العدد 1444 /6-1-2021
تعايش الساسة اللبنانيون مع تأجيل التشكيل الحكومي
، واقتنع بعضهم وأوهم نفسه وبعض جمهوره أن تأجيل هذا التشكيل الى ما بعد 20 كانون الثاني
أفضل للبلد وللسياسة وللسياسيين اﻷبرار . وباتت المبادرات القليلة المتحركة تسير بتأن
وتؤودة ، وهي مبادرات تقتصر على مبادرة بكركي التي تحاول مد يد العون للمبادرة اﻹفرنسية
التي تعاني ما تعاني من أوجاع وآلام وإرباك واضح للعيان . وبعد أن أخذت مبادرة بكركي
إجازة في موسم عيدي الميلاد ورأس السنة ، جاء التفاقم الجديد في موضوع الكورونا ليساهم
في صرف أنظار الناس عن المعضلة الحكومية المستعصية .
صحيح أن بعض الحكومات السابقة قد استهلكت أوقاتا
أكبر وصلت إحداها الى حدود التسعة أشهر مع حكومة الرئيس تمام سلام التي خلفت حكومة
الرئيس نجيب ميقاتي في نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان ، ولكن الصحيح أيضا أن الظرف
الحالي الذي يمر به إقتصاد البلد ويمر به العالم الواقع تحت تأثير الكورونا ، أخطر
بكثير من الظرف الذي كانت فيه البلاد إبان تشكيل حكومة الرئيس سلام . وإذا كان المدير
العام لﻷمن العام اللواء عباس ابراهيم يعتقد أن المبادرة اﻹفرنسية ما زالت قائمة ،
فإن أوساط بكركي تؤكد أن البطريرك الماروني بشارة الراعي في صدد إستئناف مبادرته الخيرة
والجليلة في قابل اﻷيام . وهو يركز في خطابه على شخص رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس
الحكومة المكلف سعد الحريري ، ويطالبهما بالتحرر من الضغوط الجانبية والخارجية التي يمكن أن يتعرضا لها . وقد بات من
المسلم به أن الرئيسان المشار لهما يمثلان حاليا كل من موقعه شبكتي مصالح متناقضة لا
يوجد من يبحث في خضم تلاطمها الى معالجة أي من هذه المصالح كي تصبح بشكل من اﻷشكال
مصالح مشتركة أو مصالح تتقاطع فيها المواقف .
... لا يوجد نادر
حريري ولا جبران باسيل موديل 2015 ، ولا نهاد المشنوق ولا وفيق صفا . بل يوجد جبران
باسيل موديل 2020 المطل بقوة على إستحقاقات ال 2022 الرئاسية منها والنيابية . في ظل
حديث عن فيتو سعودي ما زال يلاحق نادر إبن
العمة الذي يرجح كفة الحريري الفرنسية على كفته السعودية . وفي ظل عدم وجود رغبة باريسية
في الذهاب بعيدا في مناجزة حزب الله بغية إخراجه من الحلبة الحكومية ، بل إن الفرنسيين
يرون أن بقاء حزب الله في الحلبة الحكومية يساعد في إضفاء أجواء اﻹعتدال والهدوء على
مواقف الحزب الذي ترغب إدارة ترامب والحكم السعودي الحالي في إزاحته من الساحة .
أما نهاد المشنوق الذي كان يمكن له أن يلعب دورا
توفيقيا ، فإنه بعد خروجه من وزارة الداخلية فإنه بدأ يميل نحو التشدد اتجاه جبهة التيار
الوطني الحر - حزب الله في ظل ظرف إقليمي محتدم يغذيه تطرف إدارة ترامب اﻷميريكية وتعززه
حرب اليمن التي جعلت الحكم السعودي يصب جام غضبه على حزب الله الذي يتهم بالتدخل في
تلك الحرب ... لا مكان لوسطاء الخير بين بعبدا وبيت الوسط ... ليس هناك الا المأججون
لنار الخلافات التي تخنق الفرص المتاحة لتشكيل حكومة مفترضة قد تبقى عاجزة عن فعل شيء
ولكنها قد تفلح في إشاعة أجواء نفسية ومعنوية إيجابية ليس إلا . ولا يمكننا في هذا
السياق إشاحة البصر عن اﻷحاديث السارية التي تكشف عن وجود تهديدات حقيقية تمس وحدة
الكيان السياسي اللبناني الذي أكمل في اﻷول من أيلول الماضي قرنه اﻷول أو المئة اﻷولى
من أعوامه المباركة.
إن تدوير الزوايا التي يتقنها البعض في السياسة
اللبنانية تعني في هذه اللحظة السياسية تبديل وتحويل في طبيعة المصالح المتضاربة كي
تصبح مصالح مشتركة قابلة للحياة . والمشكلة لا تكمن هنا في إنعدام من يمتلك فن تدوير
الزوايا وعدم وجوده ، جل ما في اﻷمر أن يتم إطلاق سراح بعض الحاذقين والماهرين ممن أرباب هذه التقنية
... وهي بلا شك تقنية عالية ، وهم عادة ما يكونون رجال ظل . علما أن بعض خبراء السياسة
في لبنان ما زالوا يرشحون اللواء عباس ابراهيم للقيام بهذه المهمة .
أيمن حجازي