العدد 1439 / 2-12-2020

انطلقت في الاسبوعين الماضيين سلسلة مبادرات حوارية لبنانية جديدة من مؤسسات لبنانية وبعضها بدعم من مؤسسات اوروبية ، والهدف وضع أليات عملية من اجل الخروج من المأزق السياسي والاقتصادي والمالي الحالي ووضع خارطة طريق لانقاذ لبنان من الانهيار الشامل .

ومن هذه المبادرات : اللقاء الوطني الشامل في نقابة المحامين الذي اطلق مبادرة شاملة للانقاذ ، المؤتمر الواسع الذي اقامه مركز تموز للدراسات والتكوين بالتعاون مع مؤسسة هانز شيندل الالمانية في جبيل حول اطلاق عقد وطني جديد، التحرك المشترك بين نادي الشرق لحوار الحضارات والمجمع الجعفري للبحوث والدراسات الاسلامية وحوار الاديان من اجل تعزيز السلم الاهلي ودعم خيار الدولة المدنية، سلسلة النشاطات التي يقيمها مركز التعاون وبناء السلام للدراسات بالتعاون مع مؤسسة كونراد الالمانية لاطلاق حوار وطني داخلي، اضافة لمبادرات اخرى يتم التحضير لها من قبل مجموعات ومؤسسات لبنانية متنوعة لمتابعة الوضع اللبناني.

فماهي ابرز الطروحات التي تتضمنها هذه المبادرات الحوارية الوطنية؟ وهل يمكن ان تشكل قوة ضاغطة لانقاذ لبنان ومنعه من الانهيار الشامل؟

مضمون المبادرات الحوارية

يمكن اعتبار المبادرة الوطنية الحوارية (التي اطلقتها نقابة المحامين بالتعاون مع عدد كبير من النقابات والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني والهيئات الدينية) من اهم المبادرات التي برزت مؤخرا سواء بما تضنمته من طروحات اصلاحية او بسبب حجم ونوعية المشاركين فيها ، وقد تضمنت خارطة طريق متكاملة للحل السياسي والاقتصادي والمالي ولاستكمال تطبيق اتفاقية الطائف والدستور ، ورغم بعض الاعتراضات التي وجهت للمبادرة لعدم الاشارة الى سلاح حزب الله او بسبب تبني طرح الدعوة لوضع قانون جديد للانتخابات ، فانها تشكل ورقة عمل متكاملة لحوار وطني واسع.

وبدأ نادي الشرق لحوار الحضارات والمجمع الجعفري للبحوث والدراسات الاسلامية وحوار الاديان سلسلة لقاءات تحضيرية لاطلاق مبادرة شاملة من اجل حماية السلم الاهلي ودعم خيار الدولة المدنية وسيتم التعاون مع العديد من المؤسسات المدنية والحوارية في هذا المجال.

منع الانهيار الشامل؟

لكن هل ستنجح هذه المبادرات الحوارية الوطنية في انقاذ لبنان من الانهيار الشامل ودعم الاصلاح السياسي والمالي وحماية السلم الاهلي؟

اهمية هذه المباردات الحوارية الوطنية انها بدأت تساهم في تشكيل رأي عام لبناني داعم للاصلاح الحقيقي وقيام دولة المواطنة ، وهي تكمل نشاط الحراك الشعبي الذي انطلق في السابع عشر من شهر تشرين الاول من العام الماضي ، وتضاف هذه المبادرات الى سلسلة المبادرات والانشطة التي عقدتها العديد من الهيئات والمؤسسات المدنية والسياسية ، وهي تواكب ما يجري في اطار المجلس النيابي والمؤسسات الدستورية المختلفة.

لكن المشكلة الكبرى التي تواجهها معظم هذه المبادرات تكمن في عدم تحولها الى لوبي وطني ضاغط على القوى السياسية والحزبية من اجل تبني هذه الطروحات وتحويلها الى قوانين او برامج عمل واقعية وفعلية، اضافة الى بروز بعض الانقسامات والتباينات بين هذه الهيئات والمؤسسات.

وقد برز بوضوح خلال المناقشات التي حصلت في مجلس النواب حول مشاريع قوانين الانتخابات النيابية عدم وجود استعداد حقيقي لدى بعض القوى السياسية والحزبية لتبني مشروع قانون جديد للانتخابات بعيدا عن الطائفية والمذهبية، وحصل انقسام اسلامي – مسيحي في هذا المجال ، كما ان عرقلة تشكيل الحكومة وعدم حصول اصلاح مالي ونقدي حقيقي وعرقلة التحقيق الجنائي يكشف خطورة الوضع في لبنان وصعوبة انقاذ لبنان من الانهيار.

لكن الجانب الاخطر في المشهد اللبناني هو تزايد الخوف من عودة الحرب الاهلية او الرهان على حصول حرب جديدة على لبنان تستهدف حزب الله او استمرار تبني الدعوة للتقسيم والفيدرالية ، وكل ذلك يشير لخطورة الاوضاع في لبنان ولا سيما في الاسابيع القادمة ، اضافة لخطورة الازمة المالية والاقتصادية والتي قد تنعكس على الاوضاع الاجتماعية والامنية وتؤدي لانتشار العنف والتوترات الامنية.

وعلى ضوء ذلك ينبغي تكثيف الجهود لحماية السلم الاهلي ومنع البلد من الانهيار وتعاون جميع الهيئات والمؤسسات المدنية والحوارية والنقابية والدينية من اجل ذلك ، كي لا نستيقظ على انهيار جديد للبنان ولا يبقى شيء يمكن اصلاحه او تطويره.

قاسم قصير