العدد 1413 / 13-5-2020
الإنقسامات والإنشطارات في تاريخ القوى السياسية
اللبنانية ثابتة من الثوابت التي تكاد تصبح حقيقة تشمل العديد من الساحات السياسية
في العالم . وما يشهده تيار المستقبل أو الإرث السياسي للرئيس الراحل رفيق الحريري
في هذه الأثناء ، شكل من أشكال الإنقسام الذي يبدأ من العائلة وتحديدا بين
الشقيقين بهاء الدين وسعد الدين الحريري . فبعد أخد ورد ونفي وتأكيد استمر لسنوات
صدر في الأسبوع الماضي بيان موقع وممهور بإسم الشيخ بهاء الحريري يطرح بإيجاز رؤية
سياسية منفصلة عن رؤية تيار المستقبل التي يعبر عنها من خلال مواقف كتلة المستقبل
وبيانات المكتب السياسي وتغريدات الرئيس سعد الحريري نفسه . ويؤكد بصراحة ووضوح
وجود نية لدى بهاء الحريري لخوض غمار العمل السياسي في لبنان بشكل منفصل عن شقيقه
سعد الحريري وتيار المستقبل .
لقد غاب بهاء
الحريري عن السمع خمسة عشر عاما ، بعدما حملت الحبكة السعودية - الفرنسية -
اللبنانية الشيخ سعد الحريري الى سدة
الزعامة التي خلفها والده الراحل ، بعيدا عن النجل الأكبر بهاء ، وبعيدا عن السيدة
القوية نازك التي كانت لا تخفي طموحها في تولي هذا الدور الذي قيل أنالرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك كان يرغب في إيلائه اليها . علما أن صمت
بهاء خلال الخمسة عشر سنة الفائتة كان
سلبيا . بمعنى أنه لم يبدي رغبة في التدخل ولم يقدم في المقابل على أي خطوة دعم
لشقيقه الذي تعرض للعديد من الحالات الصعبة . وكان الأمر يقتصر في السنوات الأخيرة
على أخبار غير مؤكدة لبعض المواقف الإنتقادية الموجهة لشقيقه سعد . وقد تواردت هذه الأخبار في بداية
تشرين الثاني من عام ٢٠١٧ تاريخ إحتجاز الرئيس سعد الحريري في الرياض وإرغامه
على تقديم إستقالة متلفزة طعن لاحقا بصحتها . وقد تحدثت المعطيات اللاحقة عن وجود
تناغم ما بين بهاء الحريري وبين بعض صقور تيار المستقبل وفي مقدمهم الرئيس فؤاد
السنيورة والدكتور رضوان السيد . وقد اشتهر الأول بعارضة التسوية الرئاسية التي
حدثت في صيف ٢٠١٦ وأدت الى إيصال الرئيس ميشال عون الى قصر بعبدا وأعادت الرئيس
سعد الحريري الى السراي الكبير . فيما ما اشتهر الثاني بالتركيز على مسؤلية حزب
الله في تراجع النفوذ السياسي لتيار المستقبل ولاحقا لما سمي بالتراجع السياسي
الذي يصيب أهل السنة في لبنان .
وبات
الرئيس سعد الحريري متهم همساً من قبل بهاء بالتهاون الذي يتهمه به علنا رضوان
السيد وعلى إستحياء الرئيس فؤاد السنيورة . وباتت البلايا التي أصابت تيار
المستقبل أثر التسوية الرئاسية معلقة في عنق سعد الحريري ومن ضمنها القانون
الإنتخابي الذي حكم إنتخابات ربيع ٢٠١٨ وما ترتب عليه من تقليص كتلة المستقبل
النيابية من ٣٥ نائبا الى ٢٠ نائباً فقط . والمعروف أن تهمة التهاون السياسي
الموجهة الى سعد الحريري ليست محصورة بفؤاد السنيورة ورضوان السيد وبهاء الحريري
وأشرف ريفي بل إنها تنطلق بالأساس من منابت معسكر الرابع عشر من أذار وفي مقدمهم
الدكتور فارس سعيد والمقربين منه .
لا
يبدو بهاء الحريري قادم كي يقتحم حصون تيار المستقبل مباشرة ، ولكنه يرغب على ما
يبدو من مؤشرات بأن يعتلي صهوة الثورة ما أمكن له ذلك وهو قد أعد فريقا للعمل
متنوع طائفيا واجتماعيا وقد تولى النطق بإسمه نبيل الحلبي الذي يحاول من خلاله
مغازلة بعض العواصم الغربية المتحمسة لنصرة هيئات المجتمع المدني ... أما المغازلة
الأكثر فعالية لتلك العواصم فكانت إشارته الواضحة في بيانه والمتكررة برفض السلاح
غير الشرعي ما يعتبر تعرضا مباشرا لحزب الله .
إذا
كان السفير السعودي وليد البخاري قد سارع الى بيت الوسط مطوئنا الرئيس سعد الحريري
بأن المملكة ليس لديها خيار آخر في لبنان ، فما هي الخلفية الإقليمية لحركة بهاء
الحريري في لبنان ؟ وهل تكرر دولة الإمارات العربية المتحدة مشاكستها على السياسة
السعودية مثلما هو حاصل في جنوب اليمن من خلال الشيخ بهاء ؟
ايمن حجازي