بسام ناصر

أطلق ناشطون على موقع التدوين المصغر «تويتر» هاشتاغ «حماس منا ونحن منها» رداً على تصريحات تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، المسيئة لحماس والمتهمة لها، وذلك في كلمته التي ألقاها أمام مؤتمر المعارضة الإيرانية المنعقد في العاصمة الفرنسية باريس مؤخراً.
وقال الفيصل في تصريحاته: «إيران دعمت حركة حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله، وتنظيم القاعدة بهدف إشاعة الفوضى في المنطقة».
من جهتها أصدرت حركة حماس بياناً ردت فيه على اتهام الفيصل لها، جاء فيه: «إننا في حركة حماس نرفض هذه الافتراءات التي لا أساس لها من الصحة، وهي مجافية للحقيقة والواقع، فالقاصي والداني يعلم أن حماس حركة فلسطينية مقاومة للاحتلال الصهيوني داخل أرض فلسطين، وذات أجندة فلسطينية خالصة لصالح شعبها وقضيتها وقدسها وأقصاها».
وأضاف البيان: «إن هذه التصريحات تسيء إلى شعبنا وقضيتنا ومقاومتنا، ولا تخدم إلا الاحتلال الصهيوني، وتوفر له الذرائع لمزيد من عدوانه على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا».
بات واضحاً أن حركة حماس تمثل في عقل الأمة الجمعي، حالة المقاومة الراشدة في مواجهة الاحتلال والعدوان، وهي ثابتة على مبادئها وهويتها، ومحافظة على نسق تديّنها، من غير تبديل ولا تغيير، ولئن كانت ظروف السياسة القاهرة قد أجبرتها على التعامل مع إيران ضمن سياقات معينة ومحددة، إلا أنها حافظت على هويتها الإسلامية السنّية بجدّية وصرامة.
ولا تجد حالة جهادية تكاد تكون محل إجماع مختلف اتجاهات الأمة وتياراتها الفكرية، كما هي في حالة حركة حماس، وهذا ما عبّر عنه مفكرون وأكاديميون وعلماء ودعاة وكتاب في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة خلال اليومين السابقين، فالكل مجمع على تأييد حماس ومؤازرتها، رغم مساحات الاختلاف معها، ومستنكر لإدراجها ضمن المنظات التي توصف بأنها منظمات إرهابية، لأنها تمثل في وجدانهم جميعاً حالة المقاومة الراشدة التي تنجذب إليها غالب اتجاهات الأمة وتياراتها الفكرية والسياسية المختلفة.
حال الأنظمة السياسية العربية، وبعض السياسيين الذين يسارعون إلى اتهام حماس بأنها ذراع من أذرعة إيران في المنطقة، كحال القائل (ألقاه في اليمّ مكتوفاً وقال له** إياك إياك أن تبتل بالماء)، فليتهم تركوا حماس في حالها ولم يشاركوا في حصارها وخنقها، والتكالب عليها، فإن لم يحسنوا إليها ويدعموها ويقفوا إلى جانبها، فليكفوا عن الإساءة إليها، وليمسكوا عن مهاجمتها.
حماس حركة مقاومة إسلامية سنّية خالصة، ومبرّر وجودها حراستها ومحافظتها على مشروعها المقاوم، وهي لا تقوى على حراسة ذلك المشروع إلا بإدامة تغذيته بماء الحياة، دعماً وتدريباً وتسليحاً وإعداداً، وهو ما يعني ضرورة التمويل الدائم، الذي إن توقف تضعضع المشروع المقاوم وانكشف ظهره، وأصبح لقمة سائغة للمحتل الصهيوني الذي يتربص به الدوائر، فأين تذهب حماس؟ ومن أين تستمد الدعم والتأييد والتمويل بعد أن أدار لها غالب الأنظمة من أهل السنّة ظهورهم؟.
تلك الأنظمة السياسية هي التي دفعت حماس دفعا كي تذهب إلى إيران، ولو أنها وجدت عندها ما تريد (وفق شروطها وليس على شروطهم) لما فعلت ذلك، لأن أشاوس أنظمة أهل السنة حينذاك سيوفرون لها ما تريد وزيادة.
حماس حالة إسلامية معتدلة في نسق تديّنها الإسلامي السنّي، وحالة راشدة في المحافظة على بوصلة جهادها ومقاومتها، فهي قد حددت وجهتها بدقة منذ بداية مسيرتها وإلى يومنا هذا، كما عبّرت عن ذلك كله في بيانها الأخير، «وتتبنى الحركة الفكر الإسلامي الوسطي، ومنفتحة على جميع مكونات شعبها وأمتها والعالم، وحرصت الحركة طوال مسيرتها على النأي بنفسها عن أي صراعات أو تجاذبات أو أجندات أخرى».