العدد 1669 /25-6-2025

التطورات العسكرية الضخمة التي شهدتها المنطقة ارخت بظلالها على المشهد اللبناني . خصوصا بعد الدخول المباشر للولايات المتحدة الأميريكية في الحرب الإسرائيلية - الإيرانية التي اشتعلت ميدانيا في الثالث عشر من حزيران الجاري . وقد تزامن هذا الأمر مع وصول الوجه الديبلوماسي الجديد الممثل للرئيس دونالد ترامب في لبنان المستر توماس براك  خلفا لمورغان أورتاغوس . وقد شعر بعض المراقبين أن الموفد الأميريكي الجديد يتمتع بنكهة أكثر مرونة وديبلوماسية من أورتاغوس التي كانت توصف أنها محملة على الدوام بالمهل التهديدية . وحيث كان يقال أنها تميل الى الإلحاح في تنفيذ شعار حصرية السلاح بسرعة فائقة .

وينسب لأرتاغوس أنها ربطت بين إعادة الإعمار والتضييق على المقاومة وسلاحها ووجودها . وأنها تناغمت مع القوى السياسية اللبنانية التي كان لها علاقات ما مع الإحتلال الصهيوني في صيف ١٩٨٢ . وقد سعت تلك القوى المحلية الى تغطية مواقفها المتناغمة مع أورتاغوس بالشعارات السيادية المستهلكة والتي ديست تحت وطأة الإنتهاك الدائم للسيادة اللبنانية من قبل الجيش الصهيوني الذي يستمر في عربدته اليومية في أكثر من منطقة لبنانية . ولعل المرونة التي نسبت الى الموفد الأميركي الجديد كانت وليدة الموقف المتأني لرئيس الجمهورية جوزيف عون في معالجة موضوع حصرية السلاح . وقد وصف موقف عون بالعقلانية التي ترفض الجنوح والتطرف اللذين يطبعان مواقف القوى اليمينية اللبنانية المعادية للمقاومة في لبنان وفلسطين . هذه القوى التي تضم تنوعا طائفيا لبنانيا معظمه مسيحي وبعضه إسلامي . وكان هذا التنوع المشار اليه يطمح الى تحقيق غلبة أميريكية - صهيونية في الحرب القائمة كي تنسحب نتائجها على الداخل اللبناني وعلى الخيارات العربية الرسمية الكبرى في المنطقة . وقد كان واضحا أن أماني هذه القوى وتمنياتها تتمثل في إستعادة مرحلة صيف ١٩٨٢ وإسقاط كل ما يناقضها لاحقا ... إبتداء من إسقاط اتفاقية ١٧ أيار وإنتفاضة ٦ شباط ١٩٨٤ وإنتهاء بإتفاق الطائف . ولكن المحصلة النهائية للحرب الأميريكية - الإسرائيلية - الإيرانية لم تتلاءم مع هذه التمنيات والأماني . صحيح أن الكيان الغاصب تمكن من توجيه ضربة قاسية للبنية القيادية العسكرية الإيرانية ، ولكن الصحيح أيضا أن إيران قد تماسكت وردت بقوة وجسارة ونالت من العمق الصهيوني الذي بات يئن تحت وطأة الضربات الإيرانية المتتابعة . هذا في الوقت الذي لم يتبين حجم الأضرار التي أصابت البرنامج النووي الإيراني وتحديدا  موضوع تخصيب اليورانيوم . وقد ترتب على كل ذلك خيبة جزئية أو كلية أصابت قوى اليمين اللبناني المتناغم مع أورتاغوس ومرجعيتها الأميريكية المتحالفة تحالفا مصيريا راسخا مع صهاينة بني إسرائيل .

البعض في هذا المعسكر شعر بالخجل ولاذ بالصمت ، والبعض الآخر آثر أن يعدل لهجته ويختبأ في مواقفه المعادية للمقاومة اللبنانية ، بالحرص على شباب لبنان والأهل المستنزفين في بيئة المقاومة . وفي كل ذلك إستيراد مرتبك للذكاء المحلي المغلف بالوطنية والذي قد يتم التسامح معه او لا يتم وذلك رهن بالمواقف التالية لهذه الأطراف ، ومدى التصاقها أو بعدها أو قربها من مطالب واشنطن وتل أبيب في الساحة اللبنانية . الرهان دوما على الخجل ... الخجل الوطني البديع المتأرجح بين اورتاغوس وبراك من آل ترامب ، منبع الهستيريا الدولية الحديثة .

أيمن حجازي