العدد 1417 / 17-6-2020

لا يبدو أن خارطة التحركات الشعبية التي استؤنفت منذ السادس من حزيران الجاري تستحوذ على الزخم المرتجى من قبل القائمين بها ، حيث اعترى تلك التحركات الضعف والهزال على الرغم من خطورة بعض ما حصل فيها . فما كادت أزمة كورونا وإجراءات التعبئة العامة المتعلقة بها أن تتراجع ، حتى تمت الدعوة الى تحرك السادس من حزيران المشار إليه . وهو تحرك بدت بعض القوى المستجدة متحمسة له أكثر من اللازم ، وكان في طليعة هذه القوى ما سمي بالمنتديات التي تلقى رعاية من شقيق رئيس الحكومة بهاء الحريري الذي يبدو متعجلا في معرفة نتائج محاولته لبناء قوة شعبية ملحقة به.

وبرزت بعض القوى الأخرى المندفعة بإتجاه طرح موضوع سلاح المقاومة والقرار الدولي ١٥٥٩ ، وكأنها تريد الإختباء خلف مطالب الحراك الشعبيالذي كان قد انطلق في ١٧ تشرين الأول الماضي . في حين وقفت قوى سياسية معارضة من غير حماسة اتجاه هذه الطروحات وكان في طليعتها حزب القوات اللبنانية وتيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي . كلٌ وفق إعتبارات سياسية خاصة به:

-فالقوات اللبنانية غير راغبة في خوض معركة خاسرة ليس فيها حلفاء جديون ، حيث تيار المستقبل يخشى من التداعيات الإسلامية السلبية لشعار نزع سلاح المقاومة.

-والحزب التقدمي الإشتراكي ليس في وارد تصدر الحراك الشعبي ، بعد أن أعلن أنه غير معني بالسعي لإسقاط حكومة حسان دياب وبعد أن قيل ما قيل عن علاقة وزيرة الإعلام في حكومة حسان دياب منال عبد الصمد بالحزب التقدمي الإشتراكي وبالنائب تيمور جنبلاط.

-أما تيار المستقبل الذي يطمح دوما للعودة الى السراي الكبير في لحظة سياسية قد تأتي في المستقبل القريب ، فإنه لا يريد توسيع الشقة مع حزب الله وفريق الثامن من أذار.

وهذا ما أفقد الحراك الشعبي قوى أساسية داعمة له ومنخرطة في تحركاته ، هي القوى السياسية التي كانت مشاركة في حكومة الرئيس سعد الحريري التي استقالت مع بداية الحراك الشعبي في الخريف الماضي . أما الحزب الشيوعي اللبناني وبعض القوى اليسارية التي كانت في صلب الإنتفاضة الشعبية منذ إنطلاقتها ، فإنها قد أعلنت رفضها لتحرك السادس من حزيران بعد أن حُشر عنوان سحب سلاح المقاومة وتنفيذ القرار الدولي ١٥٥٩ مع العناوين المطلبية الشعبية المزدحمة . واعتبرت هذه القوى أن تحرك السادس من حزيران يقاد من قبل قوى الثورة المضادة . وقد انضم الى هذا الموقف الرافض لتحرك السادس من حزيران النائب شامل روكز والضباط المتقاعدون الذين كانوا يشكلون أحد أعمدة الحراك الشعبي الذي توقف مع بداية الجائحة الكورانية الأليمة.

إذاً ، تعثر " الحراك " في نسخته الحزيرانية ولم ينجز إلا ما من شأنه زيادة المخاطر المذهبية التي ترتبت على بعض الهتافات المسيئة للرموز الدينية ، وكادت تطيح بالشارع اللبناني عموما وبالشارع المسلم خصوصا . فضلا عن " إنجاز " التوتر الأمني الكبير الذي ترجم تصادما مع الجيش اللبناني في طرابلس ، وتجسد تخريبا وإيذاءً للمحلات والمؤسسات في الوسط التجاري وفي منطقة اللعازارية على وجه التحديد . قابل هذا التعثر ال" ثوري " تعثر حكومي في معالجة معضلة إرتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي وعجز عمليات " الضخ " التي أعتمدت كوصفة ناجعة لوقف إنهيار سعر العملة الوطنية . وذلك بعد أن أثبتت أن السوق السوداء المالية أقوى مما ظن البعض ، وأنها شبيهة بالسوق السياسية السوداء التي تفرض نفسها على الساحة السياسية اللبنانية ، وذلك كي يبقى لبنان حتى إشعار آخر بين تعثرين من العيار الثقيل ... تعثر "ثوري" وتعثر حكومي .

ايمن حجازي