العدد 1629 /11-9-2024
أيمن حجازي

مع احتدام المواجهة في جبهة جنوب لبنان وشمال فلسطين ومع استمرار المجازر الصهيونية في قطاع غزة ، وجدت بعض الدوائر الإقليمية والدولية فسحة متاحة لإعادة تحريك موضوع سد الشغور الرئاسي في الجمهورية اللبنانية . وهذا ما أدى الى تحرك الديبلوماسيتان الفرنسية والسعودية والى عقد لقاء بين الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان ونزار العلولا المكلف من قبل القادة السعوديين بمتابعة الملف اللبناني بحضور ومشاركة فاعلة للسفير السعودي في بيروت وليد البخاري . وقد أعلن إثر هذا اللقاء عن إجتماع للجنة الخماسية العربية - الدولية المشكلة من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر من المفترض أن يعقد في العاصمة اللبنانية في قابل الأيام .

وقد تزامن هذا الحراك الخارجي مع حراك جزئي محلي إتخذ شكل التعديل الطفيف لدعوة الرئيس نبيه بري الى الحوار او التشاور ، وترتيبات الجلسة النيابية التي يفترض ان تلي جلسات الحوار المشار اليه وهل هي جلسات بدورات مفتوحة ام أنها مقيدة بالإستمرار والتكرارحتى يتمكن النواب الشطار من إنجار إنتخاب الرئيس في نهاية المطاف . وقد لوحظ أن هذا التعديل الطفيف الذي طرأ على مبادرة الرئيس بري لم يلقى أذانا صاغية من قبل سيد معراب سمير جعجع الذي يمتلك حاليا غالبية الأسهم في الشركة السياسية اللبنانية التي تطلق على نفسها إسم " المعارضة " . وأن أذان الدكتور جعجع ورفاقه تحتاج الى سماعات طبية سعودية او أميريكية قادرة على إيصال طروحات الرئيس نبيه بري من عين التينة في بيروت الغربية الى معراب في محافظة جبل لبنان . وقد أثير السؤال التقليدي حول جدية هذا الحراك وحظه من النجاح ، علما أن ما راج في العام المنصرم منذ السابع من أكتوبر الماضي هو التأكيد على الربط بين الوضع في قطاع غزة وبين الإنتخابات الرئاسية اللبنانية الضائعة . فكيف تغيرت الأوضاع وصار هذا الملف قابل للحلحلة ؟

بعض المراقبين الذين يوسوسون لبعض القوى السياسية اللبنانية المناهضة للمقاومة اللبنانية والفلسطينية ، يرون أن الوضع العسكري في قطاع غزة بات محسوما لمصلحة الإحتلال الصهيوني المباشر وهذا ما يشير اليه القرار الصهيوني بتعيين حاكم عسكري للقطاع . وينتصب في مواجهة هذه الرؤية المتشائمة عدة تساؤلات أهمها :

- ما هو مصير الأسرى الصهاينة الذين ما زال معظمهم في قبضة المقاومة الفلسطينية ؟

- ما هو مصير الأنفاق التي تضم قيادات هذه المقاومة ، والتي ما زالت لغزا مفقودا تغرق في دهاليزها ألوية النخبة العسكرية الصهيونية ؟

- ما هو مصير حرب الإستنزاف الذي وقعت تحت وطأته الآلة العسكرية الصهيونية - الأميريكية المشتركة ؟

-.ماهو مصير المعابر وفي مقدمها معبر فيلادلفيا التي اتقنت حيالها آلة التفاوض التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية وحركة حماس من إحراج الصهاينة وتمكنت بالتالي من جر الطرف الرسمي المصري الى عدم مجاراة الصهاينة في هذا الموضوع ولو شكليا ؟

- ما هو مصير الصواريخ الفلسطينية التي تكرر زياراتها الى العمق الصهيوني بين فترة وأخرى لتنبأ أبناء " شعب الله المختار " بأنهم باتوا من المغضوب عليهم ؟

قد يصح القول أن تحريك الملف الرئاسي اللبناني يستند الى نتائج الحرب على غزة لأنها حرب أميريكية مخيبة للآمال و ميؤوس منها بعد العجز الصهيوني عن تحقيق إنجازات جدية في حلبة الصراع العربي الصهيوني . ويكفي للإستدلال على ذلك أن هذه الحرب تقع في كليتها داخل الكيان الغاصب وليست على تخومه . وهي حرب ينبغي أن تقفل نوافذها المرعبة بأي شكل من الأشكال . ويمكننا الجزم هنا بأن لبنان هو النافذة الزاخرة بالرعب وفق ما ينصح به القادة الأميريكيين شركائهم الصهاينة وفي أكثر من مناسبة . إنه لبنان النافذة المرعبة.

أيمن حجازي