العدد 1671 /9-7-2025

يسود جو من الترقب الحذر في الساحة اللبنانية بإنتظار ماستؤول عنه اللقاءات التي أجراها المبعوث الأميركي توم براك مع المسؤولين اللبنانيين هذا الاسبوع الذين اعدوا ردا على الرسالة الاميركية التي سلمها لهم قبل حوالي الأسبوعين ، ونقل عن المسؤولين اللبنانيين أنّ ورقة الموفد الأميركي توم براك لم تتضمن مطالب أميركية وإنما مجموعة أسئلة طلب من الرؤساء الثلاثة أجوبة عليها، وفحواها يتعلق بالموقف من إسرائيل، وماذا سيفعل لبنان في شأن سلاح "حزب الله" الذي يدور بحث في شأنه بين رئيس الجمهورية وممثلين لقيادة الحزب، وكيف ستكون علاقة لبنان مع سوريا في ظلّ السلطة الجديدة فيها، وما هو مصير الإصلاحات المالية والاقتصادية والإدارية غيرها التي وعدت الحكومة بإجرائها.

وقد اثارت الرسالة الأميركية للبنان الكثير من الجدل سواء لناحية مضمونها ، او لناحية اعتبارها بمثابة رسالة تهديد للبنان في حال لم يلتزم بما هو مطلوب منه خصوصا لناحية تسليم سلاح حزب الله للدولة اللبنانية.

وزاد اللغط السياسي في لبنان حول الرسالة الأميركية بعد تلكأ الحكومة اللبنانية في الاجتماع وتقديم جواب رسمي عليها بإسم الحكومة اللبنانية ، وبدلا من ذلك تم تشكيل لجنة ثلاثية من ممثلين للرؤساء الثلاثة عون وبري ونواف سلام لصياغة رد لبنان على الرسالة الاميركية ، وزاد الطين بلة انتظار الرؤساء الثلاثة رد حزب الله على مضمون الرسالة الأميركية ، وهو ما اعتبر بمثابة سقطة سياسية للحكومة اللبنانية التي يفترض ان تكون صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في هذا الموضوع ، علما أن حزب الله وحركة أمل ممثلين بخمسة وزراء في الحكومة اللبنانية وهو ما يسمح بمعرفة رأيهم بالموضوع دون الرجوع الى صيغة الترويكا القديمة التي تجمع الرؤساء الثلاثة والتي كانت تختزل القرارات في السلطة اللبنانية على حساب المؤسسات التنفيذية والتشريعية والتي كانت أحد اسباب ترهل الدولة ومؤسساتها الشرعية الرسمية.

وبالعودة الى زيارة الموفد الأميركي الى لبنان لمعرفة الرد اللبناني على الرسالة الأميركية يمكن تسجيل الملاحظات التالية :

-الحكومة اللبنانية مربكة ففيما أنّ الردّ اللبناني الرسمي يؤكد الالتزام بتنفيذ قرار حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية ويطلب الضغط على إسرائيل لسحب قواتها من النقاط المحتلة جنوبًا، علمًا أنّه لا يتضمّن جدولًا زمنيًا لنزع السلاح لأنّ هذه المسألة ستكون لاحقًا ضمن آلية تنفيذية تعمل عليها الحكومة، بحسب المصادر.

يقول حزب الله بغير ذلك فقد أبدى الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في كلمة له خلال مراسم عاشوراء استعداد الحزب للتفاهم والدخول في حلول سلمية لبناء الدولة مشترطاً التزام الاحتلال بتنفيذ ما سمّاها الشيخ قاسم المرحلة الأولى وهي الانسحاب من المواقع المحتلة وإطلاق الأسرى ووقف الاعتداءات والشروع في الإعمار.

-الأدارة الأميركية التي تتابع بشكل يومي الوضع في لبنان والنقاشات والمواقف الصادرة حول الرسالة الأميركية للبنان ، استبقت زيارة توم براك برسالة تهديد اسرائيلية للبنان وحزب الله على حد سواء تمثلت بسلسلة غارات على مواقع لحزب الله في الجنوب والبقاع ، وهو ما أثار خوف اللبنانيين من تجدد العدوان الاسرائيلي على لبنان في حال لم يتم الاستجابة للمطالب الأميركية وخصوصا في موضوع تسليم حزب الله سلاحه للدولة اللبنانية ، وبعد زيارة براك الى لبنان والتي التقى فيها الرؤساء الثلاثة صدر عنه عدة مواقف بارزة ومنها : قوله من القصر الجمهوري: «دبّروا رؤوسكم. نحن أتينا لنساعدكم وندعوكم إلى الشرق الأوسط الذي سيتغيّر، فيكم وبلاكم. فإذا رفضتم المساعدة، اصطفلوا».

وأضاف : «حلّوا مشكلاتكم بأنفسكم، كطوائف ومذاهب، و«حزب الله» منكم وفيكم. دبّروها بين بعضكم».

وهو ما تم تفسيره بالتالي :

1- هو شرعن إطلاق يَد إسرائيل في تنفيذ قرار وقف النار كما تريد، وكما تفعل منذ تشرين الثاني حتى اليوم، في غياب لجنة المراقبة التي يرئسها أميركي.

2- هو مهّد لعزل لبنان عن مسار التغيير الحتمي الذي يشهده الشرق الأوسط، الذي حجزت فيه سوريا الجديدة موقعاً.

أخيرا يمكن القول لبنان على مفترق طرق ، هل يحسم أمره ويوجد حل لموضوع سلاح حزب الله بعيدا عن المواقف الشعبوية التي لا تقدم أو تأخر وبما يتناسب مع سلطة الدولة اللبنانية ، ام يغرق مجددا في الفوضى التي ستؤدي الى خراب لبنان ؟

بسام غنوم