عبد القادر الأسمر
أسئلة كثيرة يطرحها المراقبون بالتزامن مع مبادرة الرئيس سعد الحريري بلقاء كوادر «تيار المستقبل» في بيروت وصيدا والبقاع وفي طرابلس ومع وفود سير الضنية وعكار بعد لقائه في مآدب الإفطار الرمضانية في بيت الوسط مع الفعاليات البيروتية والسلك الدبلوماسي العربي والأجنبي.
وتتمحور هذه الأسئلة حول الأسباب الموجبة لهذه اللقاءات, التي تشدد على النقد الذاتي كما قال الرئيس الحريري في أكثر من مناسبة، وعلى مراجعة الأوضاع التي أدت إلى اهتزاز الشارع الإسلامي وبوادر انفراط عقده بسبب فقدان الخطاب المركزي وانصراف الكوادر الحريرية عن مداومة لقاء الناس وتلبية مطالبهم الكثيرة التي تتركز بشكل أو بآخر على هشاشة الماكينة الانتخابية في طرابلس والضنية وبعض قرى عكار في الانتخابات البلدية والاختيارية.
وهنا لا بدّ من التمييز بين فئتين من الناس، أولاهما فئة أنصار «تيار المستقبل» وهم المعنيون في الدرجة الأولى بخطابات الرئيس الحريري النقدية. والفئة الأخرى هم الشارع الإسلامي العريض الذي يشعر بأنه مغيب عن الساحة السياسية والحريرية التي يفيد منها فقط المنتسبون إلى هذا التيار، وأنهم يشعرون بأن دورهم ينحصر في اتباع هذا التيار ولاستجابة لنداءاته المختلفة ليصوتوا «زي ما هي» وكفى الله المؤمنين القتال فيرجع الحريريون إلى مكاتبهم ويفرط عقد الشارع الإسلامي بعد أن لبّى النداء وأدى واجبه في المواقف المطلوب منهم أن يؤيدوها ويصفقوا فيها.
ولقد أقر الرئيس سعد الحريري في خطبه الرمضانية على هذه المشهدية التي توضح واقع الشارع الإسلامي ودوره المحصور في عدة استحقاقات وكفى.
وكان الرئيس الحريري قاسياً في نقده أركان تيار المستقبل ويضع نفسه في مقدمة المسؤولين عن انفصام العلاقة بين هذا التيار وبين جمهور المسلمين الذين كانوا النواة الكبرى لانتفاضة 14 آذار والتمسك ببرنامج الرئيس الشهيد رفيق الحريري بحيث شهدت البلاد مرحلة حاسمة امتزج فيها التيار مع الشارع الإسلامي على اختلاف مشاربه وانتماءاته وانفتح بيت الوسط على قيادات إسلامية أكدت ولاءها لهذا التيار وبصورة أدق لشخص الرئيس سعد الحريري الذي اعترف بأنه كان المسؤول عن غيابه عن القاعدة الإسلامية وأنه منفتح على المسلمين كافة ولا بدّ من معالجة هذا الخلل في مسيرة هذه الطائفة ودورها ومواقفها من الأحداث كافة، وكيف يلم شمل الشارع الإسلامي وهذا سؤال عريض يفسح في المجال أمام سهام النقد الموجهة للكادرات الحريرية التي تصنف غير الملتزمين بتيار المستقبل بأنهم أعداؤها وينبغي مواجهتهم في الانتخابات المختلفة وهذا منطق خاطئ لا يحقق لهذا التيار مزيداً من الأنصار وإنما يؤدي إلى بروز منشقين عنه ومناهضة فئة كبيرة من الناس له.
من هنا نرى أنه آن الأوان ليشغل الرئيس سعد الحريري حالة واطاراً يستوعب كل الشارع الإسلامي دون تصنيف «حزبي» ويعمل على تأكيد انفتاح هذا التيار واستيعابه للشارع الإسلامي بكل شفافية وأبوّة.
ولماذا وحدة الشمل؟ وهذا تساؤل بريء وإن كان ساذجاً ولكن يوضح أهمية التفاف الشارع الإسلامي حول قادته الذين يجب أن يسعوا إلى مد يد التعاون في المواقف المصيرية التي تصيب الوطن بكامله ولا ترحم أي فئة مشرذمة ومشتتة, وهذا هو واقع الحال الذي يدعو الرئيس الحريري وغيره ولا سيما الرئيس نجيب ميقاتي, الى التمعّن بهذه التساؤلات التي يطرحها الغيورون على هذه الطائفة وهي: متى وكيف ولماذا ومن المسؤول عن لمّ الشمل الاسلامي في لبنان؟}