العدد 1685 /15-10-2025
بسام غنوم

يخشى كثير من اللبنانيين من تداعيات ما بعد إتفاق غزة ومؤتمر شرم الشيخ على الوضع في لبنان، سواء من الناحية السياسية وقبل ذلك من الناحية الأمنية حيث يعتقد الكثيرين أن العدو الاسرائيلي بعد الإعلان عن انتهاء الحرب في غزة ، سوف يتفرغ للجبهة اللبنانية ، وفي هذا الإطار يقول وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة ان "السلام في لبنان قصّة كبيرة بسبب غياب التوافق ووجود شعور عامّ أنّ لبنان لا يمكن أن يكون مبادر الى هذا الأمر٬ ومع احترامي لاعتزاز اللبنانيين في وطنهم- ما حصل في غزة فاق التصوّر ونحن في لبنان لسنا المسرح الأساسي".

ويعكس هذا الموقف الشعور العام لعامة اللبنانيين الذين كانوا يعتقدون في السابق أن لبنان هو العقدة الاساس في الشرق الأوسط ، وأن لا حلول في المنطقة دون لبنان ، ولكن بعد المتغيرات التي فرضها العدوان الاسرائيلي على لبنان في آواخر العام 2024 ، وسقوط نظام المجرم بشار الأسد في سوريا ، وبعد معركة طوفان الأقصى ، أصبح لبنان مجرد تفصيل صغير في مشاكل المنطقة بكل ما في الكلمة من معنى ، مع الإعتذار من اللبنانيين الذين مازالوا يعتقدون أنهم محور العالم.

ويعكس الخلاف القائم حاليا في لبنان حول موضوع سلاح حزب الله هذه الحقيقة السياسية والعسكرية ، ففيما تريد الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله استجابة للمتطلبات الدولية والعربية من أجل بناء الدولة بعد كل ما جرى ويجري حاليا في المنطقة ، يرفض حزب الله والثنائي الشيعي هذا الأمر بالمطلق تحت حجة أن سلاح المقاومة هو لحماية لبنان من العدو الاسرائيلي ، وأيضا لحماية حقوق الطائفة الشيعية في لبنان.

هذا المنطق السياسي الذي يتبناه الثنائي الشيعي حاليا أدخل موضوع سلاح حزب الله في الحسابات الطائفية والمذهبية ، ولم يعد قضية وطنية يجمع عليها اللبنانيون ، ولعل هذه النقطة بالذات هي نقطة الضعف الرئيسية في دفاع حزب الله عن سلاحه ، لأن أكثرية اللبنانيين لم تعد ترى في هذا السلاح أنه لمقاومة إسرائيل وللدفاع عن لبنان ، بل أصبح قضية تخص حماية حقوق طائفة معينة من اللبنانيين ، وهذا ما لايمكن القبول به تحت أي إعتبار من الإعتبارات.

واللافت في هذا الإطار هو أن الإدارة الأميركية والرئيس ترامب شخصيا يولون الملف اللبناني إهتماما خاصا ، وخصوصا فيما يتعلق بنزع سلاح حزب الله ، وهو تناول في خطابه أما الكنيست الاسرائيلي الملف اللبناني، معلناً عن «تدمير «حزب الله»، ودعم الرئيس اللبناني في مهمّته لنزع سلاح الكتائب الإرهابية لـ«حزب الله» وبناء دولة مزدهرة».

وهذا الموقف الذي أعلنه الرئيس ترامب يفرض على الحكومة اللبنانية والقوى السياسية اللبنانية المسارعة إلى دراسة الحلول اللازمة لتجاوز ما يمكن أن يحدث في لبنان إذا أصر حزب الله على رفض قرار الحكومة بتسليم سلاحه للدولة اللبنانية ، خصوصا أنه بعد إتفاق غزة ومؤتمر شرم الشيخ أصبحت هوامش المناورة السياسية التي تستهوي اللبنانيين ضيقة جدا ، وقد يدفع لبنان ثمنا غاليا إذا حاول أن يستثمر في هذا الموضع ، ويسود اعتقاد كبير عند اللبنانيين حاليا أن الدور قادم على لبنان لامحالة إذا استمرت الأمور على هذا المنوال لناحية المراوحة بالنسبة لموضوع سحب سلاح حزب الله.

ومما يزيد مخاوف اللبنانيين حاليا هو النمط المتصاعد في عمليات العدوان الاسرائيلي على لبنان ، والذي بدأ يتخذ في الأيام الأخيرة صفة إستهداف المنشآت المدنية كما جرى في منطقة المصيلح حيث تم استهداف معارض للآليات الثقيلة المخصصة للبناء ، بحجة أنها معدات هندسية تابعة لحزب الله ، وهو مايزيد من مخاطر تفجر الوضع في لبنان تحت أي ذريعة من الذرائع التي يريدها العدو الاسرائيلي.

وفي هذا الإطار قالت مصادر ديبلوماسية غربية أن : " التصعيد ممكن في أي لحظة، طالما أنّ اتفاق وقف إطلاق النار لم يُحترَم من قِبل كل الأطراف " ، وهو ما يفتح الباب أمام إحتمالات التصعيد إذا لم يتم المبادرة بسرعة إلى حل موضوع تسليم سلاح حزب الله إلى الدولة اللبنانية .

بالخلاصة لبنان على مفترق طرق بعد إتفاق غزة ومؤتمر شرم الشيخ ، وعلى الحكومة اللبنانية وحزب الله المسارعة إلى إيجاد حل لموضع سحب السلاح بما يضمن حماية لبنان واللبنانيين حتى لا يدفع لبنان لاحقا ثمنا باهظا لاقدرة له عليه.

بسام غنوم