التحتية، بل يمثلون أيضًا القوة الفكرية والاجتماعية التي ستساعد في تشكيل هوية سوريا الحديثة. من خلال تبني سياسات تدعم تمكين الشباب وتعزز مشاركتهم في مختلف المجالات، يمكن للدولة السورية الجديدة أن تبني مجتمعًا حديثًا، ديمقراطيًا، وقويًا.

وسام حجار