قاسم قصير

في ظل استمرار النقاشات والحوارات السياسية حول «قانون الانتخابات الجديد»، يواجه «تيار المستقبل» عدداً من التحديات التنظيمية والسياسية والمناطقية من أجل الحفاظ على قوته النيابية والشعبية في الانتخابات المقبلة.
وقد نجح التيار في خلال الأشهر الأخيرة في استعادة زمام الأمور واعادة ترتيب أوضاعه التنظيمية، ولا سيما بعد عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان وتوليه رئاسة الحكومة وعقد المؤتمر العام للتيار والعودة الى التواصل المباشر بين القيادة والقاعدة.
التحديات المستمرة
لكن رغم ما حققه التيار من انجازات في اطار حماية الوضع الداخلي، فإنه لا يزال يواجه عدداً من المشاكل والتحديات، التي قد تنعكس سلباً على قوته النيابية والشعبية، بغض النظر عن الصيغة التي سيتم اقرارها على صعيد قانون الانتخابات النيابية الجديد.
ومن أبرز التحديات التي يواجهها التيار اليوم:
1- استمرار الأزمة المالية للرئيس سعد الحريري وانعكاسها على وضع التيار ومؤسساته واقفال معظم مؤسسات الحكومات الاجتماعية والمالية والتربوية، وصرف المئات من العاملين في مؤسسات التيار الإعلامية والحزبية والصحية والأهلية.
2- بروز بعض التباينات الداخلية في خلال المؤتمر العام الأخير وانعكاس هذه التباينات على أوضاع بعض القيادات والمسؤولين ودورهم المستقبلي.
3- النشاطات التي يقوم بها الوزير السابق أشرف ريفي، سواء في مناطق الشمال أو بعض المناطق اللبنانية الأخرى، وسعيه لتشكيل تيار سياسي وشعبي قد يؤدي الى المنافسة في مواجهة لوائح تيار المستقبل.
4- تفكك «قوى 14 آذار» وعدم وضوح التحالفات السياسية والحزبية المستقبلية، وبروز التحالف القوي بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، ما قد يؤدي الى خسارة تيار المستقبل عدداً كبيراً من النواب المسيحيين المستقلين.
5- تراجع العلاقة بين «المستقبل» وبعض «القوى الإسلامية»، سواء بسبب الخلافات السياسية حول الأوضاع في لبنان والمنطقة، أو بسبب بعض الملفات العالقة كالموقف من ملف «الموقوفين الإسلاميين».
وفي مواجهة هذه التحديات، يضع «تيار المستقبل» عدة خيارات لحماية موقعه السياسي والشعبي ومنها:
1- إبقاء قانون الستين المعدل، واجراء الانتخابات على أساسه، ما قد يساعده في حماية قوته الشعبية والانتخابية.
2- التمديد للمجلس النيابي الحالي لمدة سنة أو أكثر، ما يعطي التيار المزيد من الوقت من أجل ترتيب أوضاعه الداخلية والمالية.
3- في حال القبول بقانون مختلط ما بين الأكثري والنسبي، يُعمَل على عقد تحالفات واسعة.
4- رفض القانون النسبي، لأن النسبية ستؤدي الى خسارة التيار لعدد كبير من المقاعد النيابية.
وأما على صعيد معالجة الأزمة المالية، فالرئيس سعد الحريري يتابع جهوده الحثيثة لبرمجة أوضاعه المالية عبر بيع حصصه في البنك العربي في الأردن، ومعالجة أزمة «أوجيه سعودي» وتحصيل مستحقاته المالية في السعودية.
ويراهن «تيار المستقبل» على أن موقعه القوي في الحكومة الحالية سيساعده في إعادة تعزيز دوره الشعبي والسياسي في المرحلة المقبلة.
دور أشرف ريفي وتحالفاته
في موازاة الجهود التي يبذلها تيار المستقبل لترتيب أوضاعه الداخلية والتنظيمية والمالية، يتابع الوزير السابق أشرف ريفي تحضيراته السياسية والشعبية لتكوين تيار جديد قادر على منافسة «تيار المستقبل» في عدد من المناطق. وتروي بعض المصادر المطلعة أن ريفي يحظى بدعم مباشر من بهاء الحريري (شقيق الرئيس سعد الحريري)، وأن هناك علاقة خاصة تربط بين الرجلين، ولأن لدى بهاء بعض الملاحظات على أداء الرئيس الحريري وخصوصاً لجهة دعمه لوصول المهندس جمال عيتاني إلى رئاسة بلدية بيروت، مع العلم أن هناك خلافات سابقة بين عيتاني وبهاء الحريري، إضافة إلى خلافات وتباينات في الرأي بين سعد وبهاء.
ولكن على ماذا يعتمد الوزير ريفي في تشكيل تياره الجديد؟ تقول أوساط مقربة من ريفي: إن هناك رؤية متكاملة على صعيد المرحلة المقبلة، تستند إلى عدة نقاط مهمة ومنها:
1- استمرار مواجهة حزب الله والدور الإيراني في لبنان والمنطقة، وهذه المواجهة تلقى صدى إيجابياً كبيراً لدى العديد من الأوساط الشعبية في الشمال ومناطق لبنانية أخرى، في حين أن تيار المستقبل مضطر  لمهادنة الحزب والتعاون معه في إطار الحكومة الحالية.
2- العمل للتعاون والتحالف مع مؤسسات فاعلة على صعيد المجتمع المدني. وهذه النقطة هي التي أسهمت في النجاح الذي تحقق بالانتخابات البلدية في طرابلس والميناء.
3- التواصل القوي مع الفئات الشعبية وحمل همومها وقضاياها، والسعي لتحقيق انجازات عملية في بلدية طرابلس، ما يعطي مصداقية عالية للمشروع الذي يطرحه الوزير ريفي.
4- التحالف مع قوى سياسية وشعبية (سواء من قوى 14 آذار السابقة أو بعض القوى الإسلامية)، والسعي لتشكيل لوائح انتخابية في معظم المناطق اللبنانية.
ويعبِّر الوزير أشرف ريفي في مجالسه الخاصة عن ارتياحه لوضعه الشعبي والسياسي، ولا سيما بعد أن تحرر من عبء الوزارة، والعودة للتواصل المباشر مع الناس، ولأن ما يطرحه من مواقف وما يتعرض له من تضييق من قبل وزير الداخلية نهاد المشنوق، يُسهم في تعزيز وضعه الشعبي والتفاف الناس حوله.
لكن هل يستطيع الوزير أشرف ريفي منافسة «تيار المستقبل»، وتشكيل حالة سياسية وشعبية فاعلة في الانتخابات المقبلة؟
بعض الأوساط المطلعة على الأوضاع في الشمال والمناطق التي يتحرك فيها ريفي تقول: قد ينجح ريفي في ازعاج «تيار المستقبل» أو الضغط عليه، أما الوصول إلى تشكيل «تيار سياسي - شعبي» في كل المناطق، فهذا لن يكون سهلاً، وهو مرتبط أولاً بقانون الانتخابات الجديد، والتحالفات السياسية والشعبية والحزبية، إضافة إلى الظروف السياسية التي ستجري فيها الانتخابات».
لكن ما يمكن اختصاره ان أمام تيار المستقبل تحديات عديدة في المرحلة المقبلة، وإذا لم يستطع ترتيب أوضاعه الداخلية والمالية وعقد تحالفات تضم قوى شعبية وإسلامية، فإنه قد يخسر العديد من مواقع قواته الشعبية والنيابية، بغض النظر عن أي قانون انتخابات سيعتمد. ولا بدّ من الانتظار بعض الوقت لتقييم مدى صحة هذه التوقعات.}