العدد 1394 / 8-1-2020
يعيش لبنان والمنطقة على وقع الزلزال الاقليمي المتمثل
بعملية اغتيال قائد فيلق القدس "قاسم سليماني" في العراق ، وذلك بأمر
مباشر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي اعتبر عملية اغتيال سليماني نقطة
محورية في مواجهة عمليات الارهاب والنفوذ الايراني في المنطقة .
واذا كانت تداعيات ونتائج عملية الاغتيال لم تظهر بعد
حيث تعيش المنطقة على وقع التهديدات المتبادلة بين اميركا وايران والتي يتوقع في
حال وقوعها ان تجدث زلزالاﹰ كبيراﹰ في المنطقة سواء لناحية الوجود الأميركي في
المنطقة او لناحية نفوذ ايران ودورها في المنطقة عموماﹰ وفي العراق وسوريا ولبنان
على وجه الخصوص ، فان لبنان لن يكون بعيداﹰ عن نتائج ما سيجري على الأرض بين
اميركا وايران في الأيام والأسابيع القادمة ، وهو ما سينعكس سلباﹰ على حياة
اللبنانيين لأن نتائج الصراع الأميركي – الايراني في المنطقة أكبر بكثير من لبنان
الذي يعاني أزمات سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية في جزء كبير منها هي من نتائج
الصراع الأميركي – الايراني في المنطقة ، دون ان ننسى الأسباب اللبنانية الداخلية
لكل هذه الأزمات المستفحلة الذي كان فيه للصراعات الأقليمية بين القوى الممسكة
بالسلطة في لبنان الدور الأبرز خصوصاﹰ فيما يتعلق بالصراع السعودي – الايراني في
المنطقة والذي انعكس سلباﹰ على حياة اللبنانيين .
والؤال الذي يطرح نفسه هو : هل يستطيع لبنان وهو يعيش في
ظل حالة الترهل والانقسام السياسي ومواجهة التداعيات المتوقعة لعملية اغتيال قاسم
سليماني ؟
في البداية يمكن القول ان لبنان بدأ يتلقى اولى تداعيات
عملية اغتيال قاسم سليماني على صعيد عملية تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة حسان
دياب.
فبعد ان كانت الأجواء مهيئة لولادة الحكومة الجديدة
والتي تأخذ الطابع التكنوقراطي رغبة من قوى السلطة في الالتفاف على الحراك الشعبي
ومطالبه ، جاءت عملية الاغتيال لتعيد خلط الأوراق من جديد ، فالسيد نصرالله في
كلمة في احتفال تأبين سليماني قال أن "تاريخ الاغتيال فاصل بين مرحلتين في
المنطقة ، وهو بداية مرحلة جديدة وتاريخ جديد ليس لايران والعراق فحسب ، وانما
للمنطقة كلها" ، وهذا يعني أن لبنان حكومة وشعباﹰ بحسب السيد نصرالله معني
بصورة مباشرة بما سيجري في المنطقة بين اميركا وايران ، ولذلك نقل عن مربع سياسي
قوله :"انا في ظل هذا الجو الخطير ، لست على الاطلاق مع حكومة اختصاصيين واي
تسمية اخرى ، بل مع حكومة سياسية بكل معنى الكلمة (مطعمة باختصاصيين) ، وهي ضرورة
تستوجبها التطورات التي حدثت واحاطت باغتيال "قاسم سليماني" .
وبذلك يمكن القول ان عملية تشكيل الحكومة الجديدة دخلت
في مسار سياسي مختلف بالكامل عن الفترة التي سبقت عملية اغتيال سليماني ، وهو ماقد
يفتح الباب الى حكومة مواجهة مع الدول العربية او المجتمع الدولي لأن الباب قد
أقفل على مايبدو للتسويات الاقليمية والدولية والجميع في انتظار الرد الايراني ،
وبالتالي فان الامور مفتوحة على كل الاحتمالات السلبية داخلياﹰ واقليمياﹰ ودولياﹰ
.
لكن هل يستطيع لبنان او بالأحرى هل هو مهيئ لتحمل نتائج
الصراع الأميركي الايراني في المنطقة ؟
بغض النظر عن الحسابات السياسية الداخلية والثراع الرائد
حول الحكومة وشكلها وهو مكايمكن اعتباره نوعاﹰ من الترف السياسي القاتل في ظل
العاصفة الاقليمية المتوقع انفجارها قريباﹰ ، فان لبنان يعيش في ظل انهيار سياسي
واقتصادي ومالي وفي نفس الوقت في ما يشابه العزلة العربية والدولية ، وايضاﹰ في
حالة انقسام طائفي وشعبي لم يسبق لها مثيل ، فالتسوية السياسية بين "حزب
الله" والتيار الوطني الحر والرئيس سعد الحريري اصبحت في خبر كان ، والوضع
الاقتصادي دخل مرحلة الانهيار الشامل بحسب الخبراء الاقتصاديين الدوليين والمحليين
، واذا تشكلت حكومة جديدة بأي شكل من الأشكال من المستبعد حصولها على مساعدات
مالية لانقاذ الوضع الحاصل في ظل الصراع المتفجر في المنطقة ، والانقسام اللبناني
الداخلي بلغ مرحلته القصوا قبل عملية اغتيال سليماني وتفاعل أكثر بعد عملية
الاغتيال ، وبالتالي فان لبنان لا يستطيع ولا يتحمل اية مغامرات سياسية تو عسكرية
قد يرغب البعض في زج لبنان بها في الصراع الرائد بين ايران واميركا والسعودية
والامارات ، وهو ما قد يفجر حرباﹰ أهلية لبنانية – لبنانية بدأت تداعيها في الظهور
خلال محاولات انصار الثنائي الشيعي قمع المظاهرات ، وتحركات اللبنانيين الرافضين
لفساد الطبقة السياسية الحاكمة .
باختصار ، لبنان في قلب العاصفة الاقليمية والدولية التي
تعصف بالمنطقة وان لم يتم تدارك الأمور بالتي هي أحسن ، فان لبنان على موعد مع حرب
أهلية جديدة في المستقبل القريب لا سمح الله .
بسام غنوم