العدد 1456 /7-4-2021

تعيش الساحة السياسية في لبنان في ظل حالة من البلبلة السياسية ان صح التعبير ويرجع ذلك الى غموض وتعقد المشاورات الجارية لحلحلة العقد التي تعترض عملية تشكيل الحكومة حيث مع كل صباح تطلع اخبار عن مبادرة جديدة لحل أزمة تشكيل الحكومة ويجري تداول اخبار ومعلومات عن هذه المبادرة في وسائل الاعلام و في اليوم التالي تخرج مواقف وتصريحات تنفي وجود هذه المبادرة او تلك والسبب في ذلك كما يقول نائب رئيس تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش هو " أن كلام الليل يمحوه النهار" ، وأكد علوش في حديث إذاعي إن «السبب الأهم للتدهور الحالي في لبنان هو وجود قرار سياسي أمني عسكري خارجي، والإشكال الأكبر على لبنان هو (حزب الله)»، ويكشف هذا الموقف حقيقة التعطيل القائم في البلد والذي يعيق تشكيل الحكومة من وجهة نظر تيار المستقبل الذي مازال مصرا على أن المبادرة الفرنسية هي المخرج الوحيد للحل في لبنان ، وفي موازاة موقف تيار المستقبل يبرز موقف الرئيس عون الذي قال ردا على سؤال إثر زيارة معايدة قام بها للبطريرك الماروني بشارة الراعي بمناسبة عيد الفصح، «متى سنخرج من هذا النفق؟» ، فقال عون : «نخرج من النفق الأسود بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من الخارج»، مضيفاً عن مسار تأليف الحكومة: «العُقد تتوالد وعندما نحل عُقدة تظهر أخرى»، وهكذا تضيع المبادرات التي تطرح مخارج للحلول من نفق أزمة تأليف الحكومة في ظل تمسك كل طرف بمواقفه ويغرق لبنان أكثر فأكثر في حالة الانهيار الاقتصادي التي اوصلت أكثر من 50 في المئة من اللبنانيين الى حالة الفقر كما يقول نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج .

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : الى متى سيبقى لبنان واللبنانيون أْسرى الوضع القائم في البلد ؟

تكشف الوقائع ان عملية تشكيل الحكومة امامها عقبات كثيرة سواء على الصعيد الداخلي او على الصعيد الخارجي فعلى الصعيد الداخلي ورغم كل ما يحكى عن مبادرات لحل ازمة تشكيل الحكومة عبر تأليف حكومة من 24 وزيرا على أن تقسم الى ثلاث 8 بحيث لا يملك اي طرف في الحكومة ثلثا معطلا، الا أنه لا يبدو ان هذا الحل سالكا حتى الان والموقف الذي اعلنه الرئيس عون من بكركي بعد لقائه البطريرك الراعي والذي قال فيه ردا على سؤال «متى سنخرج من هذا النفق؟»، فردّ عون قائلاً: «نخرج من النفق الأسود بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من الخارج»، مضيفاً عن مسار تأليف الحكومة: «العُقد تتوالد وعندما نحل عُقدة تظهر أخرى»، وهذا الموقف للرئيس عون جاء بعدما جرى التداول بصيغة الحل القائمة على تشكيل حكومة من 24 وزيرا مما اعطى انطباعا ان الأمور ليست سالكة لهذا الطرح المتداول لحل ازمة تشكيل الحكومة ، وبعد هذا الموقف للرئيس عون سادت اجواء من التشاؤم في الاوساط السياسية لناحية انعدام فرص التشكيل في ظل تمسك الرئيس عون بمواقفه المعروفة من عملية تشكيل الحكومة ، وأكثر من ذلك حاول النائب جبران باسيل استغلال الموقف الذي اعلنه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في مقابلة مع شبكة الCNN الاميركية والذي قال فيه ردا على سؤال عما إذا كانت السعودية مستعدة لدعم رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري "أن المملكة مستعدة لدعم أي شخص في لبنان سيتمكن من تبني أجندة إصلاحية".

وأضاف: "لا نقف خلف أفراد في لبنان، وسنكون مستعدين للوقوف خلف لبنان ما دامت الطبقة السياسية هناك تتخذ خطوات حقيقية لمعالجة المشاكل التي يواجهها البلد". فغرد النائب باسيل على توتير قائلا : "موقف متقدم لوزير الخارجية السعودية يؤكد وقوف المملكة إلى جانب لبنان لا إلى جانب طرف فيه، ورغبتها، كما فرنسا، بدعم برنامج إصلاحي يلتزم به المسؤولون اللبنانيون. فهل يلتزم رئيس الحكومة المكلف والحكومة بالتدقيق الجنائي وبقانون الكابيتال كونترول وبوقف سياسة الدعم الهادرة للأموال؟".

لكن الوزير باسيل وعلى طريقته لم يشر الى قول الأمير فيصل بن فرحان في المقابلة نفسها : "لم يعد الوضع القائم في لبنان قابلا للتطبيق، ولا تشعر المملكة بأنه من المناسب الاستمرار في دعم الوضع الحالي الذي قدم لاعبا غير حكومي، أي "حزب الله"، يتمتع بحكم الأمر الواقع وحق الفيتو على كل ما يجري في البلد ويسيطر على بنيته التحتية الرئيسة.. فيما لا تفعل الطبقة السياسية سوى القليل للتعامل مع التحديات التي يواجهها الشعب اللبناني، سواء كان فسادا أو سوء الإدارة أو مشاكل أخرى"، وهذه المواقف تقودنا الى العقد الخارجية التي تؤخر تشكيل الحكومة وابرزها ربط لبنان من قبل "حزب الله" بالمحادثات الجارية حول الملف النووي الايراني حيث الأمور مازالت معقدة وتحتاج الى كثير من الوقت للوصول الى حلول لهذه القضية في ظل تمسك كلا من الولايات المتحدة الاميركية وايران بمواقفهم المتناقضة وهو ما قد يؤدي الى تفاقم الوضع الاقتصادي للبنان واللبنانيين حيث قال نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج إنه يتعين على لبنان أن يكون على استعداد لتنفيذ بعض التغييرات الحقيقية من أجل الحصول على مساعدات تمويلية دولية، وأضاف بلحاج، في مقابلة مع وكالة "بلومبرغ" للأنباء: "لبنان بحاجة إلى مساعدة نفسه، حتى نتمكن من مساعدته"، مضيفاً: "لسوء الحظ، حتى الآن، لم يكن لبنان مهتماً أو راغباً أو قادراً على مساعدة نفسه".

فهل سيبقى لبنان واللبنانيون أسرى الحسابات الطائفية والمذهبية والتي تربط مصيرهم بالصراعات الاقليمية والدولية القائمة في المنطقة ؟ سؤال برسم الطبقة السياسية الحاكمة التي اوصلت لبنان الى ماهو عليه حاليا.

بسام غنوم